وقضى ربك .. ‎

mainThumb

07-05-2015 09:57 AM

المتكفلان والحاضنان للإنسان ومنذ لحظة ولادته هما والداه ، فإذا إستغاث بهما فسيجد الإستجابة السريعة والمغلفة بالمحبة والرحمة والحنان .

أماه أماه ؛ أبتاه أبتاه ....  نداءات إستغاثة ترافق الإنسان في  مراحل حياته المختلفة ؛ وتأتي الإستجابة من قبل الوالدين  : تلبية” وخدمة” ورعاية” وعناية” .

إن علاقة الآباء بالأبناء هي أعظم وأصدق علاقة إنسانية ؛ ولهذه الأسباب ؛ ربط الله طاعته بطاعة الوالدين ؛ فالله هو الخالق للناس ، وهو الذي سخر لهم كل أسباب الحياة ، وقدر لهم الأرزاق ، والوالدان هما حاضنة الأبناء  ، وهما اليد الحانية والراعية لهم ، وهما المتكفلان بعيشهم  ... وهذا يحتم على  الأبناء رد الجميل  للآباء وبرهم  والإحسان لهم ؛  قال تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا  ( صدق الله العظيم  .
من خلال علاقة الطفل بوالديه ستتجلى المحبة بأحلى صورها  ، وستظهر التضحية بكل معانيها ، فندآءت الأبناء وإن تكررت فستلاقي الإستحابة الدائمة القوية والفورية من الآباء  ...

كثيرا” ما تحامل الآباء على أنفسهم لكي يصنعوا السعادة لأبناءهم ، ومنهم من ضحى بوقته وراحته وسعادته لأجلهم ... إن أجمل وأكمل وأروع صور العلاقات الإنسانية في هذه الحياة تتلخص بعلاقة الآباء مع أبناءهم ، وهي العلاقة التي تتاح للإنسان مرة واحدة في حياته ؛ لذلك فكل من يقلل من قدسية هذه العلاقة العظيمة ، وكل من يعق والديه فسيندم أشد الندم  ، وكل من ينكر فضل والديه فسيعاقبه الله في الدنبا والآخرة ، ومن لم يقابل الود بالود والإحسان بالإحسان ، فسيلاقي القصاص الموعود : وكما تدين تدان  ...

أيها الأبناء : إذا نخر الوهن عظام الآباء ، وإذا تمكن الضعف من أجسادهم عند الكبر  ؛ فالواجب الشرعي يقتضي منكم السداد ، والواجب الأخلاقي يحتم  عليكم رد الجميل ، وأرجو أن لا يغيب عن ذاكرة الإنسان العاقل القاعدة ألإلهية : كما تدين تدان ..,,,

يا أماه ؛  يا أبتاه  ... كلمات عفوية ، رددها الإنسان في كل مراحل حياته ... يا أماه ؛ يا أبتاه ... إستغاثات تلقائية رددها الإنسان عند المرض والضيق والشدة ، وقالها متيقنا” من الإستجابة  ، بعدما  لمس من والديه : المتابعة والخدمة والرعاية والعناية بهم ، ودون تأفف أو ضجر   ...

 أماه ؛ أبتاه ... نطق بها المولود الجديد باكيا”  فاحتضنته أمه بحب وحنان ورحمة ؛   أماه ؛  أبتاه ...  نطق بها الصغير صارخا” ومولولا” ؛ فأسرع اليه والديه يتلمسون شكواه ويقضون له حوائجه ؛ أماه ؛ أبتاه ... قالها الصبي الشقي مستنجدا” فإنطلق إليه الوالدين بلهفة„ وهم يقولون  : لبيك يا بني  ... لبيك يا بني ...  أماه ؛ أبتاه ...  رددها الشاب المنهك مرهقا” ومتعبا”  ؛ فغمره حب الوالدين ، ودعاء الوالدين  : اللهم نور دربه ويسر أمره .

أماه ؛ أبتاه ... رددها الرجل الكبير مهموما” ؛ فحوطه الوالدين بدعاءهم وبتضرعهم إلى الله ؛ بتفريح الهموم وبتسهيل الأمر لهم ...

أماه ؛ أبتاه  ... أماه ؛ أبتاه ... إستغاثات الأبناء التي لامست في كل مرة قلوب الآباء ؛ فكانت النتيجة سريعة وقوية وفورية  ...

 فتذكر فضلهم الدائم ولا تتنكر لهم ؛  وإذا وهنت عظام الأباء  ، وتمكن الضعف والعجز منهم ، فواجب على الأبن البار السداد لهم ؛ وواجبه على الإبن البار بأن يكون الخادم الوفي والمعيل لهم .

أيها الأبناء : أرحموا ضعف الآباء كما رحموا من قبل ضعفكم  ، وتذكروا قاعدة العدل الإلهية  : كما تدين تدان ...

ولا يغيب عنكم فضل خالقكم وربكم عليكم  ففضل الله فوق فضل كل الآباء ؛ لإنه الخالق والموجد لكم ، ولإنه الأرحم والأرءف بكم ، ولانه الحريص عليكم دائما”  ، وهو الذي غرس في قلوب آباءكم محبتكم ، وسخر كل ما في الوجود لكم ؛ فكونوا لله ومع الله كما كان معكم ...

 هزات أرضية كثيرة حدثت في عالمنا  ، وهدمت البيوت على رؤوس قاطنيها ؛ ومات الكثير من الآباء والأمهات ، ولكن الله  الرحيم بعباده حفظ أطفالا”  بعد غياب آباءهم وموت أمهاتهم ؛ وأنتشلتهم فرق الأنقاض أحياء ... فسبحان الله .

طائرات كثيرة سقطت  ؛ ومات أغلب من فيها ؛ ومات آباء وأمهات ؛ ولكن الخالق يبقى الأرحم بعباده وهو الحافظ للجميع وهو الأرحم بالأطفال ، فانتشل بعضهم أحياء  ...  فسبحان الله .

 والطفل الموجود في بطن أمه من تراه يكفله ؟ ومن سيتولى أمره ومن سبطعمه ويرعاه غير الله  ؟ ...  واليتيم الذي فقد أبويه ؛ من الذي سيهيء له الاسباب ومن سيولد عنده الأمل بالحياة غير الله ؟ ...

 بعد أن أنهكته الأمراض والأسقام ؛ ردد الشيخ الكبير وبعفوية  : يا أماه ؛ يا أبتاه .... فقال له الحاضرون : إن أبويك اليوم أمواتا” ، وهم عند ربهم ولا حول لهم ولا قوة ؛ فاستعن بالله  ؛ وعندها تذكر هذا الكهل أن جميع الخلق إلى زوال ؛ فتوسل لربه : يا الله ... يا الله ...

أبها الأخوة : إن الله تعالى هو إلهكم وخالفكم وموجدكم ، وهو الأرحم بكم من أنفسكم ، وهو القوي الودود ، وهو الحي الباقي ؛ فتوسلوا اليه رجاء رحمته وخشية عذابه ، وقولوا دوما”  : يا الله ... يا الله ...
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد