النجاح ؛ حقيقة أم خرافة ؟

mainThumb

28-01-2015 05:28 PM

الثراء و المجد هما كلمتان جامعتان لكثير من أشكال ما يطلق عليه النجاح . فمن صور المجد حيازة المنصب الوظيفي أو الاجتماعي أو العلمي أو الاعتباري . و إن دون هذه الصور صور ، حتى تتلاشى هذه المكاسب أو بعضها عند أناس فيسمون فاشلين .


إنك إن تأملت وسائل تلك ( النجاحات ) لوجدت أنها محض حظ و رزق ؛ لا مدخل فيها لكسب العبد أبدا ؛ إنما أمر الله بالسعي حفظا لكرامة الإنسان ليس إلا ؛ فكم من مجتهد ما نال في سعيه إلا القليل ، و كم من كسول ما سعى نال الكثير . فإن كنت في شك ؛ تأمل معي وسائل ( النجاح ) و ذرائعه - و التي سأنثرها دونما نظم معين أو تسلسل مراد غالبا ؛ لكن على اعتبار أنه بقدر ما يجتمع منها للمرء يكون مقدار ( نجاحه ) ، ثم احكم بنفسك أحظ ذاك الثراء و ذلك المجد أم هو (شطارة ) :


- السلامتان ؛ البدنية و العقلية .


- الذكاء .


- الجمالان ؛ جمال الصورة و جمال البدن ، و الجاذبية الشخصية التي ذروتها ما يطلق عليه الكاريزما .


- النشأة السوية ؛ من بيئة أسرية مستقرة و داعمة و واعية و مستنيرة ، و من أحوال نفسية هادئة ، و ظروف اقتصادية جيدة ، و اجتماعية داعمة .


- الوعي بخطورة المراحل الحرجة كمرحلتي التوجيهي و الجامعة ، و كمرحلة بدء الحياة العملية و تحديد المسار الوظيفي .


- وجود أناس ذوي حكمة و نصح مسدد حول الناشئ يوجهونه لما فيه صلاح أمره سيما عند المراحل الحرجة .


- اتصاف الإنسان ؛ طفلا و يافعا و شابا و كهلا و شيخا بالطبائع المعينة على النفاذ خلال الصعوبات التي تواجهه في حياته ، و على مواجهة التحديات بأقل قدر من الخسائر . و من أهمها ملكة النشاط و حب العمل ، و كذا ملكة الصلابة و التحمل و القدرة على التماسك و الاهتداء إلى الحيلة حال الظروف الضاغطة .


- كذلك اتصافه بالمواهب التي لا يؤتاها أكثر الناس و تحقق لصاحبها مجدا و ثراء .


هذه بعض وسائل ( النجاح ) و ذرائعه التي يتوصل إليه بها أو ببعضها ، فهل يحق أخلاقيا أن نسمي من وهبها و تمتع بها ناجحا بإزاء من حرم منها ؟! لا يستقيم ذلك عند من رزق الإنصاف ، لكن يقال فلان محظوظ و فلان غير محظوظ أو متعثر عوضا عن ناجح و فاشل ، فهذه الثنائية صورة من صور التمييز على غير أساس من عدل بين الأقوياء و الضعفاء ؛ و بين الواجدين أسباب ( النجاح ) و المحرومين منها .


و لتتضح الصورة مزيد اتضاح لنتخيل الحالة الضد ، و هي وسائل ( الفشل ) و ذرائعه ؛ فهي مقدمات إليه و هو نتيجة لها ، و ما بيد المبتلى حيلة :


- انتفاء السلامتين ، أو انتفاء إحداهما ؛ كليا أو جزئيا


- بلادة الذهن .


- الدمامتان أو إحداهما ، و انتفاء الجاذبية الشخصية أو ضعف وقعها .


- النشأة غير المستقرة ؛ من بيئة أسرية عاصفة أو غير داعمة أو غير مستنيرة ، و من ظروف نفسية أو اقتصادية أو اجتماعية غير سوية .


- غياب الوعي ، و عدم الاهتداء لحسن التصرف لدى حرج المراحل و دقيق المسارب .


- انتفاء وجود من ينصح بخير ، أو انتفاء أسباب الانتفاع بنصحه و إرشاده .


- انتفاء اتصاف الإنسان بالطبائع المعينة على النفاذ خلال الظروف الحرجة الخطرة ، بل ربما يكون مبتلى بطبائع جامحة لا تأتي بخير بل تزيد العواصف شدة و الحريق اشتعالا .


إلى غير ذلك . فما ذنب من حرم أسباب النجاح ؟! و فيم حمد من عوفي من أسباب الفشل ؟!


إن لله تعالى في كل ذلك حكمة بالغة ، فهو سبحانه يبتلي بالمنح تماما كما يبتلي بالمنع . فالمحظوظ بما أعطاه الله يتواضع لله و لعباده ، أو يتكبر و يفتخر كافتخار قارون إذ قال ( إنما أوتيته على علم عندي ) ، و يستأثر بما أودعه الله عنده من حقوق الضعفاء . و غير المحظوظ ممن ابتلى الله بالحرمان يحمد الله و يصبر على الباساء و يسلم ، أو يجزع و يتسخط و يعترض على المقسط سبحانه .


كل ذلك عند الله ، و سيجزي كلا بما قدم و أبدى ، ( في كتاب عند ربي لا يضل ربي و لا ينسى ) .


إنما الحمد الحق للأتقياء ، و المجد المستحق للفضلاء ؛ من أهل الأخلاق الرفيعة و الخصال النبيلة قل نصيبهم من حظوظ الدنيا أو كثر ، و النجاح فقط لمن ينجو من النار و يدخل الجنة (و اولئك هم المفلحون ) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد