المصريون يحرقون كتبهم وأعداؤهم يرممونها

mainThumb

25-04-2015 01:04 PM

ظواهر سلوكية عجيبة تسود الأوساط المصرية بين الفينة والأخرى حيث شهدنا دعوات وخطابات غريبة مريبة بعضها دينية وأخرى إعلامية تدعو إلى إرضاع الموظفة لزملائها في المكتب لتجنب الخلوة المحرمة ،وأخرى تدعو إلى التنصل من الجذور العربية والالتفاف حول الأصول الفرعونية ،ودعوات مفادها أن الحجاب عادة وليس تشريعا في الإسلام ،وادعاء أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يتكلم مع رب العزة ،وأن السيسي ومحمد ابراهيم هم رسل الله مثل موسى وهارون ، ومحاكمة رئيس مصر بتهمة التخابر مع حماس في حين أن السيسي يعلن بأنه على اتصال مباشر وتنسيق كامل مع نتنياهو،واعتبار إحدى المحاكم المصرية حماس منظمة إرهابية وأخير ويبدوا أنه ليس آخرا الدعوة إلى تخصيص يوم لخلع الحجاب وإحراق الكتب الدينية في بعض المدارس المصرية الخاصة التي لها صلة بالإخوان المسلمين حيث قامت "وزارة التعليم بحرق كتبًا من مؤلفات شيخ الأزهر الأسبق عبد الحليم محمود وعلي عبد الرازق والسنهوري بدعوى حضها على العنف". وللإشارة هنا فإن من بين الكتب التي تم حرقها كتب بعناوين "مفاهيم إسلامية"، و"ماذا تعرف عن بديع الزمان سعيد النورسي؟" لعلي القاضي، و"أوسمة البهية لخير البرية"، و"دور المرأة ومكانتها في الحضارات المختلفة عبر التاريخ"، و"أضواء الحضارة في الإسلام".


ماذا دهاكم أيها المصريون تحرقون تاريخكم وصحائفكم وكتبكم، وتجرمون رئيسكم المنتخب بإرادتكم، وتعلون شأن نوال السعداوي وعلي جمعة وليلى علوي وإلهام شاهين !! ماذا دهاكم يا أهلنا في مصر لتفكروا في حرق كتب ومؤلفات شيوخ الأزهر ومفكرين محترمين في الوقت الذي يكرم العالم مؤلفيه ومفكريه بغض النظر عن اتجاهاتهم الفكرية ونهج كتاباتهم. من المؤسف أننا في القرن الواحد والعشرين وما زال مصريون يفتخر بلدهم وتاريخهم باحتضانه لكثير من المفكرين العرب الهاربين من استبداد حكامهم وتضييقهم على حرياتهم في التفكير والتأليف والتعبير. مصر وقاهرتها التي كنيت بأم الدنيا وحاضرة الثقافة العربية، وملاذ طلبة العلم ومعتكف المفكرين والعلماء ،تنقلب اليوم على ماضيها ،وتتراجع فيها جذوة التنوير، وتتلاطم فيها أمواج من الردة على الماضي ،والتقوقع والانعزال وتمجيد الحاكم، ورفض الماضي التليد والتراث الذي طالما كان هو مصدر قوة مصر وعزتها.الإسلام الذي تحاربه تلك القوى في مصر برعاية رسمية من وزارة التعليم والحكومة بشكل عام هو الإسلام الذي أعطى مصر ثقلها والذي جعل بلاد الكنانة مهوى أفئدة طلاب العلم ،والمعذبين في الأرض، والمبعدين عن بلادهم بسبب ما يقولونه أو يفكرون فيه .مصر اليوم تحرق كتبها في الوقت الذي تقوم فيه مؤسسات ضخمة، وتخصص موازنات كبيرة، ويدرب فنيين متخصصين في العالم على ترميم الكتب والمؤلفات القديمة والعناية بها ولحسن الحظ فإن بعض هذه الكتب عربية وإسلامية وربما من بينها ما تم إحراقه في قاهرة المعز قبل أيام.


مصر اليوم على مفترق طرق كبير وخطير وهويتها وبنائها القومي والفكري والحضاري والديني يبدوا أنه تعصف به السياسة والفكر الانقلابي الذي جاء فيه السيسي ثائرا على الدين وداعيا لإعادة النظر بقضايا تنزلت فيها آيات وقرآن من رب العزة ونصوص شرعيه ثابتة لا لبس فيها ولا غموض. السياسة إذا قاد دفتها من لا يتقي الله في شعبه وأمته يمكن أن تفتح أبواب الفتنة والردة والولوج في أنفاق من الظلام والجهل .عجائب الزمان تظهر في مصر، وغرائب السلطان والقبطان تظهر في مصر، وتشويه الإسلام والإيمان يظهر على أيدي علماء آخر الزمان أمثال على جمعه وسعد الدين الهلالي فلله درك يا مصر كم احتضن ثراك حكاما وولاة يشار لهم بالبنان والإيمان وكم سيطوي ثراك علماء وحكاما أساؤا لعبق تاريخ مجيد حرر المصريين والعرب من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ورحم الله أمير الشعراء أحمد شوقي الذي تغنى بالإسلام وحماته وخاتم الأنبياء محمد علية أفضل الصلاة والتسليم عندما يقول:


وحماها غُرٌّ كرَامٌ أَشدَّاءُ -- على الخصْم بينهُمْ رحماءُ


أُمَّة ينتهي البيان إليها -- وتؤول العلوم والعلماء


تحمل النجم والوسيلة والميــزانَ-- من دينها إلى مَن تشاء


وتُنيل الوجود منه نظامًا -- هو طبُّ الوجود وهْو الدواء



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد