تكريم القاتل - حافظ البرغوثي

mainThumb

27-01-2015 08:27 PM

لم ولن أشاهد الفيلم الأمريكي البشع "قناص أمريكي" الذي يدعّي مؤلفه كريس كايل في كتاب له انه قتل 255 مقاوماً عراقياً، فيما يقول الجيش الأمريكي إن العدد هو ،160 وبغض النظر عن الرقم فإن الفيلم الذي أخرجه مخرج وممثل أفلام "الويسترن" الكاوبوي كلنت ايستوود وهو يفاخر بالقتل وانه قتل أطفالاً ونساء ورجالاً وهو على بعد ميل مثلاً يدعي انه قتل مقاوماً، وأن رصاصته مثلاً اخترقت مقاومين وقتلتهما معاً فهو "سوبر مان" عصري .
 
مثل هذه الأفلام شاهدناها أيام حرب فيتنام حيث يضفي الأمريكيون طهارة على مجازرهم، ووحشية على من يقاوم وجودهم واحتلالهم وهو ما حدث في العراق، ففي كلا البلدين عاثوا فساداً وقتلا وانهزموا وفازوا من الغنيمة بالاياب . واللافت أن هذا القناص الخناس كان يمارس هواية القتل في مناطق السنة حيث اعترف ضباط أمريكيون لاحقاً بأن قتل المدنيين على الحواجز وفي الشوارع في المدن والقرى السنية خاصة الانبار كان مباحاً ولا تتم مساءلة القتلة على ما يرتكبونه من جرائم، وكان ضابط سابق يعتبر قناصاً بالطائرات من دون طيار ويدعى براندون بريانت وهو مشغل طائرات من دون طيار اعترف أن بلاده قتلت 1600 مدني في العراق وافغانستان بهذه الطائرات لأن مشغليها لم يكونوا يتحرون الدقة عند القصف بل يطلقون النار على ظلال أشخاص، وقد نفهم ان يتقاطر الأمريكيون على مشاهدة الفيلم لأن القتل هو سمة السينما الأمريكية وأي فيلم بلا قتل ودم لا يحظى عادة بالمشاهدة، لكن المثير أن يفاخر القناص بجرائمه ويعتبر من يقاومون الاحتلال متوحشين، ومثل هذه السياسة الأمريكية المتوحشة أفرزت "داعش" واخواتها لأن قادة "داعش" تعلموا وشاهدوا هذه الممارسات الأمريكية وصاروا يقلدونها لاحقاً، فأي جيش احتلالي انما ينمي في جنوده روح القتل وسفك الدماء بدم بارد ويجد تبريرات جاهزة لجرائمه . وقد تباهى جنود "إسرائيليون" مراراً بقتل أطفال فلسطينيين حتى أن أحدهم وهو قناص ويدعى مور اوتروفسكي نشر على حسابه في "تويتر" صورة لطفل فلسطيني تحت منظار بندقيته واضطر إلى اغلاق حسابه لاحقاً، ولم يعرف إن كان أطلق النار على الطفل أم لا . فأي احتلال يجيز لجنوده ارتكاب الجرائم ويمنحهم أوسمة كما حدث مع القاتل الأمريكي كايل الذي سيكافأ فنياً عن جرائمه في هوليوود .
 
ذات سنة جمعت افادات واعترافات عن قناص "واد عيون الحرامية" ويدعى ثائر حامد، والتقينا محاميه وأقاربه لنسج قصته الحقيقية، فقد قام الشاب اليافع بمهاجمة حاجز على طريق رام الله- نابلس أذاق المارة صنوف العذاب والاهانة أثناء مرورهم بسياراتهم، وكان جنوده يتعمدون اذلال الركاب دون مبرر أو اغلاق الحاجز طيلة النهار وانزال الركاب في العراء، فتمكن القناص من قتل الجنود الستة عند الحاجز برصاص بندقية قديمة من الحرب العالمية الثانية "م 1" وأجهز على دورية وصلت إلى المكان ثم على مجموعة من المستوطنين المسلحين حيث قتل 11 جندياً ومستوطناً . . وعندما وصلت سيارة مستوطنين بداخلها امرأة وأطفالها، أشار إليها بالرجوع لأنه لا يريد اطلاق النار على امرأة واطفال، واصاب 9 آخرين في العملية التي وقعت عام ،2002 واعتبرت حتى الآن من انجح العمليات العسكرية ضد الاحتلال ربما لأن منفذها عمل منفرداً من دون مساعدة من أحد حيث اطلق 26 طلقة لم تخطىء أي منها الهدف، لكن بندقيته القديمة تفككت فتركها وعاد إلى قريته القريبة سلواد .
 
المهم في قصة ثائر أنني كتبت مقالاً عند محاكمته حيث وقفت امرأة يهودية خارج المحكمة تطالب باعتباره اسير حرب، وهذه المرأة هي المستوطنة التي أمرها ثائر بالرجوع مع أطفالها حتى لا تصاب بأذى، ولكن بعد نشر المقال اتهم العبد الفقير لله بالتحريض على الارهاب وامتداح ارهابي، مع أننا لم نكتب سوى سياق الحادث وحكاية المرأة فقط، فالاحتلال يريد نزع الانسانية عن القناص الشاب واضفاءها على جنوده ومستوطنيه ويعتبر الاشادة بالعملية باعتبارها عملية عسكرية أدهشت كبار الضباط "الإسرائيليين" وكأنها اشادة بالارهاب . فثمة فرق بين قناص أمريكي مجرم ادعى قتل مقاومين وهو في الحقيقة كان يتسلى بقتل أناس أغلبهم من المدنيين مثلما اعترف قناصة "إسرائيليون" بأنهم قتلوا أطفالا سواء في الضفة وغزة لمجرد التسلية، فثائر لم يكن يتسلى فيما كايل كان يتسلى ويجد دولة تدافع عن جرائمه، واعلام يحييه وجماهير تباركه ومخرج يروي جرائمه في فيلم ومشاهدين يتدافعون لرؤية فيلمه وجوائز اوسكار تمنح له . فالقتل يصير هنا بطولة ومقاومة الاحتلال وحشية! – (الخليج الاماراتية)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد