سر جاذبية داعش .. الدعاية والتجنيد ؟

mainThumb

16-06-2015 12:24 PM

السوسنة - ناقش مختصون وباحثون أردنيون وعرب "سر جاذبية داعش- الدعاية والتجنيد"، ضمن مؤتمر عقد في العاصمة عمان، نظمته مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية (غير حكومية تأسست عام 1925 وتعنى بقيم الديمقراطية).

وخلصت عشرات أوراق العمل إلى أن سر جذب تنظيم داعش للمقاتلين العرب والأجانب، يعود لمجموعة من العوامل، تستند بالدرجة الأولى إلى أزمة الشرعية التي تعاني منها بعض الأنظمة العربية، واستغلال الشحن الطائفي، وانقلاب بعض القوى على ثورات الربيع العربي، وعودة الحكم الشمولي في بعض البلدان العربية، وانتشار الحروب الطائفية في المنطقة، واضطهاد أهل السنة في العراق وسوريا، والتدخل الإيراني في المنطقة والتحكم بالقرارات السيادية لبعض البلدان العربية، ما أوجد في داعش ملاذاً لعدد من الشباب العربي.

وفي أولى الجلسات قال الباحث الأردني المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، محمد أبو رمان "إن هناك ظاهرة مرتبطة بتنظيم داعش تتمثل بقدرته على تجنيد أعداد كبيرة من الشباب العربي وحتى من دول أوروبا، وهي قدرة عجزت عن تملكها تنظيمات إسلامية مختلفة ومنها تنظيم القاعدة".

وأضاف "إن بعض الدول الوطنية العربية فشلت في تقديم الشرعية السياسية، مثلما فشلت في توفير الحاجات المعنوية والمادية لشعوبها، كما أن الدول الاستبدادية دفعت شبابها إلى العمل المسلح تحت الأرض، تحديداً في سوريا والعراق، ما شكل منابت خصبة لتنامي التوجه نحو داعش".

وبيّن أبو رمان أن التنظيم "يتقن بناء الرسالة الإعلامية، والتعامل مع وسائل الاتصال الحديثة، فضلا عن مساهمة الثورات المضادة للربيع العربي في نموه".

فيما قال الباحث الأردني المختص أيضاً بالجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية إنه بالنظر إلى انضمام أكثر من 20 الف مقاتل عربي وأجنبي لتنظيم داعش، تبرز الحاجة إلى فهم سر الجاذبية للتنظيم.

ولخص أبو هنية أسباب انجذاب الشباب إلى داعش، في "فشل سياسات الدولة الوطنية العربية اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وظهور الهوية الطائفية في سوريا والعراق، وإتقان داعش للدعاية الإعلامية، ومقدرة التنظيم على تأسيس نظام من الحكم شبيه بـ (دولة الخلافة)"، لرؤية الشباب واعتقادهم أن التنظيم بوصفه "السنّي" يمكن أن يحارب التمدد الإيراني في المنطقة.

واقترح أبو رمان وأبو هنية وكلاهما تشاركا في تأليف كتاب "تنظيم الدولة الإسلامية" أن يتم تقديم نموذج في المنطقة العربية كبديل لداعش يمكنه جذب الشباب إليه.

في حين اعتبر الباحث السوري حسان الصفدي أن تنظيم الدولة، عابر للحدود، ومتعد لجميع الإثنيات القومية، وقد نشأ لتعويض حالة المهانة والمذلة التي يعيشها الشباب المسلم.

ورأى أن عناصر التنظيم في سوريا قاموا على نفرة دينية سطحية، تدعو لدولة الخلافة بناء على الفتوى غير الناضجة، التي لم تراع الظرف ولا الزمان ولا المكان، ولم تستدع سياق وخطوات الخلافة الأولى.

كما ذهب الباحث العراقي عثمان المختار، إلى أن تنظيم الدولة، بشع ومتطرف، وقد تكون بناء على ردود الفعل، التي نشأت ردا على الفعل الأصلي المتمثل بالاضطهاد والظلم والتهميش من قبل الأنظمة.

ولكن المختار، بالرغم من ذلك، لم يعذر أعضاء التنظيم، فقد وصف قياداته بالإرهابية وصاحبة التاريخ السيئ والأخلاق غير الحميدة، لافتا إلى أن أعضاء التنظيم في العراق انضموا إلى التنظيم رغبة في الانتقام، داعيا إلى وجود سياسة وآلية قادرة على تفكيك التنظيم وإنهاء وجوده.

إزاء ذلك، دعت الباحثة اللبنانية بيسان الشيخ إلى فهم التنظيم بعيدا عن سلوك العنف والتطرف الذي يمارسه، بناء على سلوكيات وتصرفات يتصف بها كثير من أعضائه، التي منها الخجل والانطواء وحب مساعدة الناس.
بيد أنها أوضحت موقفها من التنظيم، الذي كان ضده وليس معه.

وأوضحت الشيخ أنه بالرغم من دعوتها إلى محاورة وفهم التنظيم للحد من عنفه وتطرفه، إلا أنها أقرت بأن ذلك لا يمكن تحقيقه، وذلك لتصنيف التنظيم دوليا ضمن المجموعات الإرهابية، الأمر الذي يحول بين التواصل معه ومفاوضته.

وللزميل الصحفي وائل البتيري، كانت مشاركة، حيث ألقى الضوء على جاذبية التنظيم باتجاه أنصاره ومؤيديه في الأردن، وسرد عددا من القصص والنماذج التي تعود لقيادات وأنصار من التنظيم، منهم الدكتور سعد الحنيطي، وأحمد مهدي زيدان.
ونقل البتيري عن لسان من التقى وسمع من أنصار التنظيم الذين جذبوا واستقطبوا من قبل التنظيم، أنهم يحلمون بدولة الخلافة التي لن تقوم إلا بالقوة والسيف، وذلك استنادا لأحاديث نبوية، إضافة إلى الموروث الفقهي المتعلق بإقامة الدولة الإسلامية.
وخلص البتيري في بحثه الذي قدمه في المؤتمر، إلى أن هناك عوامل ساعدت في جذب الأشخاص والإعجاب والانضمام إلى تنظيم الدولة، كان أبرزها ما يلاقيه هؤلاء من اضطهاد طائفي لأهل السنة، وإفراط الإعلام المناهض لتنظيم الدولة في الافتراء عليها مما زاد ثقة المتابعين.

وتابع أن من العوامل الجاذبة، عدم رضوخ تنظيم الدولة للإغراءات المالية بهدف كسب ولائها من قبل الدول العربية، وتطبيق التنظيم لأحكام الشريعة الإسلامية، وعدم وجود محسوبية أو واسطة لدى عناصر التنظيم خاصة في القضاء، إضافة إلى عدم إلزام المواطنين في المناطق التي يسيطر عليها بدفع ضريبة أو جمارك.

إلى ذلك، رأى الباحث التونسي سامي إبراهيم أن من أسباب ازدهار التنظيم وجاذبيته في تونس، هو ما تعرض له مشروع الحداثة من فشل وتراجع في ميادين القضاء والتنمية والعدالة الاجتماعية وملف حقوق الإنسان.
واستطرد أنه من خلال مراقبته ومتابعته، وجد أن التنظيم عمل على جذب الكثير من المهربين والسجناء والمقاتلين القدماء، وأتباع نظام بن علي والمهمشين، إضافة إلى أشخاص لديهم نزعة للبطولة والزعامة.

وفي الختام، تحدث الباحث السعودي عبد الله المالكي، الذي ربط توفر الحظ الأوفر للسعوديين من حيث جذبهم واستقطابهم من قبل التنظيم، قائلا إن إحدى الروايات تقول إن السبب في ذلك هو موروث الخطاب الوهابي الذي دعا إلى مواجهة أعداء الدولة السعودية في القرن التاسع عشر، وتمثل في معاني البراء والولاء والتكفير، والانضمام إلى دولة الحق ومقاتلة دولة الباطل.

وفي الجلسة الأخيرة رأى الباحث والأكاديمي المصري عمرو حمزواي (رئيس حزب مصر الحرية) إن الدولة الوطنية العربية ككيان محايد فشلت منذ الحرب العالمية الثانية (1945)، ولم تلتزم بمعايير الحياد، فلم تنظر للناس بعيداً عن ديانتهم أو حزبيتهم أو انتماءاتهم.

وحذر حمزاوي من قدوم أزمة جديدة إلى المنطقة العربية ممثلة بمحاولة بعض الحكومات العربية توظيف الخطاب الديني التنويري كاستراتيجية بديلة في مواجهة داعش وأخواتها، مؤكداً أن التنوير الديني  الذي يمكن أن يواجه داعش يجب أن يخرج من رحم المجتمع وليس السلطة.

وشارك في أعمال المؤتمر باحثون وأكاديميون من: مصر، تونس، لبنان، العراق، السعودية، ايطاليا، ألمانيا، بالإضافة للدولة المضيفة الأردن.

ويشن تحالف غربي – عربي، بقيادة الولايات المتحدة، غارات جوية على مواقع لـ "داعش"، الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا، وأعلن في يونيو/ حزيران الماضي قيام ما أسماها "دولة الخلافة".

وتظهر بين الحين والآخر مقاطع صوتية ومرئية منسوبة للتنظيم، تظهر حيازته لتقنيات إعلامية وسينمائية ضخمة، ويستخدمها في تصوير مشاهد قتله وذبحه للأسرى، وكان بينها قيامه بإعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة في 3 شباط/فبراير الماضي. الاناضول



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد