رتبنالكم رمضان

mainThumb

24-06-2015 01:39 PM

عندما تخرج علينا فضائية طالما ادّعت أنها قناة كل العرب وتبشرنا بانها قد رتبت لنا الشهر بشعار"رتبنالك رمضان" فقد يتبادر لنا للوهلة الاولى وبحسن النية أنها سوف تساعدنا على صيام نهاره وقيام ليله بل يمكن أن تعيدنا إلى أجواء الشهر الفضيل الذي يحتفي به العرب في كل اقطارهم وتعيدنا إلى عاداتنا الجميلة في أجواء رمضانية عائلية حميمة.


لكننا تفاجأنا ما تبادر إلى ذهننا يختلف تماما عما يبدو في نية القائمين على تلك المحطة فهي تقصد أنها حشدت لنا كل ما يمكن أن يفسد علينا صومنا من مسلسلات وبرامج تمتاز بالسخف وما يثير الاستهجان أنها تعلن عن رصد ميزانيات ضخمة لكي تتباهى بما ينبغي أن تخجل به.


إن شهر الصيام هو شهر عبادة يراجع فيه الكثيرون أنفسهم، يحاولون أن يتنسموا بعض العطائر الروحانية بل نرى بعضهم ممن هم عن صلاتهم ساهون طيلة العام يذكرونها هذا الشهر ، ولا بأس لعل الشهر يكون نقطة تحول في حياتهم.


لا نريد للشهر أن يكون خاليا من البهجة تماما ، بل يمكن أن يتضمن بعض البرامج المسلية والخفيفة التي تثير البسمة وتضفي على الشهر أجواءً جميلة إلىالجانب الايماني لكن ما نشهده اليوم هو التطرف بعينه فبرامج الابتسامة الجميلة تحولت إلى برامج رعب مقززة والمسلسلات التي تجمع الأسرة في جو عائلي مريح تحولتإلىمسلسلاتعري وعرض أزياء يتنافس فيها أهل الفساد والانحلال.


في هذا الشهر يبدو أن أهل الفن الرخيص هم الأكثر حظوة بين المحطات وهم نجوم الشباك في رمضان فتمتلئ جيوبهم ويزداد رخصهم بينما يزيد بؤسنا وتكبر خيبتا.


اللافت أيضا أنه مع اقتراب الشهر هذا العام أخذ يطل علينا من يريد أن يشكك في كل شيء صرنا نناقش إن كانت صلاة التراويح بدعة أم لا وفيما إذاكانت صلاة الجماعة واجبة أم لا وإن الحجاب ليس من الدين هم من يصنعون من ذلك قضية ليزايدوا علينا أن لدى الامة ما هو أهم من الحجاب ويحاول البعض تسويق ما يمكن أن يشكك الناس في صيامهم وصلاتهم من خلال محطات ودكاكين الفضاء العربي التي تبيعنا الفساد والتعصب والتضليل والتحريض.


يبدو أن القادم أعظم فلن نستغرب بعد قليل أن تعقد الندوات والمناظرات التي تناقش أركان الدين من صلاة وصيام وغيرها إن كانت فروضا واجبة ام هي أيضا بدعة فعندها نكون قد انتقلنا من مناقشة ما قبلنا دائما على أنه قضايا خلافية تحتمل النقاش إلىما اعتبرناه دائما غير خاضع للمناكفة وعندها سنجر جميعا إلى ساحات تكرس الفرقة والخلاف.


في الواقع ما يدفعإلى هذا النقاش هو حالة الضعف التي تمر بها الأمة وبالتالي فإن ما يخصها يصبح مطروحا للنقد والشك من مناهج وإعلام وعقيدة حتى يسهل قيادها عبر العصور والأزمان وتتكرس عندها كل مشاريع الاستعباد والاستبداد والتجزئة.


اليوم صار عاديا أن يخرج علينا الشذاذ والمثليين ليطالبوا بحقوقهم علنا ويعقدوا المؤتمرات ويغلقوا الشوارع وينفذوا الوقفات الاحتجاجية وتشرع لهم الفضائيات مسنودين بدعم السفارات ليعطونا دروسا في القيم والأخلاق واحترام حقوق الإنسان.
لا أعرف كيف يمكن لأمة تعاني شتى العلل من اقتتال وتهجير وضياع أوطان أن يعلو فيها صوت الفجور على صوت العقل والحكمة؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد