الشعب الأمريكي يرفض كيري - د .عبدالعزيز المقالح

mainThumb

28-02-2015 09:15 PM

لأول مرة ، كما تقول الأنباء الواردة من الولايات المتحدة، يتخذ الشعب الأمريكي موقفاً عدائياً من وزير خارجية البيت الأبيض لسوء إدارته وجهله الفاضح بالقضايا الدولية، علماً بأنه كان مرشحاً ليكون رئيساً للدولة العظمى وتم اختياره لهذا المنصب الخطر بعد اعتزال هيلاري كلينتون انطلاقاً من مكانته في الكونغرس، ولم يضع في حسابه أن وزير الخارجية في الدول الكبرى هو دائماً مهندس السياسة الخارجية وراسم العلاقات بين بلده وسائر البلدان في العالم . وسبق للولايات المتحدة أن عرفت وزراء خارجية على درجة عالية من الذكاء والبراعة في التعامل مع المتغيرات الدولية . 
 
ولن ينسى العالم - على سبيل المثال - الوزير هنري كيسنجر ذلك الثعلب الماكر الذي أخرج بلاده من مآزق كبيرة في الشرق، ووضع شعوباً في مآزق أكبر فهو صاحب مشروع تصالح السادات مع بيغن بعد أن عرف كيف يلعب بمشاعر السادات ويقوده إلى حتفه وحتف مصر أيضاً من خلال معاهدة كامب - ديفيد المشؤومة .
 
ويرى كثيرون في الشرق والغرب، على السواء، أن التخبط المثير للقلق الذي تعانيه الولايات المتحدة ناتج عن وجود الوزير الحالي الذي ظهر خلال الفترة التي أمضاها في هذا المنصب أن معلوماته الدبلوماسية تحت الصفر بقليل . وهنا في الوطن العربي من يرجع كثيراً من الأزمات الملتهبة إلى سوء تصرفه وإلى تردده في المواقف، وذهابه أحياناً نحو اليسار بلا سبب وأحياناً نحو اليمين بلا سبب أيضاً، مع ما يظهره من ملل وشعور بالضيق تجاه فشله المتلاحق في فهم القضايا الساخنة وتحديد موقف بلاده منها . ويلاحظ المراقبون إنه اختفى في الآونة الأخيرة، وصار الرئيس أوباما هو الذي يمارس منصب وزير الخارجية كما أن نائبه هو الذي يحضر المفاوضات التي تدور في أوروبا حول ما يسمى بالسلاح النووي الإيراني، وقضايا أخرى أكثر سخونة وحدّة .
 
لقد كان النقد فيما مضى يتجه نحو الرؤساء عندما يشعر المواطنون الأمريكيون بخطأ أو انحراف في المسار السياسي أو الاجتماعي أما الآن، وفي هذه الآونة بالذات فقد صار النقد يتجه نحو الوزراء، وهذا ما جعل وزير الخارجية يحظى بالقسط الأوفر من هذا النقد الذي يذهب معه بعض الأمريكيين إلى أن كيري يفتقد عنصر "الكارزما" الذي تشد إليه الأنظار وتثبت حضوره المتميز في المواقف شأن أسلافه وزراء الخارجية وآخرهم هيلاري كلينتون التي كانت موضع اهتمام خاص وأثبتت حضوراً لافتاً في السياسة الدولية لبلادها، ومما يقوله بعض المواطنين الأمريكيين عن هذا الوزير "الباهت" أنه أشبه بفلاح ريفي من فلاحي الولايات الجنوبية محدودي الأفق الذين تتركز اهتماماتهم حول الأرض وأثمان محاصيلها وتغير الأجواء المناخية المواكبة لفصول العام .
 
ومن حق العرب أن يحمّلوا هذا الوزير الفاشل حسب وصف مواطنين له، جانباً كبيراً مما يعانيه الوطن العربي من إرباك . ومسؤولية ما يحدث في عدد من الأقطار العربية من اقتتال وتدمير واحتراب، ومسؤولية التذبذب في السياسة الأمريكية وعدم وضوح الخط الاستراتيجي الذي تسير عليه مما أوجد حالة من الشكوك لدى كثير من شعوب العالم ودفعها إلى تجميد مواقفها تجاه كثير مما يحدث أو اندفاعها في مواقف يجانبها الصواب في أحيان كثيرة . ولمن يتعاطفون مع هذا الوزير أن يقولوا إن الأزمات العالمية وصلت في هذه المرحلة درجة يصعب احتواؤها أو البت السريع في إيجاد حلول لها، وبالمقابل يمكن الرد على مثل هؤلاء المتعاطفين بأن على المسؤول الذي يجد أنه عاجز عن تقديم تصور لحلول معقولة للتخفيف من حِدَّة الأزمات أن يترك موقعه لآخرين يكونون أقدر منه في التعامل مع الواقع واكتشاف وسائل وطرق تساعد على ما يسمى بحلحلة الأمور القابلة للانفجار.- (الخليج الاماراتية)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد