اليمن تدفع ثمن أخطائها وأخطاء الآخرين

mainThumb

28-04-2015 10:41 AM

نحن في الدول العربية وأقصد فقط الجمهوريات ، لم نمارس الحرية والديمقراطية ، ولم نشهد تبادلا سلميا للسلطة ، إلا في حالة واحدة لم تتكرر في تاريخنا ، ألا وهي عندما تنازل الفريق  سوار الذهب عن الحكم في السودان  ، بعيد الوصول إلى سدة الحكم ، وقد أجريت معه حوارا صحافيا في الكويت بعدها ، وتحدثنا عن هذه الواقعة اليتيمة ، وأقسم لي أنه غير نادم على ما فعله ، وهو صادق  لطبيعة الرجل .

وبما أننا  في الجمهوريات مارسنا  الحكم  بصورة أكثر حدة من الملكيات ، فقد وصلت الأمور  عندنا إلى ما هي فيه وعليه ، ولأن الشعوب  العربية  يسهل تدجينها ، وتسجيلها في نوادي السحيجة ، فإنها هي التي تدفع الثمن ، ولنا في سوريا وليبيا  واليمن خير مثال.

ولأن  عنوان الموضوع  هو اليمن  ، فسأقصر الحديث عن هذا البلد المنكوب ببعض أبنائه وجيرانه ، لأن من وصل من أبنائه إلى الحكم وإستمر فيه ، مارس الفحش السياسي من أوسع أبوابه ، ولنا في  النذل علي عبد الله  الصالح  الصورة الواضحة .
لو أن  الحاكم في اليمن ، خرج من شرنقة القبيلة ، وإرتضى بالحزب  الطبيعي ، وليس حزب القبيلة أو العشيرة ، الذي يعتمد تبادلية السلطة سلميا  ، سبيلا،  لوجدنا يمنا غير اليمن الحالي ، ولو كانت هناك أحزاب  ديمقراطية  لا تقوم على الأسس العشائرية ، بل هي أحزاب وطن ، لإستقام  الموقف ، وكانت النهايات سليمة ، وهذا حال  سوريا وليبيا ، ولكن ما جرى كان "تطويب " البلد ، وتسجيلها في دائرة الطابو كمزرعة بإسم الرئيس الواحد الأوحد الملهم ، الذي لولاه ولولا ذكائه ونباهته  وحذقه  وبركاته ، لما عاش الشعب .

كان هذا الرئيس الملهم  يتصرف على أن البلد هو عبارة عن مزرعة مقفلة له ولأبنائه ولأهل زوجته ، ولا بأس من  السماح لقراد  الخيل من مص  بعض أصابعهم ، وكذلك العسس الذين يتم تثبيت النظام بهم ، ولا يوجد من يسألهم أو يسائلهم عما يفعلون  .

كان النذل علي صالح مدللا من قبل حكام دول الخليج العربية ، وكان يتصرف بالمساعدات التي  تقدمها هذه الدول  إلى الشعب اليمني ، تذهب إلى حساباته في الداخل والخارج  ، مع حفظ نصيب زبانيته  الأقربين والأبعدين ، وبسبب ذلك كان الشعب اليمني يقتات  على كرامته  وعزة نفسه ، ومع ذلك فقد باع النذل البلد للحوثي رغم انه  خاض العديد من الحروب معه .

لقد وقفت دول الخليج  العربية مع النذل علي عبد الله صالح  ضد حكام اليمن الجنوبي ، وآزروه عندما إتفق على الوحدة في قمة بغداد في شهر أيار 1990 ، وأصبح هو الرئيس الواحد الأوحد لليمن  الموحد ، وقاد البلاد إلى الدمار الذي نراه اليوم.


لو أن النذل صالح كان حاكما منتخبا  شرعيا  ديمقراطيا  ، يفهم أصول الحكم بعيدا عن القبيلة  والعشيرة ونفاق المنافقين  وتسحيج المسحجين ، لما تصرف هكذا ، فعندما ثار الشعب اليمني  مطالبا بالإصلاح  والحرية ، كان يتوجب على النذل وزبانيته أن يرحلوا ويكتفوا بما  لهفوه من قوت الشعب اليمني  ، ولكن ، ولأن النذل صالح  كان متكئا على قبيلته وحزبه  المتهتك ، فقد أصر على البقاء في الحكم ، وعندما أزفت الآزفة ، باع اليمن للحوثي  ، وكان قبل ذلك قد عقد مقاولة مع القاعدة ، وهكذا دواليك .

أما دول الخليج العربية ، فإنها كما  قلت آنفا  إرتتكبت العديد من الأخطاء في اليمن ، أولها  التحالف غير المقدس  مع النذل صالح الذي  كافأها ببيع البلد للحوثي ، وتوريطها بحرب غير مدروسة  تمثلت بعاصفة الحزم التي  كلفت السعودية 20 مليار دولار ، وهذا هو الرقم المعلن ، ذهبت للشيطان الرجيم القابع في مصانع الغرب  لصناعة السلاح ، وعملت على تنشيط سوق العمل فيها ، بينما نحن  كعرب  نقبع في الفقر والحرمان  ، وشبابنا  غارق في البطالة  والمخدرات والجريمة بسبب الفقر  .

قبل أيام تبرع العاهل السعودي الملك سلمان بمبلغ 274 مليون دولار لليمن إستجابة  لنداء الأمين العام للأمم المتحدة  ، ولعمري لو ان هذا الرقم تقرر سنويا لدعم التنمية  في اليمن لما ثار الشعب  ، ولما وصلت البلاد إلى ما هي عليه .

 لقد تكالبت المصائب الداخلية والخارجية على أهلنا في اليمن وهم أصل العرب ومنجم الرجولة والبطولات  والشهامة ، وقد كانت مشاركة الشباب اليمني في الثورة الفلسطينية  دفاعا عن فلسطين  ، تسجل في دفاتر وأقلام من ذهب ، ولكننا جميعا  ، لم نقدر لهذا الشعب أنه أصلنا إن كنا حقا عربا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد