داعش في قريتي .. أقسمت أن أحكي - د. محمد محمود السواعدة

mainThumb

21-04-2015 10:25 PM

لن يتصور أحد جهامة ذلك المشهد المروع الذي أقض المضاجع وأدمى القلوب!! رؤوس تفارق مواطنها لأدنى مبرر، من يشاهدها ستضيق به الدنيا ذرعاً، ويكاد يغص بالماء الزلال حين يرمق ما هو أشد وأنكى..وبالضبط في العدوة القصوى من وادي مليح الكبير، رأيت أطفالاً برفقة أمهاتهم ينبطحون لِواذاً من سطوة سكاكين وخناجر مسلولة على طراز خاص، أظنها صنعت في أمريكا، تفتك بالمارة والنازحين والجالسين بل وحتى النائمين وبجميع من يبطئ به الجهد عن استيعاب نمط الحياة المفروض، يا للهول!! فإذا بناقلة جند تسوي عظامهم بحصى الطريق..لم يجرؤ أحد على كتم ابتسامتة وإن كتم أنفاسه.. فجميع الحضور قد امتثل نصيحة ابن رشيق القيرواني:


فدارهم ما دمت في دارهم *** وأرضهم ما دمت في أرضهم


لم يسعفني الوقت لنقل ما هو أفظع وأعظم حتى أفقت فزعاً مذعوراً مستعيذاً بالله من وساوس الشيطان وكيد الأشرار، ولم أعبأ بما وكف من عرق فبلل الوسادة.. عندها حمدت الذي ردّ إلي روحي لأن الأمر لم يعدُ أن يكون طيفاً من خيال لا حقيقة له، كما نبه لمثله (قطرب) في مثلثاته، خاصة وأنها إغفاءة بعد العصر.. مما حدا بصديق أن يعزوه لنومة العصر.. ولما اعتذرت بأني لن أدع صحة بدني لحديث ضعيف.. تملكه الحنق من كل مكان فتوهم أنها أضغاث أحلام، تماماً كما يفعل معبرو أحلام فاجأتهم رؤى لم تقرع آذانهم قبلُ.. ليس هذا ما يهم.


جال بخاطري ما هو أفظع من قصة تنظيم الدولة، بل وأفتك: (سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) سبحان الله!! لا أذكرها حتى تحضرني صورة أنفلونزا الفساد على رأي أحد أبناء العمومة -أطال الله في عمره- فليس ثمة داء أخبر، والراء ثاء، إذ يصيب عصب مؤسساتنا فيذرها قاعاً صفصفا.


 ولئن سألت ما وجه الشبه؟ فلا تظن أن اللسان يطيق جواباً،آهٍ :


لا تنكروا الأنات في أوتاري***  لم يبق لي في العيش من أوطار.


 معنى لم يلمحه نظر في صفحات التفسير، وأسلم لنا –هنا- عدم الإغراق في التصنيف والمقارنة، لنرتطم بمقارنة الروائية (أحلام) بنت المناضل (الشريف مستغانمي) في (خسرنا العلماء وربحنا السيليكون) يا لله كم فتحت من جروح لم ترقأ أصلاً، فقفّ لحال علماء العرب شعر!! وجرى الدمع ولم يجمد!! فأسرعت التمس العزاء في رثاء الزمخشري لعلماء زمانه حين قال:


 ومذ أفلح الجهال أيقنت أنني ***  أنا الميم والأيام أفلح أعلم


 فلا بد إذن أن أشاطرها الحكاية عن خطط (الهند) أزاء العلماء، فندلي بصرعة الفضائيات، وصناعة النجوم وخاصة السيليكونة الأم النجمة (يسرا) تكرم أمهاتنا.. دعك من هذا أيضاً.


مما راق لأحدهم أن السبع العجاف (وهو الشعب بأكمله إلا شرذمة) سيكرُّ يوما ما على السمان الحفنة إن استرسلت ظواهر المسار الإصلاحي المتعثر، والفساد المالي والإداري وارتفاع معدلات البطالة والفقر، والنمو المشوه لأجزاء من البلاد، وغياب العدالة الاجتماعية.. الخ من منغصات الأمن والحياة التي لم تعد تخفى على (راعي الغنم) ولدى حكماء أردننا المحروس ثقة لا محدودة بأننا (إن) رتقنا فجوات حصوننا من داخلها فلا سبيل لداعشي أو رافضي إلى نقبها، وهو ما آليت أن أرويه، وفي التاريخ برّ يميني.. فتأمل.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد