معان بين المطرقة والسندان

mainThumb

30-05-2015 11:47 PM

 معان بذرة الوفاء، ورمز الإباء، ومدرسة الانتماء، ودرة الصحراء، وعقاب شامخ في السماء، ونسر الأجواء، ومعقد الرجاء، رحم الوطنية العفيف، ونسيم الشرعية اللطيف، وقاعدة الهوية الأردنية، تئن الان بين سندان التجويع والتركيع، ومطرقة الظلم والقمع والترويع، ومع هذا بقيت وستبقى عصية على الاذلال والانتحال، وأسمى مقاما من الاقزام وان تطاولوها، وكسرت انوف الطغاة وان تجاوزوها.

 
     معان خضعت لبرنامج رسمي ممنهج، استمر ردحا طويلا من السنين العجاف، والنزيف والرعاف، ولكن بقيت معان وأهلها، يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف، فما انحنت هاماتهم لغير الله سبحانه، عندما انحنت هامات الكبراء المجرمين، وطأطأت رؤوس المتسلقين، وبقيت عصية على الانتهازيين، ومرغت بترابها انوف المغرورين والطغاة والبغاة، فذهبوا الى مياه التاريخ الاسنة، وبقيت معان في قمة العلياء، والربوة الشماء، التي ان أصابها وابل أتت اكلها ضعفين، وان أصابها طل لم تبخل بالعطاء المبين.
 
معان هذه الصخرة التي عجز عنها منشار الطواغيت , ودفعت الثمن بقرار من إرادة سياسية رسمية  : أن تبقى معان مظلومة مكلومة , لتبقى كتلة ملتهبة , وكلما جنح أهلها للسلم والمسالمة , جنحت الإرادة السياسية لمزيد من القمع , لاستخدامها ورقة تخويف للدول المجاورة , ولكي يدعي من انتهت مهمته وصلاحيته  , ان الغرب والشرق والدول المجاورة بحاجته لقمع الإرهاب , وبالتالي فهو يصر على شيطنة معان , وهي ملاك الصحراء , ويصر على تدمير معان , وهي القلعة التي تحطمت عليها موجات قطعان النباح , ونصال السيوف والرماح , وهي كما جبال رم في عليائها , والشوبك في شموخها , ووادي موسى في عراقتها , والجفار في نقائها  .
 
 معان الخالية والبريئة من العنف والتطرف والإرهاب، وان كانت هذه عناوين تستخدمها الجهات الرسمية غير البريئة، ضد معان. نقول كفى استخدام ورقة معان لتحقيق مآرب شخصية، وكفى التخندق وراء الادعاء ضدها، ليقال لهذا او ذاك، انه بطل من الابطال، وانه سيد الرجال، وعلى جميع هؤلاء ان يعرفوا ان معان أكبر منهم جميعا، وأسمى وأغلى من يدنسها قدومهم اليها.
 
 تشرفت يوم السبت الموافق 23/5/2015 باللقاء مع جمهرة كريمة من أهالي معان، لحل اشكال حدث، وكنت مكلفا بحله من قبل الطرف الثاني، فما وجدت معان الا كما عهدتها، المدينة الوادعة الامنة الرائعة، مدرسة في الانتماء , لأنها كانت خالية من عناصر التأزيم وأدوات التحطيم الخفية والعلنية  بعد انكفائهم ( انسحابهم ) من محيطها، وما وجدت فيها الا الحس الوطني الأردني، والتواضع القائم على الايمان والرفعة والترفع والكبرياء، وليس التكبر والغلو، واللطف النابع من الإباء، والتسامح النابع من الوطنية والقيم الأردنية، التي تشكل معان ركنا أساسا ورأسا من أركانه وبنيانه.
 
      كان في استقبالنا في منزل الشيخ ياسين بشير كريشان، جمهرة كريمة على رأسهم: النائب عوض كريشان، والدكتور أكرم كريشان، والمهندس حسين كريشان، والمهندس عبد المنعم أبو هلالة، والشيخ حامد محمد عوض كريشان، والشيخ صالح عواد كريشان، والشيخ يحي عبدربه البزايعة، والنائب السابق نايف كريشان، والشيخ شاهر تركي كريشان، والشيخ عمر سلمان أبو هلالة كريشان، واحمد إبراهيم أبو بشير كريشان، وأبناء المرحوم بشير كريشان (كل من تيسير وياسين وبشير وخلدون وخالد ومحمد وخليل وهاني).
 
  كانت جاهة الصلح والإصلاح، التي كنا فيها، برئاسة الشيخ السيد ماجد باشا فواز الشراري رئيس البلدية، والشيخ عادل الطحان، والشيخ احمد إبراهيم الخوالدة ال خطاب، والشيخ مروان عوجان، والشيخ فايز دويرج البزايعة، والشيخ يوسف الرواد( أبو رعد ) ، والمختار عمر غازي أبو درويش، ورجل الاعمال علي احمد أبو خديجة ال خطاب، والشيخ هاشم محمد أبو عودة ال خطاب، والشيخ شاهر هشام محمد أبو عودة ال خطاب، والشيخ شاهر تركي كريشان، والشيخ عوض أبو هلالة كريشان، وقد تنازل ال كريشان الكرام عن حقوقهم مشكورين، وانتهى الامر بكل المحبة الأردنية. وكان رفاقي من عمان، وهم من العبابيد، كل من مبارك قندح العويدي، وسالم عبدالنعيم العويدي، ومخلد بشير المغاريز.
 
وكانت الترتيبات قد تمت من خلال كل من معالي السيد احمد أبو عقلة ال خطاب وسعادة النائب نايف كريشان، والشيخ عمر سلمان أبو هلالة والشيخ شاهر تركي كريشان والدكتور أكرم كريشان والشيخ شاهر هشام أبو عودة ال خطاب والشيخ عوض إبراهيم أبو هلالة كريشان والشيخ احمد إبراهيم الخوالدة ال خطاب. ثم انتهينا الى لقاء محبة اردنية في منزل الشيخ شاهر هشام أبو عودة ال خطاب، وكان في استقبالنا جميعا الشيخ هاشم أبو عودة ال خطاب وجمع غفير وكريم من أهالي معان.
 
 
وعندما تجلس الى أهل معان، وانا اعرفهم جيدا منذ بواكير شبابي، تسمع مر الشكوى، والأنين من البلوى، ولكن برقي الاخلاق، بالعفة والتعفف، ورفض الرخص والتبخيس، ورفض مزج المدنس بالمقدس الذي يمارسه من أراد بمعان سوءا، ولكن اهل معان، يعرفون ان شيطنة معان، الخالية من الشياطين، ما هي الا سياسة رسمية ممنهجة، وان ذلك للبيع والقبض على ظهر معان، ضمن معادلة سياسية لترهيب الاخرين. ولا أقول من المحزن فحسب، وانما من المأساة المحزنة ان هناك حربا اقتصادية وامنية وسياسية وسلوكية، على معان الأرض والانسان والعيش والوجود والهوية والشرعية والتاريخ، ويشمل القرار السياسي أيضا، منع إقامة اية مشاريع تنموية في المحافظة او المدينة، بعد تدمير ما كان قائما، وشيطنة المدينة وأهلها، في العالم اجمع، بحيث تهرب الاستثمارات الموجودة، وتنفر المشاريع الموعودة، وتزداد البطالة، وبالتالي لتجويع الأردنيين هنا في معان. ليس جوع الطعام فحسب، بل جوع الحرية والديموقراطية.
 
    أقول لمن يرسم وينفذ هذه السياسة الخرقاء اللئيمة، والمؤامرة الدنيئة على معان وأهلها، ان معان كانت وستبقى عصية على القضم والهضم والابتلاع والاخضاع، وهي أسمي وأرقى وأكرم من ان تخضع لسوق النخاسة السياسي، الذي يصول فيه ويجول باعة الأوطان والأمان، بحجة الحفاظ على الأوطان والامن والأمان والانسان. والقتل بحجة منع القتل، والإرهاب بحجة منع الإرهاب، وأنها بيئة غير امنة لأي تقدم، وهي أم الامن والأمان.
 
     وان معان ستبقى شامخة ومهدا للأباة , وسيزول الطغاة , مهما طال الزمن , وسوف يكتشف العالم والناس , في صحوة ضمير ذات مرة,  او ذات لحظة , وأصحاب القرار في الداخل والدول المجاورة والغربية , ان شيطنة معان ليست الا سياسة ممنهجة خادعة كاذبة مفترية ,  للاستجداء لجيوب الفاسدين , ولإطالة اعمار من زلت بهم اقدامهم الى الهاوية , وانتهت صلاحياتهم كما الطعام الفاسد , الذي يراد إعادة تدويره وانتاجه , فوجدوا معان مشجبا ( علاقة )لأخطائهم وخطاياهم , وكبائرهم وتكبرهم وتجبرهم ,  ليقولوا انهم قادرون على كبح جماح أهلها , وما هذه  الادعاءات الباطلة , الا وهم سياسي وامني واضغاث أحلام , وسراب يحسبه الظمآن ماء , لغايات سياسية وامنية واقتصادية , والخاسر الوحيد هم اهل امعان . ومع هذا فهم اهل البقاء، واما الطغاة فهم اهل الفناء.
 
ومن المؤسف، ان يجد الطغاة كثيرا من بكاه الاطلال من أعداء معان، وسراق المجد والتاريخ، من الطامعين بالمناصب، او الاسترضاء الذليل، ويدعون انهم هم من يعيد الهدوء الى معان، وان معان في جيوبهم المترعة بالذلة، وتحت عباءاتهم المتسربلة بالخنوع، والحقيقة انه لا توجد مشكلة في معان، الا التي تخلقها الدولة (ومطاياها) وترعاها.
 
      ولو كنت ناصحا لأصحاب الإرادة السياسية، وأصحاب رؤوس الأموال من البكائين واللطامين، لنصحتهم ان يكونوا مثل الشيخ خالد إبراهيم فالح الرواد ابن معان البار، وأن يسلكوا ما سلك، وهو الذي يعمل على إقامة مصنع في معان لتربية الإبل على 500 دونم، وتشغيل 100 من أهالي معان في المرحلة الأولى، وهو بصدد إقامة مصنع لتصنيع حليب النوق، وسوف يتوسع المشروع ان لم تتدخل به الدولة، فان تدخلت، فإنني سأضع يدي على قلبي، وانصحه ألا يكون لأي طرف رسمي به علاقة. وهو بذلك يريد إقامة مشاريع مجدية وامنة، والقرارات الرسمية تأبى الا ان تدعم مشاريع التطرف.
 
     ولكن الجهات الرسمية تعرقل المشروع علنا، وترى انه لا يتفق مع الحياة العصرية؟؟؟؟.
 
      ورغم الحاجة الطبية والاستهلاكية والوطنية اليه، وحصوله على الموافقة تلو الموافقة، الا ان كل موافقة تتبعها عدم موافقة تلو عدم الموافقة. واستغرب كيف لا تدعم الدولة مشروعه الناجح، رغم ضياع الملايين في مشاريع فاشلة. وعلى اية حال، فان الامل يحدونا ان يجد المشروع شخصا وطنيا في موقع القرار يعطيه حقه، بدل ان يرحل المشروع الى دول عربية أخرى ترحب به وتطلب من الشيخ خالد ان يقيمه على ارضها.
 
 صحيح انه لا بواكي لأهل معان، في مواقع القرار والإرادة السياسية، ونقول هنا لا نريد أحدا ان يبكي على معان دموع التماسيح، بل نريد من هذه التماسيح ان تتوقف عن التهام مصالح معان وأهلها، ولا نريد تهديدا ووعيدا من أصحاب القرار والإرادة السياسية، لان الأصابع التي تشير الى معان بالاتهام والتهديد، فلن يكون مصيرها اقل من مصير أصابع سيف القذافي.
 
    لأن معان نار الكرامة والشهامة، والنقاء والاباء، التي تحرق الايادي العابثة، وتكوي القلوب الحاقدة، ولن يجد من يكرهها او يقمعها او يقصفها او يلاحق أهلها، انها بردا وسلاما عليه. بل نار الغضى، وغضبة الحليم، وسيف الكريم. وحينها تشظي (بتشديد الظاء) المطرقة (أي تتطاير شظايا) ويهترئ السندان)، وتبقى معان كبيرة باهلها وهم بها كبارا. حفظ الله معان وأهلها، والأردن وأهله.) 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد