داعش يُنقذ أردوغان - سميح صعب

mainThumb

28-06-2015 01:46 PM

كان الانتصار الذي حققه أكراد سوريا على "داعش" في تل أبيض والتوغل السريع في محافظة الرقة وسيطرتهم على شريط يمتد أكثر من 400 كيلومتر على الجانب السوري من الحدود، أكبر من احتمال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، فكان الاجتياح المفاجىء للتنظيم لمدينة عين العرب (كوباني بالكردية) على الحدود السورية - التركية، التي تحولت في فترة من الفترات رمزاً للصمود الكردي في مواجهة الجهاديين.

واذا كانت الانتصارات التي حققها أكراد سوريا تحظى بالرضى الاميركي بدليل المشاركة الفعالة لمقاتلات الائتلاف الدولي في التغطية الجوية للتقدم الكردي على الارض، فإن اردوغان يرى التطورات من منظار مختلف، إذ انه بات يخشى ان يترجم الاكراد امساكهم بمساحات واسعة من الارض السورية، باعلان كيان سياسي بصيغة من الصيغ التي قد لا تتفق مع الاستراتيجية التركية في الحؤول دون نشوء وطن كردي في سوريا أو في العراق من شأنه ان يغري أكراد تركيا بالانضمام اليه.
وزاد قلق اردوغان، الفوز الانتخابي الكاسح للقائمة الكردية في تركيا بحيث دخل الاكراد مجلس النواب التركي بصفتهم الحزبية للمرة الاولى في تاريخ تركيا مع ما يرافق ذلك من تزايد الحس القومي للاكراد في تركيا والجوار. لذلك بات ملحاً من وجهة النظر التركية عمل أي شيء لوقف الصعود الكردي.


فضلاً عن ذلك، شكل التقدم الكردي على الارض تهديداً جدياً لمدينة الرقة التي تعتبر المعقل الرئيسي لـ"داعش" التي انطلق منها ليتوسع في سوريا والعراق، وأي تهديد للرقة سيعيد خلط الاوراق مع احتمال استفادة النظام السوري من ضربة قوية يتلقاها "داعش". وهذا ما لا تريده لا تركيا ولا بقية الدول التي تعمل على اسقاط هذا النظام. وحتى أميركا تلعب ورقة "داعش" في سوريا ولا تريد القضاء على الجهاديين بكل فئاتهم ومشاربهم قبل اسقاط النظام.
وبقدر ما تكشف التطورات على الجبهة الكردية السورية مدى التورط التركي في دعم "داعش"، تؤكد فداحة التعقيدات الاقليمية للأزمة السورية ككل وعدم وجود أي تصور لدى أي طرف من الاطراف للاتجاه الذي تنزلق اليه سوريا التي تتعدد "العواصف" التي تهب عليها هذه الايام سواء من الشمال أو من الجنوب والهدف واحد.


وبعد أكثر من أربعة أعوام من الحرب، تتعايش تركيا مع "داعش" وتفضله على الاكراد، بينما يتعايش الاردن واسرائيل مع "النصرة". وهكذا يبدو ان رحلة البحث الاميركي عن "معتدلين" لتدريبهم في الاردن وتركيا، ستطول بعض الشيء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد