النظام يقتل شعبه, والشعب يقتل جيشه !!

mainThumb

06-03-2015 02:19 PM

ما زالت مجتمعاتنا العربية تعاني من هياج من التناقضات العميقة في الفهم والاستيعاب والتعلم من التجربة  التي شملت العديد من أسس الأنشطة والفعاليات ومعاييرها في الفكر وفي الآراء,وفي التحليل لسياق الأحداث المدمرة والمحزنة والمأساوية بكل ما تحمله تلك المفردات من معان وتوصيفات دقيقة لكل حالة منها,ويجهلون أو يتجاهلون مصادر الصراع  الإقليمي وموازينه وأطرافه التي تعمل بالسر وبالعلن فجعلت من المنطقة العربية بحدودها الداخلية ساحة صراع يقتتل فيها أهلها ويجني الطامعون ثمارها.

ويظهر ذلك التناقض والتجاهل  جلياً في السياسة والمواقف السياسية من كل فعل ومن كل حركة وحراك.ولا يقتصر ذلك على الساسة المنتمين إلى النظم الحاكمة وإنما إلى المنظمات الحزبية وأعضائها وأنصارها ومؤيديها والمتمردين على قياداتها,والتناحرات العقائدية التي تشكل رؤى لمعتنيقيها تقع كل منها في اتجاه لا تلتقي ولا تتقاطع مع غيرها من العقائد, وفي الفكر الاجتماعي وفي الطروحات الاقتصادية وفي التنظيمات والتحليلات التي يتصدى لها ما درج الإعلام أنْ يطلق عليهم توصيفات مثل: مفكرون,ناشطون سياسيون, محللون سياسيون,خبراء عسكريون,محللون استراتيجيون.....وقد درجت على ألسنة البعض منهم في سردهم لنوعية الأحداث وخلفياتها الفكرية مقولة النظام يقتل شعبه!!,وهي في حقيقة الأمر هرطقة كلام يسترسل به قائله دون وعي منه أن الألفاظ والعبارات التي يخاطب بها مستمعيه تقتضي منه مراعاة الحد الأدنى من احترامه  لشخصه المتصفة هكذا بالمفكر وغيرها.

وهي مقولة تستوقف العقل وتحيره في معنى تلك العبارة وفي مراميها الخبيثة التي استهدفت بطريقة مباشرة القوات المسلحة وقوى الأمن العام والاستخبارات والمخابرات,أي أجهزة الدولة المعنية مباشرة بالأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي والأمن والأمان في المجتمع.

لم تسلم أي من الأنظمة العربية من هذه التهم في مراحل مختلفة من تاريخها المتواصل في علاقاتها مع معارضيها والمحتجين على سلوكها تحت نفس العناوين السياسية منذ مرحلة تكون تلك الدول ونشأتها بالترسيمات الحدودية العثمانية – الاستعمارية منذ بدايات القرن الماضي,وهي تهم تنطوي,عند حالات ارتسمت فيها معالم العداء الأجنبي لنظام ملك استقلالية قراره وسيادة سلطته الوطنية,لا يتفق في سياساته مع شروط تفرضها عليه قوى التحكم الدولية الامبريالية, على اتهام مباشرللقوات المسلحة و / أو قوى الأمن العام ومؤسساتهما بمختلف تسمياتها وهي القوى التي تتولى مواجهة أعمال العنف وطروحات التطرف في كثير من الأحيان, وتواجه الضغوط الشعبية السلمية والقانونية في بعض الأحيان دون إراقة دماء حيث يشهر النظام عرض قوته التي يهدد بها المتظاهرين والمعترضين.

ومن الجدير بالتذكير أن الأطراف التي تردد هذه المقولات في غير مكانها,وتكيل الاتهامات العدمية للتغطية على شروعها باستعمال القوة واللجؤ للعنف المسلح,واستخدام السيارات المفخخة التي تنفجر في الأماكن العامة دون تمييز بين ضحاياها مسنهدفة مراكز الأمن العام ومقراته,ومعسكرات الجيش وكمائنه الأمنية وفي أحيان كثيرة تستهدف مدارس الأطفال والتجمعات المدنية,ظناً منهم أن من شأن مثل تلك الأعمال الإرهابية تساهم في تحويل الرأي العام الذ يقف مع النظام إما مؤيداً له أو مفضلاً إياه على ( الثوار) وعلى أعمالهم المريعة وعدوانيته التي تشمل الجميع دون تمييز,فقدت هذه الأطراف القدرة على التمييز بين معارضة نظام بالطرق السلمية المشروعة,والنضال التعبوي لمكونات الشعب في المعارضة وفي الاعتراض على ممارسات السلطة الحاكمة التي تشذ على الممارسات الطبيعية, ومقارعة السلطة الحاكمة بالحراك السلمي التضامني,وصياغة المطالبات بمحاكمة المخطئين والفاسدين والمتخاذلين,الالتزام بالآحكام الدستورية وتشريعاتها,وبين هدفها المخبؤ في طبيعة أعمالها الترهيبية والتدميرية تلبية لآطماعها في الاستيلاء على السلطة وأو إلغاء الكيان السياسي القائم معلنة عن إعلان حرب على النظام دون التفكير في أين تبدأ مراكز قوة النظام وأين تنتهي,فتقع في شر أعمالها التي تصنق عن حق تسميتها بالأعمال الإرهابية فالقتل لغاية سياسية ليس عملاً مبرراً تحت أي عذر أو تبرير ساذج,وتقع مثل تلك المجموعات ضحية تجاهلها للآعراف الشعبية والتقاليد الوطنية في الافتحار بقواتها المسلحة,والاحتماء بقوى أمنها على الأمن الشخصي لكل مواطن من شرور اللصوص والقتلة والبلطجة والاعتداءات على الأموال والأعراض.

لا تنتمي مثل تلك الاتهامات إلى أي فصل من فصول أدبيات الثورة أو الانقلاب العسكري أو التمرد المدني,أو المطالبين بالحرية,لإن خبثها في الطرح تكشفه نوعية أعمالها الانتقامية الممتلئة حقداً والمعجونة بالضغائن تحفزها نزوة انتقامية  تثير الخوف وتنشر الرعب في صفوف المواطنين المسالمين لا أكثر.ولهذا فهي لا تستحي من الاستعانة بأعداء الوطن والطامعين فيه وهدر ثرواته وتبديد مصادر قوته.ولا تتردد في التعاون مع قوى من الأعداء التقليديين لنهضة شعبهم وترقيه. وتنفيذ مخططاتهم عن وعي مدروس معبؤ بوهم السلطة والتسلط على مقدرات الوطن وفئاته,أو بغباء مستحكم في عقول أعمتها أطماعها,وتكرار فشلها الطويل في كسب الأصدقاء والمتعاونين والمعاضدين لخروج غاياتها عن المألوف الزماني,والتعامي عن المسار المعاصر لحراك الشعوب الحرة. ولم يستفق ضميرها لإدراك طبيعة العلاقة التلاحمية  العضوية بين قوات الجيش وقوى الأمن كقوى لحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي,وبين كون كل فرد من أفرادها هو مواطن من مواطني الدولة,ينتمي كل منهم إلى مكون من المكونات الطبيعية للشعب فيه.

وإذا وصل بالبعض الأمر عند اتهام القوات المسلحة والقوى الأمنية بأنها تقتل شعبها؟؟متجاهلة هذا التسابق من القوى المعادية لمصير الأمة ومستقبلها,والقوى المحلية التي رهنت وجودها السلطوي بتلك القوى فجعلت من الوطن مسرحاً بقتتل فيه أبناء الوطن ليهدموا كيانه ويشتتوا مكوناته ويهدروا ثرواته,فهل من حقنا أن نقف طويلاًعند التساؤل الكبير لنسأل بصوت مرتفع:هل هناك شعب يقتل قوى أمنه غيلة وغدراً ويحارب جيشه ؟؟!! ويرفع في الوقت ذاته شعارات الثورة الشعبية,ويسعى إلى نيل الحرية؟؟؟وحماية الشعب؟؟؟!!!.ونبسط سؤالنا ونهمس بخفض الصوت  قائلين :هل هناك من لا يعرف الإجابة,ولايستهجن ما رفعه ذلك البعض من شعارات وما يمارسه من غثيث الأفعال ضد بعضهم البعض وضد الشعب ومؤسسات الدولة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد