التعليم بين الفشل و النجاح - ناصر ال حسن

mainThumb

30-06-2015 12:58 PM

كثر بالاونة الاخيرة الحديث عن فشل التعليم , او تراجع التعليم في بلادنا العربية كما يصفه البعض , فاذا كانت نتائج فشل التعليم واضحة جلية,  فحري بنا ان نبحث عن اسباب هذا الفشل بمنهجية علمية بعيدة عن المواقف و الاراء المسبقة.


اود في البداية ان اؤكد على فكرة تباين تعريف التعليم او عدم وجود تطابق كامل بتعريف التعليم,  الا ان جميع المختصين و الباحثين اتفقوا على ان التعليم في محصلته ما هو الا تغير بالسلوك للافضل , فالتعليم وسيلة و منهجية,  و اما الغاية فهي الارتقاء بالسلوك و المهارة في شتى مناحي الحياة , فالتعليم هو تغير ايجابي متوقع , و تراكم هذا التغير (التعليم) يؤدي بالمحصلة الى رقي و تطور في السلوكيات عامة و في جميع جوانب الحياة ...


هناك فريق اخر قال ان التعليم هو اكتساب مهارات و معارف و مفاهيم  و من ثم استيعابها ,  ثم تطبيقها بل و التوسع بها و تطويرها (تغير بالسلوك) , بينما فريق اخر من المختصين قال بوضوح و بشكل مباشر , بان التعليم هو تغير  سلوكي قابل للقياس .


و مما سبق نستخلص بان التعليم عملية تستمر طوال الحياة نقوم من خلالها بتحويل المعلومان و الخبرات الى معرفة و مهارات و سلوك و مواقف و اتجاهات, لذا فالتعليم عملية ادراكية بشكل جزئي ,  و اجتماعية بجزئها الاخر و هو مرتبط ارتباط وثيق بوظائف الانتباه و الادراك و الاسيعاب و التحليل و استخلاص النتائج و اخيرا التطبيق بالحياة ( تغير بالسلوك) , "فعملية التعلم تبدأ عندما يشعر المتعلم بالحاجة لحل المشكلات التي تواجهه ".


غني عن القول بأننا كمعلمين نُعَلّم (قيم) من شأنها ان تحسن سلوك المتعلم بشتى المجالات .


لقد كانت المقدمة طويلة و لكن كان لا بد منها من اجل الانطلاق من مفهوم و ارضية محددتين للحكم اولا فيما اذا كان التعليم فاشلا ام لا,  و من ثم البحث بالاسباب. لننتقل الان من المرحلة النظرية الى العملية بالحكم و التطبيق , و هنا السلوكيات التي تجذرت بالمتعلم هي التي تحدد مدى تعلمه و اتقانه , فلناخذ مثالا مادة التربية الاسلامية , فهذه المادة تعلم  ( قيم )  هنا لن نسال عن درجة الطالب بالاختبار عندما يجيب على اسئلة تتعلق بالنظافة و تحري الصدق و الامانة و احترام و قبول الاخر و .... الخ بل سننظر مباشرة الى سلوكياته , فان حصل تغير ايجابي بسلوكياته  و انعكس ما تعلمه بالمدرسة على سلوكه الروتيني اليومي فقد تحقق التعليم  اي تغير السلوك و ان لم يحصل تغير بسلوكياته فالتعلم لم يتحقق حتى  و ان حصل على درجة مئة بالاختبار.


مثال اخر فلو اخذنا مادة اللغة الانجليزية فايضا لن ننظر لدرجة المتعلم بالاختبار بل سنرى ان كان قادرا على استخدام اللغة الانجليزية في مواقف عملية تتطلب منه استخدامها  اي تغير سلوكي - مهاري بناءا على ما سبق يستطيع اي مهتم ان يدرك مدى التعلم (التغير بالسلوك) الحاصل و تقييم العملية التعليمية على مدار العقود الماضية فعندما نرى الامراض الاجتماعية منتشرة  بل و تزداد انتشارا  في مجتمعاتنا  هنا نسأل :هل فعلا حدث تعليم بالوطن العربي .؟؟ اي هل نتيجة عشرات من السنين من التعليم و الانفاق الهائل عليه قد غير شئ من السلوك لدى الأفراد و الذي ينعكس بصورة جمعية كمجتمع له ما يميزه .؟؟؟


فالتعليم في الوطن العربي ككل قائم على الاخبار و التبليغ حيث يصبح الفرد مجرد ناقل للمعلومة ولا يملك حق التصرف بها واخضاعها لاليات التفكير والتقصي , وبناء تصوره ومفاهيمه الخاصه وهو السلوك الهدف لاي عملية تعليم , لذلك نرى ضمور الوعي والنضج المعرفي والانفعالي كسمة للمواطن العربي.

نحن ندرك  اننا نطلق على المجتمعات الغربية متقدمة بسبب التقدم الذي حدث على سلوك شعوبها في شتى مناحي الحياة نتيجة التعليم.


الامراض الاجتماعية المنتشرة تثبت ان تاثير  التعليم كان و ما زال محدودا جدا,و انتج ما يمكن ان نطلق عليه ( امية مقنعة) فالشهادة لا تعني حدوث التعليم ان لم يرافقها تغير بالمهارة و بالسلوك  بين ما كان و ما اصبح عليه المتعلم.


يجب أعادة النظر بعملية التعليم برمتها بداية من المفهوم  الى الرؤية الى التخطيط الى توفير عناصر التعلم الرئيسية و بشكل يلبي التطلعات الى متابعة التنفيذ و المراجعة الدورية لما تحقق و لما نريد تجقيقه.
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد