ماذا بعد ضربة عاصفة الحزم؟ بيان الأحمد

mainThumb

27-03-2015 04:32 PM

قبل أن أبدأ الحديث عن الخطوة القادمة في الحرب على الإرهاب الإيراني في المنطقة العربية أود أن أهنئ مجموعة الدول الخليجية التي قررت مؤخراً دخول الحرب لصالح المعسكر السني في المنطقة، وأخص هنا الملك سلمان الذي استطاع أن يحدث زلزالاً خليجياً في الرد على الغطرسة الإيرانية والإنقسام السياسي العسكري في اليمن. وبنفس الوقت أحذرهم من عملاء المنطقة المحسوبين على السنة وهم يعرفون من أعني، واللبيب بالإشارة يفهم.

 

هناك الكثير ينتظر دول الخليج لحسم هذه الحرب. لكن قبل ذلك دعوني أنوه هنا ان الأمر لن يكون نزهة بالنسبة للمنطقة بأسرها، حيث قد تلتهب مدن وتحترق أخرى وتدمر كيانات، لكن أؤكد أن احتراق مدن وتدميرها أولى من تركها مرتعاً لإيران ونفوذها الذي تمدد عبر العراق وسورية واليمن، وأولى كذلك من حالة التمزق وعدم الاستقرار التي خلقتها التيارات المتصارعة، لذلك يجب اتخاذ الخطوات التالية: أولاً: لابد من التعامل مع المرحلة القادمة وفق اقتصاديات الحرب طويلة الأمد. فإيران التي خاضت حرب السنوات العشر مع العراق حديثاً ستحاول إطالة أمد الحرب لإرهاق الخليج العربي واستنزافه ثم التغلب عليه بقوتها البشرية ونفوذها الطائفي الممتد في كثير من المناطق كالسعودية والكويت والبحرين وكذلك عُمان غير متناسٍ لليمن. فحرب إيران تعتمد الاستنزاف وتعتمد استقطاب أنصارها الذين حفزتهم على مدار عقود تصدير الثورة. ثانياً: على الخليج العربي الذي يخوض حرباً مباشرة اليوم مع إيران وحلفائها أن يبقي على زخم الطلعات الجوية، بينما تتم تقوية الموالين للرئيس "هادي" من اليمنيين أنفسهم وإن أمكن استقدام جيوش عربية غير خليجية وذلك لكون اليمن تحتاج إلى قوات أرضية لتطهيرها من نفوذ الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وبنفس الوقت لابد من إبقاء القوات الخليجية الأرضية داخل مدنها خصوصاً في السعودية والبحرين اللتان قد تشهدان اضطرابات في المناطق ذات النفوذ الشيعي. ثالثاً: ينبغي على دول التحالف العربية أن تمد الخليج العربي بكل أنواع الدعم اللوجستي الذي قد تحتاجه من اجل تهيئة كل الظروف للجيوش التي تحارب في جبهات القتال، وإبقاء البلاد التي دخلت الحرب في حالة تأهب قصوى مدنياً وعسكرياً، وأخص هنا المجال الطبي والهندسي ومجال مكافحة الكيماويات التي قد تلجأ إليها إيران لحرق المنطقة من خلال عملائها.

 

رابعاً: ينبغي توجيه رسالة قوية للولايات المتحدة التي تمسك العصا من منتصفها وتحاول اللعب على شتى الحبال، حيث تريد النفط الخليجي، وبنفس الوقت تسعى لإبقاء إيران في دائرتها وإبرام اتفاق النووي وفتح علاقات تجارية تسمح باستغلال السوق الإيرانية التي حرمت منها أميركا بسبب سياسات العقوبات خلال أعوام الجفاء.

 

كثيرون هم الذين يخطبون ود الخليج العربي من ناحية، كذلك يوجد الكثير من أنصارهم بسبب الكره للإيرانيين وبسبب دور السعودية المحوري في العالم الإسلامي. لذلك، ليس من السهل كما يعتقد البعض أن تستطيع إيران تجيير الموقف لصالحها، لكن لن تكون المعركة رحلة استجمام لأي من المتحاربين. الحوثيون ليسوا العقبة الوحيدة، فهناك عقبات كثيرة أخطرها وأشدها تكمن في حزب علي عبدالله صالح وتحالفاته القبلية حتى مع قبائل سنية، ناهيك عن دعم طائفته الزيدية له.

 

ربما لا تصدق الأحاديث التي تقول بأن المعركة في اليمن مذهبية بحتة أو خالصة، فالمذهبية مستخدمة بشكل كبير وإيران آخذة بالتمدد في اليمن بلا شك، لكن هناك نزاعات تاريخية قبلية تعقد الأمر أكثر، لذلك ينبغي أن تأخذ دول التحالف دوراً شموليّاً في التعامل مع الأزمة وعدم طرح حل يستثني أيّاً من الإتجاهات سواء تلك الطائفية منها أو السياسية حينما توشك الحرب أن تضع أوزارها. إن عملية بناء مؤسسات دولة من العدم أسهل بكثير من إعادة بناء مؤسسات دولة أنهكتها الحروب، لذا ولكي يستقر الوضع في الخليج العربي، على دول الخليج العمل على مأسسة دولة جديدة في حدودها الجنوبية تكون قادرة على القيام بذاتها بدل أن تعيد ما تهدم من مؤسسات الدولة اليمنية على مدار السنوات الأربع الماضية. ثم إن اليمن بحاجة في هذه المرحلة إلى قائد يجمع بين العسكرية والسياسة، يكون قوياً حازماً ليتلاءم مع مجهود عاصفة الحزم.

 

فالرئيس هادي لم يكن على قدر المسؤولية، ولم يفلح في إيجاد تحالفات داخلية تمنع ما حدث، ويبدو أنه غير متحمس للبقاء في منصبه، ويكفي فقط بعد اليوم أن يعتكف على كتابة مذكراته إن بقي في ذاكرته شيء منها. من هنا ينبغي أن يخرج التحالف العربي بالإجماع على شخصية أو عدة شخصيات متآلفة وتتصف بالقدرة المطلوبة للحزم في القيادة وجمع التحالفات من جديد لوقف المد الذي استطاع إحرازه الحوثيون وعلي عبدالله صالح في مدن ومضارب قبائل اليمن. لقد كانت عاصفة الحزم ضربة موجعة لإيران وحلفائها في الوطن العربي، لكن ولكي تتم المهمة، ينبغي أن تستمر وأن تأخذ حيزها على الأرض، وهنا أؤكد أنه ينبغي على دول التحالف الخليجية إبقاء حماية مدنها داخليّاً لجيوشها الوطنية واستقدام جيوش حليفة للحرب على الأرض في اليمن، وربما تأسيس ودعم ميليشيات مناوئة للحوثيين ولائتلاف صالح، لأن الحرب في اليمن ليست حرب جيوش بقدر ماهي حرب عصابات وميليشيات.

 

نتمنى أن تنتصر السعودية في حربها هذه، وندعو لها بذلك، لأن البديل عن انتصار السعودية وحلفائها يعد فوضى وخلطاً للأوراق في المنطقة، كما إن انتصار السعودية هنا سيؤدي إلى انتصارات على الجبهة العراقية والسورية. الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت وبلا شك، يبقى التحليل أكذوبة أمام الحدث، فلننتظر الحدث ونأمل أن يكون أفضل مما نتوقع.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد