ما السر وراء هدوء الرئيس الأسد في حواره الأخير؟

mainThumb

26-08-2015 11:18 AM

عندما كان الرئيس الأسد يجري حواراً مع قناة المنار اللبنانية، كان المراقبون والمهتمون يرصدون إذا كان الأسد سيتحدث بحدة أم بهدوء حول معظم القضايا المطروحة على الساحة السياسية السورية والإقليمية، فهؤلاء المراقبون كانوا مهتمين دائماً بمتابعة أجواء الرئيس الأسد من خلال مراقبة مواقفه وطريقة آداءه، ليدركوا تماماً بأن الرئيس مثله مثل كل السياسيين، لا يتحدث كمحاضر، وإنما هو فى حالة اتصال مع الناس والجماهير، هو بإختصار شديد من يستطيع أن يصل إلى الناس بكلمات قليلة فيدفعهم إلى حماس أو ينزل بهم إلى هدوء، وإنطلاقاً من ذلك توقف الكثيرون أمام الهدوء الذي إتسم به آداء الأسد خلال هذا الحوار، فتساءلوا: لماذا كل هذا الهدوء والثقة الكبيرة التي حاول أن ينشرها في الرأي العام وفي الأوساط السورية والعربية؟.
 
في إطار ذلك إن هذا الهدوء له أسباب عديدة أهمها، تعطي طمأنة للشعب السوري وحلفاؤه خاصة بعد التطورات الأخيرة وللرد على الشائعات التي إنتشرت بعد المعارك الأخيرة في سورية وتراجع الجيش السوري عن بعض المواقع وما قيل عن تخلي ايران وروسيا وحزب الله عن الرئيس الأسد، كما كان هذا الحوار مهماً لتماسك المجتمع وقوة الدولة، و ضرورة التوحد فى الفترة المقبلة تجاه التحديات التى تواجهها الدولة من الناحية السياسية والأمنية ومواصلة العمل من أجل تقدم سورية، فحوار الأسد عن المسار السياسي لحل الأزمة في سورية دليل واضح على حرص الحكومة السورية على حقن دماء السوريين ودعوة صريحة لتركيز كل الجهود الدولية والإقليمية والمحلية على محاربة الإرهاب في المنطقة وإعادة الأمن والاستقرار إليها، وإنطلاقاً من ذلك كان الحوار شاملاً ومتكاملاً متميزاً بنبرة الإنتصار والثبات والعزم على مواجهة التحديات وجامعاً للسوريين وبث فيهم الطمأنية والسلام.


أكد الرئيس الأسد أن الأداة الحقيقية الأهم في العدوان على سورية هي الجماعات الإرهابية، وقال "إذا أردنا أن نواجه إسرائيل "علينا أولاً أن نواجه أدواتها في الداخل"، وأكد  الأسد أن ما يقوم به الإرهابيون أخطر بكثير مما يقوم به العدو الصهيوني، وأشار إلى أن التجربة السورية تشبه التجربة اللبنانية، بحيث أن هناك مجموعات سورية تقبل بالتعامل مع الأعداء، ودعا الغرب إلى التوجه نحو سورية والتعاون معها بدلاً من التعاون مع الدول الراعية للإرهاب التي تموله وتدعمه بالمال والسلاح والمقاتلين، مؤكداً أن سورية ستنتصر قريباً وتدحر الإرهاب عن أرضها وتستعيد أمنها وأمانها بهمة جيشها الباسل، وأثبت أنه بالرغم من كل المخاطر والظروف مما عزز من متانة الجبهة الداخلية وتماسك الشعب وقدرته على تجاوز كل الأزمات والتحديات.


وإنطلاقاً من ذلك وبعد الإتفاق الإيراني مع الغرب، سورية تتحدث اليوم بلغة جديدة وأمام منحى جديد يحتم ضرورة الذهاب نحو حلول سياسية وهناك فرص عديدة يعمل عليها بمساعدة الأصدقاء الروس كي يكون هناك حل سياسي ربما سيظهر خلال الأشهر القليلة القادمة، وأكد ذلك بقوله "السياسة الروسية سياسة ثابتة، نحن نثق بالروس ثقة كبيرة، إذ أثبتوا خلال هذه الأزمة أنهم صادقون وشفّافون معنا بالعلاقة، ومبدئيون، ونعتقد بأن هدف الروس هو جلب القوى السياسية باتجاه الحوار من أجل قطع الطريق على دعوات الحرب"، وفي سياق متصل أكد سيادته إذا كنا نتطلع إلى حل جذري لمشاكل الأمة، فلابد من مصر أولاً ثم زيادة التعاون بين مصر وسورية، وراهن على دور القاهرة في وقف الإرهاب في المنطقة، كما تطلع للمستقبل ليعود لمصر دورها القومي على الصعيد العربي والدولي.


مجملاً... أن اللقاءات الدولية والإقليمية حول الأزمة السورية تشير الى وجود خطة معينة سيتم من خلالها التعاون مع النظام السوري بالقضاء على الإرهاب، وبمشاركة جميع الأطراف كلاً حسب دوره، لذلك سنتوقع في الأيام المقبلة أن يكون هناك تحول كبير بالساحة السورية وتطورات كبيرة تعمل على تضييق الأزمة السورية، كما أن هناك بعض الدول على رأسها السعودية وتركيا وحلفاؤها ستخسر رهانها بالحرب على السورية ،أما المجموعات المتطرفة تشير الأحداث والوقائع الميدانية بأن دورها سينحسر ويتشتت، وأكد سيادتهذلك بقوله "لو لم يكن هناك أمل بالنصر لدى المواطنين لما صمدت سورية أربع سنوات ونصف،هذا الأمل هو الذي يشكل الحافز لمواجهة الإراهبيين ومواجهة المخطط الذي رسم لسورية، ثقتنا بالنصر تعتمد أولاً على الشعب، وثانياً على الأصدقاء الذين يقفون بصلابة ويدعمونها في المنطقة"، وفي إطار ذلك أكد أن وقف الحرب في بلاده أولوية لدمشق، واعتبر أن تعامل الغرب مع الإرهاب مازال يتسم بالنفاق.
 
أخيراً يمكنني القول، إن حوارالرئيس تميز بنوع من الهدوء وترتيب الأفكار، كما تميز بالجرأة والموضوعية في التقييم وبالصراحة في التشخيص والدقة في طرح الحلول والبدائل، كان حواراً نوعياً بكل المقاييس لأنه جاء في سياق وطني وإقليمي ودولي جديد ولم يقف عند إستعراض المنجزات فقط وإنما قام بتقييمها وقياس وقعها وأثرها على مستوى عيش المواطنين وعلى مستوى إستقرار وأمن سورية، وبإختصار شديد أن هذا هذا الحوار الهادئ قد ترك إنطباعات إيجابية في العديد من الاوساط السياسية والشعبية والإعلامية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد