الحوت الأمريكي والدب الروسي في قطر

mainThumb

04-08-2015 11:04 AM

 (1) تستقبل العاصمة القطرية الدوحة هذا الأسبوع وزيري خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري ووزير خارجية الاتحاد الروسي سيرجي لافروف، وتأتي هذه الزيارة على أثر توقيع الاتفاق النووي بين غيران والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومعهم ألمانيا ( 5 + 1 ) في مطلع شهر يوليو/تموزالماضي، بعد مفاوضات أخذت مداها لما يزيد عن اثنى عشر عاما, كانت نتيجة ذلك الاتفاق تصب في صالح إيران إلى حد بعيد، وتقول الولايات المتحدة الأمريكية إنها منعت إيران من الوصول إلى تحقيق قدراتها المعرفية في المجال النووي بهدف الوصول إلى إنتاج سلاح نووي، وحققت روسيا، أيضا أهدافا إستراتيجية من وراء تلك الاتفاقية.

 

(2 )
 
تشعر الدول الخليجية العربية بالقلق على أمنها ومستقبلها السياسي والاقتصادي من جراء تلك الاتفاقية بين إيران و (5 + 1 ) . إذ يلاحظ المراقب المهتم بأمن الخليج العربي تزايد الأعمال الإرهابية في المنطقة بعد توقيع الاتفاق، علما بأنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد. تفجيرات واعتقالات في الكويت، والبحرين، والسعودية، وعمليات تهريب أسلحة ومتفجرات، وعناصر بشرية كاملة التدريب، كما أشارت الصحافة الخليجية. لا يمر أسبوع واحد في مملكة البحرين من دون أن تسمع تهديد وتحريض من قبل قيادات إيرانية رفيعة المستوى. المملكة العربية السعودية تتعرض لهجمات مسلحة على حدودها الجنوبية من قبل ميليشيات حوثية مدربة ومسلحة ومؤيدة من قبل إيران. أليس من حق هذه الدول أن تشعر بالقلق على أمنها وسلامة أراضيها وسيادتها ، بعد أن أصبحت إيران عضوا منتسبا إلى النادي النووي، والاعتراف لها بالمكانة والقوة والنفوذ في إقليم الخليج العربي؟
 
(3 )
 
جاء وزير الخارجية الأمريكية جون كيري، إلى الخليج العربي ليؤكد تطمينات الولايات المتحدة الأمريكية لدول مجلس التعاون أن الاتفاق مع إيران لن يكون على حساب أمنهم واستقرارهم، وأن أمريكا ما برحت ملتزمة بتعهداتها لأمن مجلس التعاون من أي عدوان خارجي، لكنها في المقابل، لن يمنع إيران من العبث بأمن المنطقة عن طريق عملائها وخلاياها النائمة في المنطقة.
 
وكان الرئيس الأمريكي، باراك أوباما قد قال لقادة مجلس التعاون الذي التقى بهم في منتجع كامب ديفيد في مايو الماضي "لا أضمن لكم سوى حمايتكم من هجوم إيراني مباشر ضدكم، أما أدوات إيران في حزب الله إلى النظام السوري والحوثيين فهذا شأنكم فتصرفوا وإلا فاصمتو".. كلام واضح . لكن، هل أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية صراحة لإيران وغيرها أن أمن دول مجلس التعاون الخليجي خط أحمر، كما أعلنت أن أمن إسرائيل خط أحمر؟ ونسأل الإدارة الأمريكية : ما هو الفرق بين احتلال أربع عواصم عربية من قبل إيران كما أعلن مسؤولوها واحتلال العراق للكويت ؟ الثانية قوبلت بحرب ضروس، جرد العراق من كل قوته العسكرية والاقتصادية والاجتماعية وأخيرا احتلاله.
 
( 4 )
 
يقول الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن المعترضين على الاتفاق النووي مع إيران لم يقدموا بديلا، واكتفوا بالمعارضة الكلامية . البدائل كلها بين يدي الرئيس أوباما ، منها على سبيل المثال ، إجراء تفتيش عن طريق وكالة الطاقة الذرية ،وبموجب قرار من مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع ، يشمل كل الأراضي الإيرانية لمعرفة مخزونها من أسلحة الدمار الشامل وتدميره، وتدمير الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تملكها إيران، إجبار إيران على عدم إنتاج أسلحة صاروخية يزيد مداها عن عشرات الكيلو مترات وقد أرست حكومات الولايات المتحدة الأمريكية المتعاقبة سوابق في هذا الشأن، كان آخرها العراق في حقبة التسعينات من القرن الماضي.
 
أخيرا، ليس لدى أمريكا عقبة في بيع أسلحة إلى دول الخليج العربية، لكنها دفاعية من نوع لا يهدد أمن حلفائها بما في ذلك إسرائيل وإيران حديثا .
 
(5)
 
جاء وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أيضاً، إلى الخليج العربي، ليسمع ما سيقال لنظيره الأمريكي وجها لوجه الأمريكي وجها لوجه، وليقول إن موسكو جاهزة لتكون الصديق الموثوق به لدول مجلس التعاون، وقد أثبت صدق صداقتها مع الحكومة السورية، وحال دون سقوط نظام بشار الأسد، وأنها زودت إيران بمفاعلات نووية سلمية، من السهولة تحويلها للأغراض العسكرية، بينما أمريكا كانت تجري محادثات مع إيران أكثر من اثنى عشر عاما. وقد أعلنت موسكو رسميا، والمحادثات بين إيران و( 5 + 1 ) تجري في فيينا، أنها ستبني ثمانية مفاعلات جديدة، داخل المحطة النووية الأولى، والتي أنشاتها روسيا عام 2013، وكذلك إقامة مفاعلين في بوشهر على الشاطئ الشرقي لمياه الخليج العربي، وهذا، في حد ذاته، يشكل خطورة على مياه الخليج التي تعتبر المورد الرئيس لمياه الشرب والمياه الصالحة للاستعمال الإنساني، إلى جانب الخطورة على الثروة السمكية، حيث إن الخليج يعتبر من الخلجان المغلقة.
 
يعكس الظهور الروسي بهذا الثقل في المنطقة، في حد ذاته، صراعاً بين الدب الروسي والحوت الأمريكي، فالدب الروسي يريد أن يثأر من الغرب لموقفه من المسألة الأوكرانية، وفرض عقوبات على روسيا. ويعتبر بعضهم تلك الاتفاقيات الموقعة بين الروس والإيرانيين بمثابة ضربة للأوربيين، والحق أنها ضربة أيضاً لدول مجلس التعاون الخليجي.
 
آخر القول: أتمنى أن يدرك حكامنا الميامين أنه لا ثقة في وعود الدول الكبرى وعليهم الاعتماد على جبهتهم الداخلية، وأن يعيدوا النظر في كل سياساتهم السابقة، تسليحاً واقتصاداً وتحالفات.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد