مكاسب روسية على الجبهة الإعلامية - سمير السعداوي

mainThumb

04-05-2015 10:47 PM

صحيح أن أي طرف لا يستطيع كسب حرب بالاعتماد على «قصف» إعلامي ودعائي وحده، لكن حربه ستكون آيلة إلى خسارة محققة، ما لم تترافق مجهوداته العسكرية مع دعاية إعلامية مناسبة.
 
يبدو أن الروس سجلوا نقاطاً مهمة في حربهم مع الغرب (حول أوكرانيا) باعتراف ديبلوماسيين أوروبيين، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحدهم الأسبوع الماضي قوله: «من الواضح أننا لا نملك الوسائل ذاتها الموجودة لدى الروس».
 
أدركت القيادة الروسية مبكراً أهمية الإعلام في حربها مع الغرب، وجندت لذلك «جحافل» من الوسائل الإعلامية، آخرها وكالة «سبوتنيك» للأنباء التي تبث بلغات عدة وعبر وسائط متعددة من أماكن عدة حول العالم، واعتبرها مراقبون بمثابة مركز للحرب الدعائية يضاف إلى وسائل إعلامية روسية مهمة، قد تكون أبرزها حالياً شبكة «روسيا اليوم» الإخبارية.
 
وفي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، نقلت صحيفة «ذي غارديان» عن بيتر هوروكس المدير العام السابق لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، مخاوفه من أن الغرب يخسر السيطرة الإعلامية أمام الروس والصينيين، وتحذيره من «التفوق المادي» للقنوات الروسية والصينية، مقارنة بمثيلاتها في الغرب.
 
واستناداً إلى دراسات تفيد أن نسبة خمسين في المئة من الشباب حول العالم يقضون معظم أوقاتهم وراء شاشات التلفزيون، يبدو منطقياً أن تنفق روسيا مئات الملايين من الدولارات على قنواتها، خصوصاً في ظل تقديرات تشير إلى ارتفاع نسبة مشاهدة التلفزيون في أوساط الشباب الروس لتناهز التسعين في المئة، في حين تتجاوز هذه النسبة حتماً الخمسين في المئة في مناطق أخرى قريبة مثل الشرق الأوسط وشرق أوروبا وشرق آسيا، وهي مناطق تعتبر «هدفاً حيوياً» للإعلام الروسي.
 
لقد فرضت الدعاية الروسية على الغرب الانخراط في سعي يومي حثيث لكسب معركة عناوين الأخبار، الأمر الذي تعترف به الناطقة باسم «الأطلسي» أوانا لونيسكو مشيرة إلى أن الرد على الدعاية الروسية «غير الدقيقة والمضللة» تستنزف «كثيراً من الوقت والجهد للرد على كل كذبة»، لذا، تقول «نحن نركز على التعامل مع الكذبة الكبيرة» وهي تقصد اتهام الكرملين للغرب بانه «يحاصر روسيا بسياج من الأضاليل والتلفيقات» مستهدفاً «دحرها وضرب تقدمها». وكلام الناطقة «الأطلسية» يوحي بأن الغرب في موقف إعلامي دفاعي وليس هجومياً.
 
وإذا كانت هناك «إنجازات» يستطيع الإعلام الرسمي الروسي أن يفاخر بها، فأقلها نجاحه في حشد التأييد للقيادة الروسية، الأمر الذي يبدو جلياً في ارتفاع شعبية الرئيس فلاديمير بوتين الذي تخضع وسائل الإعلام لسيطرته.
 
إن الاحتكار الرسمي لوسائل الإعلام في دول مثل روسيا والصين، يعطي مردوداً إيجابياً مباشراً للقيادة السياسية، وقد يحصد نتائج إيجابية في التأثير على جزء من الرأي العام في الخارج، لكن الأمر يختلف في دول الغرب، ليس لأنها تنتج إعلاماً حراً خالياً من التضليل، بل لأن تعددية انتماءاتها بتعدد أصحاب المصالح الذين يقفون وراءها، يجعل ولاءاتها في الدرجة الأولى مقسمة بين هؤلاء، فيما تبدو وسائل الإعلام الممولة رسمياً مثل «بي بي سي» محكومة بقوانين تمنع انقيادها تلقائياً وراء السلطات، إضافة إلى متطلبات التقشف الدائمة التي تحرمها موارد تمكنها من التنافس.
 
وفي حالات المواجهة كالتي تشهدها الحرب على أوكرانيا، يجد البيت الأبيض والحلف الأطلسي وحلفاؤهما، أنفسهم في موقع يتطلب بذل مجهودات مضاعفة لإقناع الإعلام الغربي «المتفلت من عقال السلطة»، بمواكبة المجهودات العسكرية والسياسية، وذلك يستدعي ابتكارات ومساومات، في بيئة إعلامية تنافسية لا تعترف بـ»خدمات مجانية» ولا بـ»ولاءات مطلقة لأغراض سياسية». - (الحياة اللندنية)
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد