تحديات الاضطراب السياسي في المنطقة

mainThumb

24-02-2015 09:34 AM

(1)

لقد وقع أمين عام مجلس التعاون الخليجي السيد الزياني في مأزق سياسي سيلاحقه طوال حياته عندما أصدر في يوم واحد بيانين متناقضين ولا ينفي أحدهما الآخر رغم محاولته في صياغة البيان الثاني ظهر يوم الخميس الماضي.
إن الأخطار السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية محدقة بدول مجلس التعاون الخليجي وتحتاج إلى أمين عام له قدرات سياسية خلاقة وشخصية يحترم الجميع رأيها كما كان بشارة في سابق عده والحجيلان من بعده كانا موضع تقدير من الكل لمواقفهما وقدرتهما على إيجاد الحلول لكل مشكل سياسي.


إن الأمين العام الذي ليس له قدرة على التنبؤ بتلك المخاطر وإعداد الخطط الإستراتيجية لمواجهتها وتقديمها إلى قادة دول مجلس التعاون لتبنيها ليس جديرا بأن يكون أمينا عاما لهذا التجمع الذي يعتبر أكبر وأهم تجمع اقتصادي عربي إن لم يكن دوليا، وأكبر وأخطر موقع جغرافي قد يهدد أمن وسلام العالم إن اختل توازنه السياسي والاقتصادي.


إنه قلب الأرض الأمني اليوم، ومن كل جهاته الجغرافية يحيط به المتربصون، ومن يسيطر على هذه البقعة الجغرافية يسيطر على العالم.


(2)


في صباح يوم الخميس الموافق 19 فبراير الساعة العاشرة بتوقيت الرياض أعلن الأمين العام لمجلس التعاون السيد الزياني رفضة “ للاتهامات التي وجهها مندوب مصر لدى الجامعة العربية إلى دولة قطر بدعم الإرهاب “ وقال الأمين العام إنها اتهامات باطلة تجافي الحقيقة وتتجاهل الجهود المخلصة التي تبذلها دولة قطر مع شقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية لمكافحة الإرهاب والتطرف على جميع المستويات..


وكان هذا بيان حق لا لبس فيه، ومن واجبات الأمانة العامة أن تدافع عن مواقف الدول الأعضاء في هذا البيت الخليجي وألا تنحاز لطرف من خارج إطار المجلس أو من داخله.


ولنبين جوهر الخلاف القطري المصري حول فقرة من فقرات البيان الصحفي الذي صدر عن اجتماع المندوبين الدائمين لدى الجامعة العربية نص الفقرة المتحفظ عليها من المندوب القطري تقول: “الترحيب بالضربة الجوية التي قامت بها القوات الجوية المصرية على الأراضي الليبية“ لكنها لم تتحفظ على حق مصر في الدفاع عن نفسها بكل الوسائل، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، إذا كانت القوات الجوية المصرية التي قامت بالعدوان على ليبيا تحت ذريعة الانتقام من الذين قتلوا 21 مصريا بلا ذنب اقترفوه، وأن (الضربة الجوية لمدينة درنة الليبية كما قال المشير السيسي بالأمس لم تتم إلا بعد تحديد 13 موقعا بدقة كبيرة، فالسؤال لماذا لم تحدد هذه المواقع قبل وقوع الجريمة نفسها وإنقاذ المصريين الذين راحوا ضحية عبثية النظام السياسي في القاهرة ؟ والحق أن ما قامت به القوات الجوية المصرية يعتبر بحكم القانون الدولي عدوانا على سيادة دولة أخرى دون تخويل دولي أو إقليمي، وللتأكيد فإن دولة قطر قد أدانت تلك الجريمة التي قام بها مجموعة من الإرهابيين ضد مواطنين مصريين وأن دولة قطر تقف مع شعب مصر للدفاع عن حقوقه المشروعة ولكنها لا ترحب بانتقام أعمى خارج الحدود المصرية.


النقطة الثانية المتحفظ عليها قطريا تنص على: “التحفظ على رفع الحظر على التسلح“ فإن موقف قطر كان واضحا في الاجتماع الوزاري المنعقد في 15 يناير 2015 بعدم تقوية فريق على فريق آخر ولا يجوز رفع الحظر قبل نهاية الحوار الوطني الليبي وتشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية”.


فما الخطأ في ذلك التحفظ؟ مصر تريد تسليح اللواء حفتر وجماعته المنشقين عن القيادة في العاصمة الليبية طرابلس الغرب، وهذا أمر مرفوض دوليا وليس إقليميا.


الإعلام المصري فقد صوابه وراح يكيل الشتائم لدولة قطر لمواقفها التي أتينا عليها أعلاه، لكن تلك الوسائل الإعلامية المصرية والقيادات السياسية في القاهرة لم تتجرأ أن تقول كلمة واحدة ضد الولايات المتحدة الأمريكية أو الدول الغربية خاصة فرنسا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا الذين لم يؤيدوا العملية العسكرية المصرية ضد ليبيا التي نفذها الطيران المصري، كما أن تلك الدول رفضت وفي مجلس الأمن في الأسبوع الماضي رفع حظر التسلح المفروض على ليبيا وأن المجتمع الدولي يؤكد على إيجاد حلول سلمية للأزمة الليبية كما تفعل قطر.


(3)


أعود إلى مجلس التعاون في الخميس ذاته قبيل الظهر اختفى البيان آنف الذكر من موقع الأمانة العامة الإكتروني، وأصدر الزياني بيانا ينفي ما قاله سابقا وقال: “إن دول مجلس التعاون تؤيد كافة ما تتخذه مصر من إجراءات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية في ليبيا، بعد العمل البربري الذي قام به تنظيم داعش الإرهابي بذبح 21 مصريا في الأراضي الليبية“ وكان حريا بالأمين العام لدول مجلس التعاون السيد الزياني إن أراد العودة عما سبق وأعلنه في الصباح أن يحذف من بيانه الثاني اسم “ ليبيا “ الواردة في آخر الفقرة السابقة. والحق أن الأمين العام لم يكن متوازنا في بيانه الثاني وكأنه لم يقرأ النص الأول ولا الثاني بعناية السياسي المحترف ليختار كلماته بعناية.


(4)


ورد على بعض المواقع التواصل الاجتماعي القائلة إن البيان الأول الصادر صباح الخميس كان واردا من خارج الأمانة العامة وإذا كان ذلك صحيحا فإن البيان الثاني النافي للأول هو حقا أكثر وضوحا بأنه صادر من خارج الأمانة العامة وفي كلا الحالتين يتحمل السيد الزياني مسؤولية الاضطراب السياسي الذي أحدثه.


آخر القول: لو كنت أمينا عاما لمجلس التعاون محل الزياني لقدمت استقالتي فورا وبلا تردد نتيجة لما حدث من اضطراب سياسي مخيف.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد