التصنيفات العالمية للجامعات بين الحقيقة والتجارة - أ.د. عدنان المساعده

mainThumb

26-08-2015 11:31 AM

أتابع منذ فترة كما غيري من الزملاء الأكاديميين المهتمين في موضوع تصنيف الجامعات وموقع جامعاتنا الأردنية وعلى وجه الخصوص جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية والجامعة الأردنية وكذلك موقع الجامعات العربية. هذه التصنيفات مثل تصنيف Shanghai و تصنيف Webmatrix وغيرهما التي أصبحت رائجة من خلال إعتماد معايير تتلخص في السمعة الأكاديمية للجامعة Academic Reputation، وسمعة الخريجين في سوق العمل Employer Reputation، ونسبة الطلبة من دول العالم International Student Ratio وغيرها، حيث تتسابق الجامعات العربية لتحتل مواقع متقدمة ضمن هذا التصنيف أو ذاك، والمتابع بموضوعية وتمحيص دقيق للأمر يخرج بنتائج أن الذي يدفع أكثر وينفق أكثر لتحقيق هذه المعايير وإن كانت حبرا على ورق هو الذي يحقق موقعا متقدما أفضل، علما أن  كثيرا من النقاط  والبنود غير متوازنة وقابلة للنقاش وتتصف بعدم الدقة في التوزيع وتعتمد على أراء استطلاعية أو مسحية Screening Opinions)) بنسبة عالية وليس على دقة المعلومات (Precision of Data)، كما أن المقارنة بين جامعة وأخرى لا يخضع لمنطق مقبول فكيف يستوي الأمر أن يتم المقارنة بين جامعة تأسست قبل تسعين عاما مثلا مع جامعة تأسست قبل تسع سنوات.

 وبما أن الأمر أصبح من ضمن أولويات معظم الجامعات مما يضع هذه الجامعات  أمام تحد إداري ومالي وأمام ضغط نفسي كبير، مما يدفع بجامعاتنا للمحاولة مرة تلو الاخرى وتكون النتيجة دونما إحراز أي تقدم ملموس، علما أن جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية تمتلك الكثير من المقومات الأساسية لتكون في مصاف الجامعات العالمية وليس على مستوى جامعات الأقليم فحسب، حيث أن أعضاء الهيئة التدريسية فيها متميزون تدريسا وبحثا وتخرجوا من جامعات عالمية مرموقة، وأن طلبة الجامعات الذين يلتحقون فيها متميزون كذلك، كما أن خططها الدراسية تواكب تلك الموجودة في جامعات ذات سمعة أكاديمية عالية، والدليل على ذلك واقع الحال في مجال متابعة الدراسات العليا حيث أثبت خريجو جامعة العلوم والتكنولوجيا تفوقهم في مجالات العلوم الطبية والهندسية والعلوم الأساسية وغيرها، وهم الآن منتشرون في بقاع شتى من دول العالم وحققوا إنجازات عالمية.
بالإضافة إلى أن جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية تضم مستشفى تعليمي ومراكز علمية وبحثية في مجالات النانوتكنولوجي والطاقة والبيئة والدراسات البيولوجية والدراسات الدوائية والتحليلية وغيرها.

وعودا على بدء، نعم لنكن على تواصل مستمر فيما يستجد من معايير التي تحقق ضبط الجودة في التعليم والبحث العلمي والإدارة الأكاديمية وما إلى ذلك من أمور ترتقي بمؤسساتنا التعليمية، ولكن علينا أن ندرك ونعترف أن مراكز التصنيف العالمية هي مؤسسات ربحية بإمتياز وهدفها الترويج لبرامجها. وإذا كان الأمر يتعلق في تحقيق معايير عالمية فالأهم هو نقل التجربة إلى جامعاتنا بأقل كلفة لأن هناك جامعات أخذت مراتب متقدمة كونها أنفقت الكثير على ذلك ولكن واقع حال هذه الجامعات الحقيقي هو غير ذلك، بالإضافة إلى ضرورة أن تتبنى جامعاتنا إستراتيجيات عمل واقعية تكون بنودها قابلة للقياس وتتابع بإستمرار من قبل الجامعات بمكوناتها المتعددة التي تشمل الكليات والأقسام الأكاديمية والمراكز العلمية والبحثية وغيرها. وعندما تتحقق غايات هذه الإستراتيجيات، فإن ذلك حتما سينعكس إيجابا على أداء جامعاتنا.   

وكون جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية وكذلك الجامعة الأردنية - على سبيل المثال- تمتلكان مقومات جيدة لتحقيق معايير ضبط الجودة والحاكمية وكل ما يدور في فلكها، فإن ترتيبهما في هذا التصنيف أو ذاك لا يعكس الواقع الحقيقي فهل هناك من بدائل للتصنيف قوية وأكثر موضوعية تعمل في إطارها جامعاتنا الأردنية والعربية مع ضرورة متابعة ما يجري عالميا، لأنني أعتقد أن الأمر من ألفه الى يائه هو تجارة ولنعمل لجامعاتنا بمنهجية ومؤسسية وصدق ولا يكون شغلنا الشاغل أين موقع جامعاتنا العربية لأن المقياس الأساس لتحتل موقعا متقدما هو كم تدفع وتنفق هذه الجامعات وبالطبع أن مراكز التصنيف هذه لها من ذلك نصيب.

ودامت النفوس الكبيرة التي تقدم وتعمل للوطن والأجيال، ودامت النفوس الأبيّة والقلوب النضرة التي لم تلوثها المغريات مهما كانت والتي تتسامى عاليا لتحقق أهدافا سامية تنفع البلاد والعباد، و"بوركت جامعتي فخر الوطن".        

* عميد كلية الصيدلة
جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد