عندما يكون القلب عقلاً

mainThumb

04-03-2015 10:08 AM

استوقفني موضوع شيق وانا اقرأ عن القلب وتركيبه وحكمة الله في خلقه، فبدأت اقلب في بعض الكتب والمقالات والمصادر علني اهتدي الى ما اسعى اليه من معرفة حول وظائف القلب في التفكر والهداية، ولقد اصابتني الدهشة عندما علمت ان القلب يفكر ويهتدي كالعقل. واصابتني الدهشة أكثر عندما علمت ان الانسان لا يقتصر ذكاؤه فقط على العقل بل على مصادر عديدة أيضا ومن اهمها، الذكاء العاطفي ومصدره القلب، والذكاء الروحي ومصدره الروح، والذكاء العضلي ومصدره الجسد. ونظرا لطول شرحهم فقد رأيت ان ابدأ في القلب كونه موضوع يستحق البحث والقراءة، والذي يعد من اهم مصادر هداية الانسان وتفكره وقوة معتقده، سواء كان المعتقد دينيا ام سياسيا ام اقتصاديا الخ.

لنبدأ في اية عظيمة نستحق ان نتوقف عندها ونتفكر فيها، وهي قوله تعالى في سورة الاعراف: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ). وفي سورة الحج قوله تعالى {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} وفي سورة (ق) قال تعالى (ِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ) وفي سورة الحج قال تعالى (وَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ). وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) صدق رسول الله. حيث اكتشف الباحثون في أحد المعاهد الامريكية المختصة ان للقلب نظامه العصبي الخاص به، حيث يقوم القلب ببث إشارات ورسائل عن طريق الخلايا العصبية الموجودة فيه للجسم والدماغ ويسمى هذا النظام (عقل القلب)، تلك الخلايا المعقدة الموجودة في القلب والتي يقارب عددها 40 ألف خلية مسؤولة عن تخزين المعلومات وارسالها لكافة انحاء الجسم.

 ولكن قد يطرح أحدهم سؤالا كيف وجد الباحثون ذلك؟ وحقيقة الامر انهم اكتشفوها بعد عمليات زراعة القلب، اذ وجدوا ان الشخص الذي يزرعون له القلب الجديد ينظر الى الحياة بمنظور اخر وطريقة أخرى عما كان عليه حاله من قبل، فيبدأ يسمع ويرى نفس الأشياء التي كان يسمعها ويراها صاحب القلب الأصلي، ثم يجدونه بعد فترة من الزمن أصبح يتصرف كصاحب القلب الأصلي. فمنهم من تحول الى شخص مجرم ومنهم أصبح رساما او غيرها من الصفات التي كان يحملها صاحب القلب الأصلي.

قد يستغرب البعض من تطرقي الى هذا الموضوع ولكني شخصيا وجدت انه موضوع بالغ الأهمية، بعد ان تطرقت في مقالات سابقة الى العقل واهميته في التحرر من الجهل والتخلف والعبودية للبشر، وذكرت في مقالات سابقة ان العقل مصدر الالهام البشري والابداع والتميز والذي ميزنا الله به، وقد ذكرت أيضا ان أحد أخطر أنواع الاستعمار في العصر الحديث هو استعمار العقول. حيث يسهل السيطرة والتحكم بالجهلة أصحاب العقول المتوقفة، او الصدئة. 

ولكن ما بالنا إذا علمنا ان القلوب هي أيضا مصدر الالهام والرشد والتغيير وهي مصدر التفقه وأدراك الحقيقة. فقد قال سبحانه في سورة الرعد (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ). فالقلب به نهتدي للحقيقة وبه نسمو، حاله كحال العقل تماما. فما الفائدة ان كان لنا عقول نفكر بها ونتميز بها وقلوبنا سوداء ميتة، وهنا يأتي دور القلب في انارة الشعلة الموجودة في داخل كل واحد منا. ومن هنا يصلح الضمير وتصلح الاخلاق. وبصلاح القلب والعقل تصلح الأمم وتبنى الدول.

     والمشكلة الخطيرة، انما تكمن في استعمار عقول وقلوب الشعوب من خلال وسائل وأساليب نفسية وإعلامية واقتصادية واجتماعية. فنجد ان العقل والقلب قد توجه حيث أراده أعوان الشيطان. الذين يدمرون البلاد والعباد أخلاقيا وسياسيا واجتماعيا. مما يسهل السيطرة عليه وتوجيهه.


يقول ادموند بيرك مفكر سياسي أيرلندي (عاش ما بين 1729-1797 م.) (كل ما يحتاجه الشيطان لكي يحقق الانتصار هو ان يجلس الاخيار دون ان يفعلوا شيئا).



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد