الذكرى الــ57 للوحدة المصرية السورية

mainThumb

02-03-2015 11:03 AM

في الثاني والعشرين من شباط فبراير الماضي مرت على الأمة العربية الذكرى الــ57 لأول وحدة عربية في التاريخ الحديث ، وحدة مصر وسوريا وهم قطران من أهم أربعة أقطار عربية .

 وكان الصدى الكبير لتلك الوحدة التي عبّرت عنها حالة الفرح التلقائي للجماهير الأمة العربية من المحيط للخليج ، وكانت الآمال أن تكون تلك الوحدة بمثابة القاعدة الأساسية التي يبنى عليها إعادة توحيد أمة الضاد ، حيث هي أكثر أمم الأرض وحدة وتقارب بين أبناءها رغم التجزئة والتقسيم الذي تعرضت له الأمة بعد انهيار الاستعمار العثماني البغيض ومجيء بديله الأسوأ البريطاني والفرنسي بعد نهاية الحرب العالمية ألأولى ، حيث كانت الوحدة العربية التي ناضلت من أجلها أجيال وأجيال ،قاتلت واستشهدت لتحقيق ذلك الفجر العميق الذي اطل على الأمة مع ذلك اليوم الخالد الذي كان حافزا ومشجعا لإعادة طرح الوحدة والتقارب بين أبناء الأمة الواحدة نحو وحدة مصيرهم المشترك ، حيث كان المطروح مشروعين وحدة عرب الاعتلال التي بدأت بوحدة العراق والأردن الذي عقب إعلان الجمهورية العربية المتحدة أي وحدة مصر وسوريا ، تلك الوحدة التي كانت محطة أنظار واهتمام وأمل أبناء الأمة من المحيط إلى الخليج ، وحتى الأنظمة التي وقفت منها موقف المعارض خوفا على مقاعدها ، حاولت المتاجرة بشعار الوحدة وكان لتلك الأنظمة سياستها التي أبعد ما تكون عن مواقف شعوبها رغم متاجرتها بالوحدة .

إن وحدة مصر وسوريا أزعجت الدول الاستعمارية  التي صنعت الكثير من الأنظمة المسماة معتدلة إضافة للكيان الصهيوني ، شعرت بالخطر من تلك الوحدة الوليدة ، وقال آنذاك  رئيس وزراء الكيان الصهيوني ألأشهر ديفيد من غوريون بأن كيانه قد أصبح بين فكي كماشة بعد الإعلان الرسمي لميلاد الجمهورية العربية المتحدة والتي أبقت أبوابها مفتوحة لكل قطر عربي يريد الانضمام إليها .

ومع انفجار الثورة العراقية والإطاحة بنظام العميل نوري السعيد رجل بريطانيا الأول في المنطقة كان الأمل في قلب كل عربي أن ينضم العراق لدولة الوحدة نزولا لإرادة الشعب ولكن عبد الكريم قاسم رحمه الله كانت له حسابات أخرى ، وللتاريخ رغم نظافة يد ذلك القائد إلا أنه كان أول من عزز قوة الدولة القطرية ولو انضم العراق لدولة الوحدة في ذلك الوقت لتغير مجرى التاريخ بحكم قوة دولة الوحدة التي على رأسها زعيم بوزن جمال عبد الناصر ، وعندما يضاف إليها العراق بقوته وموارده ستكون بلا شك إضافة للقومية العربية ، ولكن بسلوك عبد الكريم قاسم  القطري أضاع الفرصة وأصبحت الوحدة هدفا لكل أعداء الأمة وعملائها من الأنظمة التي تعرف اليوم بالمعتدلة .

وبدأت سلسلة المؤامرات والدسائس التي وصلت لمحاولة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر نفسه ورصد لتلك العملية 3 ملايين جنيه إسترليني وهو مبلغ خرافي بحساب ذلك العصر ، حيث تم رصده لمحاولة رشوة عبد الحميد السراج وزير داخلية الوحدة ، الذي اخذ الشك وسلمه للزعيم جمال عبد الناصر وأعلن في مؤتمر صحفي كبير ، وكانت فضيحة تحدث عنها العالم اجمع في ذلك الوقت ، وصورة الشيك موجودة في كتاب الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل (سنوات الغليان) .

وتواصلت المؤامرات على تلك الوحدة الوليدة حتى تمكنوا من القضاء عليها مستغلين بعض الاخطاء التي حدثت بالتطبيق ، ولكن كان الأساس هو شراء الذمم والضمائر الرخيصة والملايين من الدولارات التي دفعت من عملاء أمريكا إياهم ، إضافة لقوة أجهزة أهم مخابرات العالم وأقواها التي عملت ضد تلك الوحدة ، وكانت دبابات الانفصال التي قادت المؤامرة والخيانة في الإقليم الشمالي لسوريا هي ذاتها الدبابات التي مهدت الطريق بعد ذلك لدبابات العدو الصهيوني وطائراته في عدوان الخامس من حزيران يونيو عام 1967م ، وكانت نهاية تلك الوحدة هي بداية الطريق الذي أفقد الأمل لدى الكثير من الجماهير العربية وأصبحت القطرية الضيقة وكأنها الحقيقة الغير قابلة للنقاش رغم أنه إذا كانت هناك الوحدة فشلت في أول تجربة لها فان الدولة القطرية في الوطن العربي ولدت ميتة وفاشلة والدليل ليس هناك دولة عربية واحدة قادرة على حماية أمنها الوطني بمفردها .

وبعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر أصبحت الخيانة على المكشوف والتحالفات مع أعداء الأمة أو داعميها وكأنها من صميم الأمن الوطني وليس أمن الأنظمة العربية المستعدة للتحالف مع الشيطان في سبيل مقاعدها البائسة التي شاخت تحتها .

وتبقى الوحدة هي أمل الأمة وتطلعاتها للمستقبل ، وبالوحدة تكون القوة وبغير الوحدة ستبقى الأمة تابعة لهذه الدولة أو تلك وستبقى ثرواتها مسخرة لخدمة الأعداء ضدها .

لذلك نحي ذكرى أول تجربة وحدة عربية في التاريخ الحديث ، وأن استمرارها 3 أعوام ونصف وسط محيط من الخيانة والتآمر الاستعماري دليلا أن الوحدة هي الممكن الوحيد بين أبناء الأمة  العربية لو صدقت النوايا.

وجاد علينا الزمان برجال وقادة كجمال عبد الناصر وأحمد بن بيلا وهواري بو ميدن وشكري القوتلي وغيره الكثير الكثير ، ولا ننسى أن النساء العربيات ولادات .

تحية لذكرى الوحدة ورجالها الأحرار وعلى رأسهم الزعيم جمال عبد الناصر والمواطن الأول شكري القوتلي وكل صاحب جهد مخلص وصادق لأجل وحدة هذه الأمة واستقلالها ووجودها ذاته .

ولا عزاء للصامتين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد