وداعًا بلاتر ! - حسين شبكشي

mainThumb

29-05-2015 04:27 PM

منذ فترة ليست بالقصيرة والإعلام «السلبي» يلاحق الاتحاد الدولي لكرة القدم المعروف باسم «الفيفا». تلميحات بالغة الدلالة والقوة عن تورط المنظمة في ملفات فساد وأن هناك «أدلة» و«شهودا» و«براهين» تؤكد هذه الشكوك والهواجس بحيث لا تدع مجالا للشك أبدا.


كانت أهم الاتهامات تتوجه دائما صوب اختيار قطر وروسيا لاستضافة البطولة في دورتين متتاليتين رغم وجود الكثير من «المآخذ» الفنية والتحفظات على الملفين المقدمين من قطر وروسيا، وذلك بحسب الكثيرين من المحللين المنصفين، ولم تقتصر شبهات الفساد على هذه المسألة حيث انتشرت الأقاويل والصور والتسجيلات عن «ترتيبات خاصة» لأعضاء في اتحادات الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية لكسب أصواتهم وشرائها، ولكنها شملت أيضا ملفات الرعاية الكبرى للمناسبات المختلفة والمنتخبات الكبرى التي تم الاتفاق عليها مع شركات عملاقة متعددة الجنسية.


سيب بلاتر السويسري المخضرم الذي يدير هذه المؤسسة الأهم في عالم الرياضة (وهي بشكل رسمي وبحسب ما هي مسجلة في زيوريخ بسويسرا تعتبر منظمة غير ربحية، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود أعمال بمئات الملايين من الدولارات في دفاترها)، يديرها كما يتردد بشكل متسلط وديكتاتوري ويستمتع بذلك وهو يرى مكانته «تتزايد» في كواليس صناعة القرار العالمي والكل يسعى لكسب رضاه نظرا لما لكرة القدم من شعبية طاغية حول العالم، وتحول إلى شخصية «عالمية» عابرة للحدود وتحظى باستقبال وتكريم في كل مكان يصل إليه يكاد يماثل ما يلاقيه الزعماء ورؤساء الدول. كل هذا الجاه والسلطان والحضور له أيضا انعكاس مالي عظيم، وأصبح للفيفا أذرع اقتصادية عن طريق ما تمنحه من قوة للدولة التي تسعى للفوز بحقوق استضافة بطولة كأس العالم والتي تحولت إلى أهم مناسبة من نوعها وتحقق للدولة المستضيفة الكثير من العوائد السياسية والاقتصادية، وهناك حقوق استخدام الرعاية لكلمات مثل كأس العالم، والفيفا وعقد اتفاقيات «الشراكة» مع الاتحاد الدولي لكرة القدم وهي كلها عقود مالية عظيمة تسعى أهم الشركات لربط اسمها بشكل حصري بالراعي الأول للرياضة الشعبية الأولى حول العالم، وكذلك يسري الأمر على البطولات الأخرى التي ترعاها الفيفا باسم منتخبات القارات أو أبطال العالم للأندية.


الملف المفتوح الآن للتحقيق في تجاوزات مالية ضخمة من قبل السلطات السويسرية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركية (إف بي آي) بعد إلقائهم القبض على 14 من أعضاء الاتحاد الدولي لكرة القدم في مداهمات بأحد فنادق مدينة زيوريخ السويسرية. وتشمل التحقيقات بحسب الاتهامات التي ذكرتها النائب العام الأميركية ملفات رشى بخصوص عقود الرعاية وشبهة الفساد في ملفات استضافة بطولة كأس العالم في جنوب أفريقيا وقطر وروسيا لوجود «أدلة» على أن أمرا جنائيا مخالفا قد تم، أما سبب تدخل الولايات المتحدة فهو أن إحدى الوقائع المشار إليها في قضية التحقيق حصلت في مدينة ميامي بولاية فلوريدا الأميركية.


فيفا تلك المنظمة التي حققت نموا وسلطة تخطت الحدود والأهمية السيادية للكثير من الدول حول العالم وباتت تصدر قوانين وأنظمة «تفرض» نفسها على الدول بشكل هو أشبه بمنظمة الأمم المتحدة، لديها مشاكل عظيمة، فهي منظمة تبدو بلا شفافية ولا حس المحاسبة وعندها ضعف كبير في الحوكمة كما هو واضح مما حولها لمنظمة مستبدة. سيب بلاتر عاش أهم أيامه كأمين عام للفيفا ولكنه منذ تبوئه منصب الرئيس تحولت الأمور للأسوأ وأصبحت كلمتا الفساد والاستبداد مصاحبتين لحقبته في هذه المنظمة المهمة جدا.


نعيش الآن نهاية مرحلة سيب بلاتر الذي لم يعرف متى يترك المنصب، وبقي فيه أطول مما يجب وها هو يخرج مكسورا. سينسى الناس ما حققه من إنجازات لكرة القدم وسيذكرون الفساد الذي رافق فترته.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد