اليمن .. اشتدي يا أزمة تنفرجي ! عبدالوهاب العمراني

mainThumb

24-02-2015 08:55 PM

عادت الأضواء على المشهد السياسي اليمني والرئيس هادي تحديداً والذي قذفت به الأقدار لسدة الحكم بناء على تسوية جعلت ممن لا يحق له منح حصانة إلى من لا يستحق ، بدليل ان الرئيس السابق لازال لاعب أساسي وهو سبب تعقيد العملية السياسية بل وفشلها منذ خروجه من السلطة  فقد ترك السلطة رسمياً ويضل يعظ عليها بالنواجد من خلال استحواذه على حزب المؤتمر وجعل من هذا الحزب (مسمار جحاء) وكأن المؤتمر قد حقق المعجزات لليمن وليس مقرونا بحالة من الإخفاقات والفشل ، ظل الرئيس صالح منذ مغاردته كرسي الحكم يؤثر على مؤسسات ( الدولة العميقة ) بدأ بالبرلمان مرورا بالجيش وانتهاء بتفاصيل دقيقة في الدولة التي كانت تدين له بالولاء لانتفاعهم فكان يغدق لهؤلاء وقد بدد ثروة البلاد في شراء ولاء عديمي الذمم والمنتفعين.


لقد عاهد صالح أنصاره بأنه سينتقم من خصومة الذي كانوا سببا في ترك السلطة واضاعو حلمه في التوريث ولكن في الحقيقة انتقم من الشعب ، وختم حياته التأمرية بالتحالف مع من شن ضدهم ستة حروب ، والحوثيين بتحالفهم مع سياسي له سجل غارق في الفساد خسروا مستقبلهم السياسي بربط مصيرهم به ، وبدليل ان المجتمع الدولي ودول الخليج تحديدا عرفت مؤخرا انها مخدوعة بالرئيس صالح


خروج هادي من قبضة الحوثيين وتراجعه عن الاستقالة التي كانت تحت ضغوط الحوثين صار لها ما بعدها وقلبت الموازين السياسية لاشك على في المشهد السياسي اليمني بل وحتى مواقف دول الإقليم والمجتمع الدولي والأمم المتحدة ، فقد سارع بن عمر للقاء الرئيس هادي في عدن وغدت محجّاً لساسة وشخصيات يمنية وكذلك دولية ، بعد ان غادرت عدد كبير من البعثات الدبلوماسية الأوروبية وأمريكا واليابان وبلدان الخليج لحقتها مصر والتي لها مواقف ضد الحوثيين لاهتماماتها بالممرات المائية في البحر الأحمر .


بالتاكيد لن يكون هادي اليوم مثلما كان بالأمس منذ تقلده منصب رئيس تمت محاربته من القوى المتصارعة فيما بينها ويجمعهم الحقد على الرئيس هادي أول رئيس جنوبي ليس من الأقلية الزيدية التي حكمت اكثر من الف سنة ، ورغم ان الرئيس هادي قد وصل للسلطة بناء على بتوافق ولفترة محددة ، كان الإصلاح والقبيلة والجنرال المنشق اول من حاول الاستفادة من حكمه الى جانب زعيم الفساد الذي كان له نصف السلطة حسب المبادرة الخليجية ، ومنذ نحو عام بدأ نجم الحوثيين في الصعود الذين استفادوا من ضعف السلطة وتكالب القوى عليها فاستطاعوا نسج علاقات مع خصمهم اللدود صالح لإسقاط هادي وهكذا كان ولكن ليس كل ما يتمناه أنصار الله وانصار صالح يدركونه فقد مشت الرياح بما لايشتهي هؤلاء المهووسون للسلطة والذين استغلوا حنق الشعب على حكوماته المتعاقبة حيث والفساد في اليمن عملية تراكمية منذ عقود ، الإصلاح ركب موجة ثورة فبراير 2011 والحوثيين ركبوا موجة العوز والفاقة والفساد الادراي وضعف الدولة  ، لقد سحب الرئيس هادي البساط من تحت أقدام الحوثيين مرتين في اقل من شهر الاولى عندما قدم استقالته وفاجئهم والثانية عند هروبه لعدن ، بالفعل الحادثين لم تربكهم فحسب بل عكست الموازين وخلطت الأوراق وزاد الاهتمام الإقليمي باليمن


كان مخططهم  ان يصنعوا الإحداث والتطورات بمشيتهم وليس الأحداث التي تسيرهم ومن هنا فقد وقعوا في مأزق المفاجئات وتورطوا في إعلان الانقلاب ، وتتابعت الأخطاء والتي ستجر اليمن لمنزلق خطير قد بدأت مؤشراته تلوح في الأفق


الرئيس هادي يشكل صداع للفاتحين الجدد فما ان انفك من سيطرتهم حتى ساورتهم المخاوف من شعبيته التي استعادها والتأييد الدولي وسيكون هذه المرة  متحررا من الجميع لأنه قد استوعب دروس الاعيب الحوثيين ، المهم انه لازال الرئيس الشرعي لليمن  أمام شعبه والمجتمع الدولي ، فبينما الحوثيين يسيطرون فقط على اقل من ربع مساحة اليمن وكذلك على نحو عشرين في المئة من السكان ، ناهيك عن المعضلات المادية واللوجستية والحصار السياسي والاقتصادي .


ما يدعوا للتفاؤل بأن العزلة السياسة للانقلابيين من قبل معظم الأحزاب اليمنية والخارج الإقليمي والدولي ،  حيث غادرت معظم السفارات الخليجية والعربية والغربية وأمريكا والأمم المتحدة ، وأصبحت دول الخليج أمام امتحان صعب حيث كانت تتباكى على الشرعية والرئيس هادي وتهاجم الحوثيين وصالح ، ولكن هاهو الرئيس الشرعي حرا طليقاً فهذا الفرس وهذا الميدان ومن هنا فقد أصبحوا أمام امتحان اختلاقي وفرصة لتصحيح أخطاء سياستهم السابقة .


اثبت الإحداث ان القوة ليست كل شئ فهتلر كان أمراً واقعا ومسيطر على كل المانيا وأجزاء واسعة من اوروبا رغم انه أتى بانتخابات وبصورة ديمقراطية ولكن رغم ذلك تراجع كل شئ وانتهت أسطورة هتلر ، ومن باب أولى الحوثين في اليمن أنهم فئة قبلية تتصدرها عقلية سلالية مذهبية وتعتبر أقلية داخل أقلية فالمذهب الزيدي لايشكل سوى اقل من ربع السكان ، ولكنهم استغلوا  صراع النخبة العسكرية وضعف الدولة وتواطئ صالح لتجعل منهم رقما اكبر من حجمهم الحقيقي أخرجتهم من كهوف صعدة يفتقدون للخبرة والتجربة والحنكة السياسية فقط جماعة مسلحة مغامرة مهووسة بالسلطة وتنفذ أجندة خارجية ، كما هو معلوم في المشهد السياسي اليمني تتمحور القوة العسكرية والسيطرة لدى الحوثيين وأنصار صالح  وكلاهما ليس لديهم الشرعية والقبول الشعبي ، وبالنسبة للحوثيين بحزب ولا سلطة كما ان الرئيس السابق صالح يفترض انه خارج السلطة ومن أي له كل هذا النفوذ والسلطة ؟


لاشك بأن الأزمة اليمنية قد دخلت فصلا جديدا من التعقيد يضاف إلى فصول اخرى، ومن الصعب حدوث اي تدخل إقليمي ارضي او جوي للقتال الى صالح الرئيس هادي، لجملة أسباب ليس فقط لطبيعة الشعب اليمني القتالية وليس درس إرسال عبدالناصر قواته لليمن ببعيد ، الأمر الاخر ان هذه الدولة حريصة على جنودها فالإنسان غالي عندهم فمن المستبعد قذفهم لمحرقة محققة ، وحتى لن ترسل تلك البلدان اسحله فاليمن متخم بالسلاح سوى الرسمي لدى الحوثيين او صالح او الأسلحة الخاصة لدى الشعب اليمني الذي يعتقد ان حجم الأسلحة الشخصية تعادل ضعف سكان اليمن ، ناهيك على وجود جبهات متعددة في اليمن كالقاعدة والحراك الجنوبي وكلاهما خصماً للحوثي وصالح ، كل هذه المسوغات تجعل اليمن مرشحا لما يجري في كل من العراق وسوريا وليبيا في ان واحد ، ومن هنا فالمشهد اليمني اليوم بحاجة لحشد التأييد الإقليمي والدولي أكثر من أي وقت مضى حتى لا تتحول اليمن الى ليبيا ثانية في أزمتها ليس فقط للصراع بين دعاة الدولة المدنية والإسلام السياسي فحسب بل وخطورة تشكل حكومتين في بلد واحد ، ولكنها ليست مدعاة للخوف فليست الحكومتان ان تشكلت ستكون على غرار شطري اليمن سابقا فمعظم اليمن لازال في فبضة الرئيس الشرعي هادي بينما لم يسيطر الحوثيين سوى اقل من ربع المساحة وكذا نحو عشرين في المئة من السكان.


بوادر تغير وتحول سعودي تجاه اليمن بعد وصول الملك سلمان لعرش المملكة لقد ادركوا أخطاء سياستهم تجاه سوريا بينما إزاء ما يحدث في اليمن فالخطر محدق بالجميع .

*كاتب وسياسي يمني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد