الصفقات الكبيرة بين السعودية وروسيا وفرنسا ضمانات كمب ديفيد لم ترمّم أزمة الثقة - روزانا بومنصف

mainThumb

28-06-2015 01:45 PM

حظيت الاطلالة السعودية على روسيا وفرنسا بصفقات ضخمة في السياق الاقليمي والدولي للتطورات المتسارعة في المنطقة بأهمية لافتة على ضوء معانيها ومترتباتها بحيث حجبت الكثير من العوامل السلبية المتفاعلة ومن بينها فشل الاتفاق بين الافرقاء اليمنيين في جنيف بما يرشح للمزيد من محاولات استنزاف المملكة من ايران الداعمة للحوثيين إضافة الى تسريبات ويكيليكس التي استهدفت كشف جوانب من الاسرار الديبلوماسية السعودية.

وتبدو الاستعدادات قائمة على قدم وساق لما بعد الاتفاق النووي ومترتباته المحتملة على المنطقة. فعلى غرار استباق السعودية اتفاق الاطار بين الدول الخمس زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي باطلاقها "عاصفة الحزم" في اليمن استبقت المملكة التوصل الى الاتفاق النهائي المرتقب نهاية الشهر الجاري او قريباً في حال جرى التمديد بضعة أيام وتداعياته المحتملة بالانفتاح على روسيا بزيارة لولي ولي العهد وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان تم خلالها عقد اتفاقات تعزز العلاقات بين البلدين وتدفع بها قدماً وتعزيز العلاقات مع فرنسا وتوقيع اتفاقات بقيمة 12 بليون دولار في مجال الاسلحة والطيران من المرجح بالنسبة الى مصادر سياسية ان تثير الولايات المتحدة الحليف الأبرز للمملكة. فهذه المبالغ الهائلة التي صبت في مصلحة فرنسا بعد صفقات مماثلة لقطر في القطاع الدفاعي نفسه مع فرنسا قبل أشهر قليلة لا بدّ ان تثير انزعاج الولايات المتحدة ليس لخشيتها خسارة التحالف بينها وبين الدول الخليجية انطلاقاً من ان المصالح التاريخية والمشتركة بينهما لا تسمح بالتباعد الكلي، بل لأن اموالاً طائلة ذهبت لمصلحة قطاع الاسلحة والدفاع في فرنسا ما يعد خسارة للقطاع التنافسي نفسه في الولايات المتحدة. فالرسالة في زيارتي ولي ولي العهد لموسكو وباريس ليست معزولة عن واقع التشنج الذي بات يمليه طموح واشنطن الى انجاز اتفاق مع ايران حول ملفها النووي ما أدى الى اطاحتها بالتزامات او تقييد حركة الانخراط الاميركي في المنطقة في سبيل تحقيق ادارة الرئيس الاميركي انجازاً يسجل لهذا الأخير في نهاية ولايتيه الرئاسيتين. وثمة حاجة سعودية الى ملء الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في طبيعة العلاقات التحالفية مع دول الخليج وعوامل افتقار للثقة بين هذه المجموعة والولايات المتحدة بحيث ان خلط الاوراق الذي سيحصل في اليوم التالي للاتفاق النووي لن يقتصر على أصحابه او القيمين عليه اي الولايات المتحدة وايران بل يشمل السعودية التي تعلن انها توسع هامش خياراتها وتحالفاتها بحيث لن تبقى مقتصرة على الرهان على الولايات المتحدة في انتظار ان تحدد هذه الأخيرة وحدها قواعد العلاقة بين الطرفين خصوصاً في ضوء احباط كبير من اسلوب التعاطي مع "عاصفة الحزم" وعدم دعم واشنطن كلياً الرياض في معركتها ضد الحوثيين، كما مع أبعاد دول الخليج عن المفاوضات مع ايران وعدم اطلاعها عليها منذ البداية كما من احباط من عدم استعداد للادارة الاميركية لأي تعاط جدي في الموضوع السوري مراعاة لمفاوضاتها مع طهران. ولعل المؤشر الذي تعبر عنه الزيارتان لروسيا وفرنسا ان قمة كامب ديفيد في أيار الماضي التي شاءها الرئيس الاميركي باراك اوباما من أجل اقناع دول مجلس التعاون الخليجي باهمية وفاعلية انهاء طموح ايران النووي مقدماً ضمانات لهذه الدول عن موضوع أمنها والدفاع عنها انه يتعين عليها الا تكتفي بالضمانات الاميركية وتسعى الى تحصين نفسها عبر امتلاك الاسلحة التي تؤهلها لذلك عبر دول أخرى. يضاف الى ذلك ان فرنسا عادت الى رفع سقف موافقتها على اي اتفاق نووي مع ايران تلتزمه هذه الأخيرة بحيث تبدو الولايات المتحدة متهاونة ازاءها.


ومع ان التوجه السعودي نحو روسيا وفرنسا قد لا يؤثر على متانة او جوهر العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية ودول الخليج عموماً وفق ما يعتقد البعض راهناً، فان ثمة ما قد يرسم علامات استفهام مستقبلية خصوصاً في ضوء استمرار سعي ايران الى الحصول على اقرار اميركي بنفوذها في المنطقة ومحاولة منافسة الدول العربية من خلال تصوير نفسها الأقدر على محاربة تنظيم الدولة الاسلامية من كل الافرقاء والدول الأخرى وانها تستطيع ضبط الشيعة وادارتهم تحت سيطرتها على عكس ما هي الحال بالنسبة الى السنة في العالم العربي. وهو انطباع يقول زوار واشنطن انه موجود أصلاً في بعض الدوائر او لدى بعض الخبراء في العاصمة الأميركية. ففي سوريا مثلاً تقول مصادر زارت واشنطن أخيراً ان احدا لا يجب ان يأمل ان يهتم اوباما بالموضوع السوري قبل انتهاء ولايته بل يجب انتظار وصول رئيس اميركي جديد وثمة تعويل لدى الادارة الحالية على ترتيب للوضع السوري بناء على تعاون روسي وايراني وليس على مبادرة اميركية. وفي الوقت الذي باتت ايران تدرك كما روسيا ان لا امكان للنظام ان يمتلك القدرة على الحكم مجدداً، فهي ستبقيه واقفاً وصامداً من أجل التفاوض عليه لتحقيق مصالحها وتلعب لعبة الوقت لعلها تبيع للولايات المتحدة قدرتها على ضمان الأمن ليس في العراق فحسب بل في سوريا وعلى الحدود السورية مع اسرائيل على غرار ما هي الحال بالنسبة الى لبنان خصوصاً ان تركيا بقيادة رجب طيب اردوغان قد تلقت صفعة بعد الانتخابات التركية الأخيرة بحيث أضعفت أوراقها أمام ايران ولو أن هذه الأخيرة لم تعد تتمتع بموقع تفوقي كبير بعد خسارة النظام السوري مواقع استراتيجية انعكست سلباً على جهود إيران ومكاسبها.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد