النساء بين داعش والقاعدة - أحمد الحناكي

mainThumb

28-02-2015 08:11 PM

هناك أوجه تشابه كثيرة بين التنظيمين الإرهابيين «داعش» و«القاعدة»، وكذلك أوجه اختلاف، إلا أن منحاهما وهدفهما في المحصلة هو التدمير والهدم والعنف والهمجية والولوغ في دماء الأبرياء. غير أنهما وكونهما ينطلقان من عقلية جامدة متخلفة من دون إبداع أو تفكير فإن سهولة اختراقهما وتفتيتهما من الداخل واردة وحدثت بمواقف عدة.
 
من نقاط الضعف التي يشترك بها هذان التنظيمان هو النهم المبالغ به للجنس، ومن ثم هذا الشعور للنساء، وهو ما يجعلهما يندفعان إلى القيام بأمور لا تخطر على البال؛ في سبيل تحقيق هذه الرغبات.
 
استطاع المحرضون من قادة التنظيمات الإسلامية المتطرفة أن يستغلوا هذا الضعف في المراهقين والشباب، موهميهم بأن الحور العين هي من سيكون باستقبالهم بعد عملياتهم الانتحارية أو الإرهابية في حال موتهم (على اعتبار أنهم شهداء بحسب ما أقنعوهم).
 
«داعش» اتخذ نمطاً آخر في الترغيب عندما عمدت إلى سبي فتيات مسلمات كن أم مسيحيات وتقديمهن وجبة ساخنة لهؤلاء الشباب، وهو ما يوضح أنهم لا يأبهون لا لدين ولا لأخلاق، فمن ناحية هم يتصرفون من دون تفويض من حاكم أو مفتٍ، ومن ناحية أخرى ففي الإسلام لا يتم سبي المسلمات ومن ناحية ثالثة انتهى عهد السبي منذ أن انتهى ما يسمى حرب الديانات وانتشارها وأصبحت الكيانات تتكون دولاً وليس دياناتٍ.
 
وقد كتب الأستاذ عبدالرحمن الراشد مقالة رائعة عن سبايا داعش ذكر فيها: (أما مقاتلو تنظيم داعش فلا يخجلون من التصريح باستغلالهم النساء، ويعتمدون في دعايتهم على بث أخبارهن معهن، مقاتلات، أو أسيرات. نراهن إما مربوطات بحبال، أو تارة يرفعن الأسلحة، من وسط آسيا أو أوروبا أو عربيات. ومثل السعوديات، يفاخر هؤلاء بنجاح بعضهن في التسلل هرباً من بلدهن ومعهن أطفالهن.) .(3/11/2014 –الشرق الاوسط ).
 
وعندما ذكرت في بداية المقالة سهولة الاختراق فعلى اعتبار أن هاجس المرأة على سبيل المثال ليس من العوامل التي كانت ترتبط ببعض الرموز الثورية على مدار التاريخ، فكثير منهم كان يضحي بمفهوم العائلة والزوجة والحبيبة؛ في سبيل ألا يكونوا عائقاً أمام أهدافه. في المقابل نرى المحسوبين على «القاعدة» و«داعش» يتزوجون بأكثر من واحدة، وهو أمر يثير الدهشة من قيادات تعودت في العمل تحت الأرض وتختبئ في الملاجئ والكهوف.
 
وقد نشرت صحيفة «الحياة» في 19-8-2014، تقريراً عن كتاب ألفه دانمركي جندته الاستخبارات الأميركية وفيه: (يكشف كتاب ألَّفه عميل دنمركي «مزدوج» اعتنق الإسلام وتحول «جهادياً» أن رغبة الإرهابي في تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الأميركي المولد أنور العولقي في الاقتران بزوجة ثالثة فتح الباب على مصراعيه لوكالة الاستخبارات الأميركية لتطبخ عملية اغتياله على نار هادئة، من خلال الزج بشقراء كرواتية تشبه الممثلة الحسناء غوينيث بالترو في الـ32 من عمرها لتراسله عبر «الإنترنت»، وتنصب له الفخ الذي دفع حياته ثمناً له.
 
المفارقة أن العولقي كان متزوجاً من اثنتين من اليمن وعندما أراد الزواج قال لستورم أريد الزواج ببيضاء مسلمة من أوروبا، معللاً الأمر كون زوجتيه لا يستطيعان أن يتحملا حياته المليئة بالمصاعب والتخفي والتنقل. طبعاً حديثه مليء بالتناقض فمن الذي سيصدق أن الأوروبية ستتحمل ما لم تتحمله اليمنيات؟ كما كان من الغرابة بمكان أن يسلم رقبته للدنمركي مورتن ستورم رغماً عن أنه كان يرى فيه جهادياً، ليس هذا فحسب، بل ويطلب منه اختيار زوجته (وهو ما يوضح تلك النظرة الدونية للمرأة) وكأنها سيارة أو شقة أو أثاث منزل.
 
ولكي نعرف الفارق بين من نذر نفسه لقضيته ومن نذر نفسه لأمور أخرى نقارن الحالات التي مرت على زعماء أو قادة أو ثوار أو غيرهم وأسباب نجاح الاستخبارات الأميركية أو الغربية في اغتيال معظمهم بآخرين، ممن لم تستطع الاستخبارات اغتيالهم؛ كونهم لا يملكون نقاط ضعف بينة يستطيع منها العملاء اختراق آمنة من خلالها، ولعل فيدل كاسترو رئيس كوبا السابق والمناضل الثوري أيام شبابه ضد أميركا أحد هؤلاء. وبحسب تصريحات الاستخبارات الأميركية فقد كانت هناك أكثر من عشرات المرات لاغتياله، لكنها باءت بالفشل الذريع.
 
ولكي لا نظلم الكل فمن المؤكد أن هناك صادقين ومناضلين سقطوا بسبب الخيانة، وليس بسبب ضعف منهم، لكن المؤكد أن أنور العولقي لم يكن من هؤلاء. والأمر الذي لا خلاف حوله هو أن للمرأة وقعاً خاصاً للكثير ممن يقوده تفكيره الغريزي، وهو ما يفقده التركيز فيقع في فخ الصياد. – (الحياة اللندنية)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد