نجمة تركيا تُبكي الجميع بقصتها المأساوية

mainThumb

22-05-2015 01:45 PM

السوسنة - "كُلٌ يحمل من اسمه نصيب" أو هكذا يُقال. وحدها كانت من القلائل اللاتي شذذن عن تلك القاعدة، لتكن فريدة متميزة عن غيرها حتى في هذا، وحدها جاءت حياتها والتسعة عشر عامًا التي سمحوا لها مَن أعطوا أنفسهم الحق في تقرير مصيرها أن تعيشهم في تلك الحياة حاملة لها عكس ما تمنى لها والدها البسيط حين اختار أن يطلق عليها اسم "موتلو" تلك الصفة التي تعني في اللغة التركية "سعيدة".

إنها "موتلو كايا" حسناء شرقية، قدّرَ لها أن تعيش تسعة عشر عامًا فقط في هذا العالم لتنتهي حياتها برصاصة تصيبها في الرأس من حبيبها السابق أثناء تواجدها في بيتها وتناولها الطعام مع أسرتها.

قبل أشهر قليلة لم تكن حياة كايا سوى حياة بائسة لفتاة كردية تعيش في أسرة فقرة في مدينة ديار بكر جنوب شرق تركيا، المدينة المعروفة بانتشار جرائم الشرف فيها وتزمت أهلها علاوة على الاضطهاد بمختلف أشكاله الذي تعاني منه نساء المدينة كالكثير غيرها من مدن تركيا.

تغيّر مصير الحسناء الكردية الصغيرة في غمضة عين حين اختارتها النجمة التركية الشهيرة سيبال جان من بين العديد من الشباب لتشارك موتلو في برنامج اكتشاف المواهب "صوتك حلو" لتبهر الجميع بصوتها العذب وشعرها الحريري الطويل للغاية الذي لفت الأنظار كثيرًا حتى عرفت بالفتاة ذات الشعر الطويل.

ذهبت سيبال جان إلى مدينة ديار بكر التركية لتعود وفي يدها السمراء الكردية موتلو كايا وتعلن النجمة سيبال جان تبنيها هذه الشابة الصغيرة.

وبحسب ما ذكرت صحيفة حريت التركية في السادس عشر من أيار الجاري أي قبل حادث اطلاق النار على موتلو بيومين، فإن النجمة سيبال جان ذهبت إلى والدة الفتاة وقالت لها "لقد أصبحت ابنتك عائدة إليّ أي ابنتي، إنها حقًا تمتلك إمكانيات عالية، في أول يوم استمعت إليها قلت لنفسي هذه هي ما أريد، سأفعل كل ما بوسعي كي أقدم لها كل الدعم.

ومنذ طلتها الاولى على الشاشات أثارت فضول الجميع لاكتشاف من تكون هذه الملاك الصغيرة.

لقد عاشت موتلو كايا حياة بائسة، حيث كانت تعمل بائعة للشاي في احدى المدارس الابتدائية قبيل عثور سيبال جان عليها، وبالرغم من تفوقها الدراسي فلم تستطع كايا دخول الجامعة بسبب ظروف عائلتها المادية لذلك لم تستكمل دراستها.

وتعيش موتلو ووالديها في غرفة واحدة صغيرة ببيت قديم بينما يعيش أشقائها الثمانية عند شقيقتها الكبرى المتزوجة.

حين تلقت كايا عرض من النجمة سيبال جان كي تجعل منها نجمة شهيرة وقبل السفر معها إلى اسطنبول قالت لها بحزن طبقًا لتصريحات سيبال فيما بعد "ليس لديّ ملابس أو حذاء".

وبتفاصيل قصتها تلك التي رويت على الشاشات استطاعت كايا أن تُبكي المتابعين بعمق، ظنت حينها أنها ستطوي منذ ذلك اليوم وصاعدًا صفحة الأيام التعيسة في حياتها لتبدأ رحلتها إلى الشهرة والنجمية وتحقيق حلمها بأن تصبح مطربة شهيرة كسيبال جان، ولم تكن كايا ولا محبيها يعلمون حينها أن يومين فقط يفصلانهم عن بكاء وألم فاق أضعاف ما شعروا به على تلك الفتاة المسكينة حين علموا ماضيها الذي أصبح مستقبلها أشد تعاسة منه.

تعرضت موتلو كايا في التاسع عشر من أيار الجاري إلى محاولة اغتيال حيث تم اطلاق النار على رأسها من قبل مجهولين في بيتها، بينما نقلت على الفور إلى المستشفى، ودخلت في غيبوبة، إلا أن الأطباء فاقدين الأمل في نجاتها.

وقد تمكنت قوات الأمن التركية من القبض على ثلاثة مشتبهين، ولكن سرعان ما تم الافراج عن اثنين منهم، ليبقي المتهم الثالث والوحيد حاليًا وهو "فيسي إرجان" البالغ من العمر 26 عامًا والذي تبين أنه كان على علاقة عاطفية منذ عام ونصف بموتلو.

وبالطبع أنكر إرجان في افادته التهمة المنسوبة إليه وقال: لقد ذهبت إلى الشارع لكنني لم أطلق النار، كيف لي أن أطلق عليها، أنا أحبها، ولكن حدث بيننا بعض الخلافات وتناقشنا، لقد أرادت من قبل الاشتراك في برنامج صوت تركيا وأنا لم أعطيها الإذن وهي أطاعتني وقالت أنها لن تذهب.

من جانبه قام رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان بمهاتفة محمد كايا والد الضحية وتمنى لها الشفاء العاجل معربا عن أسفه الشديد لما حدث للفتاة الشابة، كما وعده بمتابعة القضية بنفسه ومحاسبة الجناة.

فيما كانت بعض الشبهات تحوم حول والد الفتاة محمد كايا إلا أنه صرح أنه لا يريد شيء سوى أن تعود ابنته بصحة جيدة، وكشف عن أن ابنته تتعرض للتهديدات منذ فترة وأنه ذهب وقدم بلاغ رسمي للشرطة عدّة مرات لكن لا نتيجة على حد قوله.

على جانب أخر فقد اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي موجة من الغضب الشديد امتدت إلى خارج تركيا منددة بالجرائم الممنهجة التي ترتكب ضد النساء في الفترة الأخيرة في تركيا والتي فاقت كل الحدود مطالبين بوقف العنف ضد المرأة.

بينما انتشرت جملة تداولها مئات الآلاف من الأتراك بالكثير من الأسف تقول في معناها "أن تكونِ امرأة في تركيا أمر صعب، وأن تكونِ امرأة "سعيدة" أمر أصعب".

ومن بين الأصوات التي تعالت منددة بالجرائم المسكوت عنها ضد النساء في تركيا، صوت النجمة التركية جيداء أتاش حيث كانت من أوائل النجوم الذين قاموا بنشر صورة موتلو على حساباتهم الشخصية على موقع انستجرام، وكتبت عليها جيداء معلقة: عندما رأيتها على الشاشات للمرة الاولي قلت من داخلي كم جميلة هذه الفتاة، ثم سمعت صوتها وأعجبت بها أكثر. امرأة أثناء سعيها وراء أحلامها ورغبتها في مستقبل أفضل توجب عليها دفع حياتها ثمنًا لذلك. ليست موتلو فحسب انما هذا الارهاب موجه إلى جميع النساء والاطفال. لا يستطيع عقلي استيعاب كيف لإنسان أن يفعل ذلك الفعل اللاإنساني، الله يعطيكِ القوة لتفيقي من جديد وتقفي أمام الجميع وتكملي أحلامك التي بقيت ناقصة.

أما النجمة سيبال جان والتي أصيب بالصدمة منذ علمها بالجريمة فقالت بأسف: دومًا نغني من أجل الحب، الحب لا يقتل، الحب لا يتسبب في الموت، تحملي وانهضي يا صغيرتي لتعلميهم بصوتك وتشرحي لهم كيف يكون الحب.

على جانب أخر قام مراسل قناة ستار التركية، إبراهيم كونار بنشر صورة تجمعه بالنجمة سيبال جان على حسابه الشخصي على موقع انستجرام وكتب عليها مُعلقًا: لقد قالت عن موتلو كايا "ابنتي" حين كانت تتحدث عنها، وقالت انها لن تتركها وحيدة في حربها. جاءت سيبال جان إلى ديار بكر على الفور عندما علمت بالحادثة، وكانت أول شخص دخل إلى موتلو في العناية المشددة ليراها، وصرحت كذلك أنها في أقرب وقت ستقف مجددًا هي وصغيرتها لينشدا الأغاني حاملتا نفس الميكروفون.

يذكر أن تركيا تشهد في الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في جرائم العنف ضد المرأة والتي صاحبها ازدياد عدد الأصوات المحتجة على حكم الاسلاميين في تركيا ومحاولة ربطه بما يحدث من اضطهاد للنساء ولا سيما وإن كانوا أكراد على حد قول الكثيرين من خلال الهاشتاج الذي دشنه الأتراك وشارك به مئات الآلاف من داخل تركيا وخارجها والذي حمل اسم موتلو كايا.

ولا يمكن اغفال الحديث عن الحادثة المأساوية التي شهدتها تركيا قبل عدة أسابيع حيث تم قتل الطالبة الكردية أوزجى جان أصلان البالغة من العمر 20 عامًا من قبل سائق حافلة حاول اغتصابها هو وابنه ومساعده أثناء عودتها إلى منزلها. تبعها حادث مقتل المطربة التركية ديير دينيز في شقتها شنقًا بحزام حقيبتها وسلك الهاتف الجوال.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد