سبعون وردة في حديقة الوطن - د. زيد خضر

mainThumb

25-04-2015 11:28 AM

أثناء صلاة الجمعة وقبل صعود الخطيب على المنبر وقف فتى في العاشرة من عمرة ،وبإيعاز من والدة أخذ زجاجة عطر بيده وبدأ يطوف على صفوف المصلين ويدهن أيديهم بالعطر ،وبدأت رائحة العطور تفوح من المسجد ،في جو رائع وبديع ، وكم كان جميلاً منظر ذاك الفتى الذي في عمر الزهور وهو  يوزع العطور ،وتمنيت أن يحدث هذا في كل مساجدنا .


ذكرني منظر ذلك الفتى المعطاء ومن خلفه شيخ كبير يعلمه كيف يوزع العطر على المسلمين ، بمنظر شيوخ الإخوان المسلمين في الأردن الراحلين والباقين ، كيف كانوا ولا زالوا يعلمون شبابهم أن يكونوا أهل خير وعطاء ، علموهم أن يكونوا بلسماً لجراح الناس ، علموهم أن يكونوا عطراً فواحاً على خلق الله ،علموهم كيف يزرعون الورد ليرى المسلمون منظراً جميلاً ، وليدرك الناس أن الإسلام حب وعطاء وتسامح وعدل، وأن الإخوان ينهلون من هذا الإسلام العظيم ويفيضون من خيراته وحسناته على الناس أجمعين .


لقد زرع الإخوان - منذ نشأة جماعتهم على تراب هذا الوطن قبل سبعين عاما - سبعين وردة بل وروداً لا تحصى في حديقة الوطن ، لا ينكرها إلا جاحد فعل ذلك لغاية في نفسه أو تنفيذا لأمر جهة ما ، وأياً كان هدف هذا الجاحد ودافعه أسأل الله أن يوفقه إلى شم رائحة الورد الذي زرعناه ، لعل صدره ينشرح وقلبه ينفتح ويعود إلى رشده .


لقد أنشأ الإخوان خلال مسيرتهم السبعينية في هذا الوطن عشرات المستشفيات والمستوصفات ، التي عالجت الآلف المرضى ،وبنت الجماعة عشرات المدارس والكليات والمؤسسات التعليمية واستفاد منها الآلاف من أبناء الوطن ، ووقفت الجماعة إلى جانب الوطن ومواطنيه في أحلك الظروف وأصعبها ، كما تفخر الجماعة بأنها قدمت للوطن ولشعبنا الأبي آلاف العلماء والمصلحين والمثقفين الذين ساهموا – ولا زالوا يساهمون – في خدمة هذا الوطن ورفعة شأنه . 


أيها السادة : إن من واجبنا وواجب كل المخلصين خدمة هذا الوطن وشعبه ، وقبل ذلك خدمة الدين الإسلامي العظيم الذي ننتسب إليه ، فلا نمن على أحد ، ولكن من حقنا أن نحتفل بتأسيس جماعتنا ونحتفل بقادتنا الأوائل الذين علمونا الإخلاص ، والصدق ، والتفاني في العمل ، بل علمونا مبادئ الإسلام وسماحته ، ومن حق الشعب الأردني أن يحتفل بجماعة قدمت له وتقدم كل ما تستطيع من خير  فلماذا يشوش علينا البعض ويريد أن يمنعنا من هذا الحق ؟


أيها الشباب : لنستمر في عطائنا ولنحرص على خدمة إسلامنا ووطنا وشعبنا ، ولنستمر في زرع الورود في حديقة وطننا أياً كانت الظروف ومهما بلغ حجم التحديات ،ولنسامح من أساء إلينا ، مستلهمين حديث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :" خير الناس أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم  " ، ولنطبق قول مرشدنا الأول رحمه الله : " كونوا كالشجر يرميهم الناس بالحجر ويرميهم بالثمر " وفقنا الله وإياكم وسدد على طريق الخير خطاكم ، وإلى المزيد من زراعة الورود . 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد