يوم المعلم – د. وصفي النصر

mainThumb

27-02-2015 10:36 PM

أبدأ مقالي هذا باقتباس من منشورات الدكتور محمد نوح:

 

 يقول أحد المستشرقين:
 
إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك خطوات ثلاث هي:
 
1- هدم الأسرة
 
2- هدم التعليم.
 
3- اسقاط القدوات والمرجعيات.
 
لكي تهدم اﻷسرة:عليك بتغييب دور (اﻷم) اجعلها تخجل من وصفها بـربة بيت.
 
ولكي تهدم التعليم: عليك بـ (المعلم) لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
 
ولكي تسقط القدوات: عليك بـ (العلماء) اطعن فيهم قلل من شأنهم، شكِّك فيهم اجعلهم مثاراً للإختلافات حتى لايُسمع لهم ولا يقتدي بهم أحد.
 
فإذا اختفت (اﻷم الواعية) واختفى (المعلم المخلص) وسقطت (القدوة والمرجعية) 
 
عندها تسقط الأمة بسقوط فكرها.
 
إن آثار المعلم واضحة على التعليم والمجتمع، فعلى يديه تتم عملية صياغة الإنسان وتربيته وتطوير مهاراته وتكوين أفكاره.
 
ومهنة التعليم هي المهنة الأم كما صنفها (ألفرد شاندلر) المؤرخ الأمريكي الشهير في قطاع الأعمال وعالم الإدارة الأشهر، كما أنها المصدر الأساسي لبقية المهن، وهي كما يقول (فردريك ماير) المهنة التي من خلالها يحاول المعلمون أن يحددوا وأن يبتكروا وأن ينيروا عقول طلابهم ..وفي هذا الصدد يقول الإمام الغزالي من اشتغل بالتعليم فقد تقلد أمراً عظيماً وخطراً جسيماً..
فالمعلم هو الصانع للطبيب والمهندس والمحاسب والتاجر والقاضي والمحامي والضابط والغفير. وهي المهنة الوحيدة التي يمكن أن نطلق صفة الأب أو الأم على العاملين بها.
 
 إن الاتجاه العلمي في التربية الحديثة يعطي المعلم أدواراً أكثر من مجرد الأداء للمادة العلمية فالرؤية الجديدة للدور المستقبلي للمعلم تنهض على أساس انتقال مركز التفكير والجهد العلمي والفلسفي في العمل التربوي من الاهتمام بالعلاقة الميكانيكية بين المعلم والمتعلمين وبين المتعلمين بعضهم بعضاً داخل الصف إلى الاهتمام بالعلاقة الكلية وما يصاحبها من طاقة إندماجية يحسبانها تعبيراً عن تلاقي الطاقات وتبادل المؤثرات. وفي إطار هذه الرؤية يصبح معلم المستقبل قادراً على تمثل توجهات المجتمع والتغييرات المستجدة ذات الانعكاسات على عمله المهني مثل تعزيز الذاتية الثقافية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتربية من أجل التفاهم والتسامح والتعاون والسلام والمحافظة على البيئة في إطار من الخصوصية الثقافية والحضارية للأمة. وتتضمن أدواراً في هذا العالم المتغير ممارسة مهام جديدة وأدواراً عديدة فهو مثقف ورائد وفيلسوف وممارس للتربية ومقوِّم ومشخِّص للتعلم وللصحة النفسية وموجِّه أكاديمي ومرشد مهني.. وبهذا يعود المفهوم الشمولي الذي دعا إليه الإسلام ومن هنا كان لابد من وجود مميزات وسمات ذاتية يرقى بالإنسان إلى أن يكون في منزلة المعلم فأمثال هؤلاء المعلمين هم الذين يتركون أثراً واضحاً على العملية التعليمية والمعلم المؤثر هو الذي يحب ويلهم ويحفز تلاميذه ويثير اهتماماتهم وحب استطلاعهم وحبهم للتعلم وهو الذي يترك بصماته الواضحة على العملية التربوية.
 
حيث يعتبر المعلم هو محور العملية التعليمية ومن هنا تأتي أهمية الاهتمام به وتطوير مهاراته وإمكاناته بما يتناسب مع دوره الملقى عليه وهو النيابة عن الأنبياء لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: العلماء ورثة الأنبياء والتي عبر عنها شاعر العربية أحمد شوقي بقوله:
 
              قم للمعلم وفِّه التبجيلا           كاد المعلم أن يكون رسولا
 
فإذا كان هذا شأن المعلم وهذه مكانته ورسالته العظيمة فما موقعه من المجتمع؟ لقد كانت له المكانة الرفيعة والمنزلة العالية وكان المعلم محور المجتمع وليس المدرسة وحدها لكن هذا الدور تراجع كثيراً في السنوات الأخيرة مما دفع إلى بحث مكانة المعلم في المجتمع.
 
وحين تراجعت مكانة المعلم في معظم الدول أصدرت منظمة الأمم المتحدة توصية عام 1966 بشأن مكانة المعلم لكن هذه التوصية بقيت حبيسة الأدراج حتى عام 1984 حين تشكلت لجنة من منظمة العمل الدولية ومنظمة اليونسكو قامت بتطوير الوثيقة ونشرها وقد ركزت الوثيقة على ما يلي:
 
1- أهمية مكانة المعلم من خلال إعداده وتهيئته.
 
2- إن مكانة المدرسين يجب أن تكون متساوية مع حاجات التربية.
 
 
3- أهمية مهنة التعليم باعتبارها صورة من صور الخدمة العامة التي يحتاج القائمون عليها إلى مهارات خاصة.
 
4- حقوق المعلم.            
 
5- تحسين ظروف العمل. 
 
 
6- إشراك المعلمين في إقرار السياسة التعليمية.
 
هذا من الناحية النظرية أما من الناحية العملية فقد مرت أكثر من أربعين سنة على صدور التوصية الدولية من غير تحقيق الأغراض المقصودة ومن هنا أصبح لزاماً علينا البحث عن معالجات واضحة في أسباب هذا التدهور الذي وصلت إليه مكانة المعلم وما يمكن أن تقوم به مؤسسات المجتمع كافة.
 
إن رؤية المجتمع نحو المعلم يجب أن تنطلق مما يلقاه المعلم من مؤسساته الرسمية التي يجب عليها أن تعيد النظر في هذه المكانة. وإذا أريد للتعليم أن يكون بالغ الأثر لابد أن يعاد النظر في النواحي المعنوية والمادية المتعلقة به. إن أي حديث عن إعادة المكانة الاجتماعية للمعلم في غيبة ما يمكن أن تقوم به المؤسسة المباشرة للمعلم إنما هو ضرب من ضروب الخيال، فإذا كانت المؤسسة ذات العلاقة غير قادرة على ذلك فإن غيرها أعجز!!!!.
 
إن دور المعلم ومكانته ليسا بالأمر الذي يمكن أن تساهل به أو نتنازل عنه ونحن الآن في القرن الحادي والعشرين وهو عصر يتسم بتعزيز مكانة الإنسان وفق دوره ورسالته في الحياة، والمعلم في مقدمة من يعزز ذلك فإذا أفقدناه هذه المكانة فإننا لا نستطيع أن نعزز دور الإنسان في المواقف الأخرى فهل نحن فاعلون؟؟؟؟!!!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد