الأسد يعيد العصر الذهبي لمحور دمشق القاهرة

mainThumb

28-08-2015 01:31 PM

ما تتعرض له مصر لا يقل خطورة عن ما تواجهه سورية، إنه الإرهاب الذي يستهدف قدرات ما تبقى للأمة العربية من أمل، في إطار ذلك أكد الرئيس الأسد في حواره مع قناة المنار أن الجيش والشعب السوري بنفس الخندق مع الجيش والشعب المصري في مواجهة الإرهابيين الذين يبدلون مسمّياتهم كما تبدل مسمّيات أي منتج فاسد، مشيراً الى دور مصر البناء والمستقبلي في رسم ملامح الحلول لمشكلات المنطقة إنطلاقاً من دورها الإقليمي وثقلها الإجتماعي والثقافي.
 
وفي الاتجاه الآخر عكست تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للوفد الإعلامي الذي رافقه فى زيارته الأخيرة للولايات المتحدة التى أكد فيها بوضوح  على أن سورية تمثل عمقاً إستراتيجياً لمصر، ودعا إلى إحترام  وحدة أراضيها، عن إرتباط الأمن القومى المصري بوحدة الدولة السورية وعدم تقسيمها أو تفتيتها، لأن تقسيم سورية لن تعيش مصر في أمان.. ولن تستقر الأوضاع بأي شكل من الأشكال.
 
في سياق متصل إن تدخل الدول الغربية فى الشأن السوري بعد خمس سنوات من الفوضى والحرب المسلحة بين التنظيمات الجهادية ونظام الأسد يهدف بالأساس الى إطالة أمد الحرب الدائرة وعدم إنهائها حالياً بإعتبار أن هذا هو المخرج الوحيد لتنفيذ مخططها لتفتيت دول المنطقة الذي يجري تنفيذه بمساعدة التنظيمات المتطرفة التي رشحتها أمريكا لقيادة البلاد العربية فى الفترة التى أطلق عليها "الربيع العربي"، وعلى رأسها داعش، بالإضافة الى هدم الجيش السوري والقضاء عليه الذي سيؤثر بشكل مباشر على القوة العسكرية المصرية، وأن خطة الغرب فى تمزيق الحلفاء الإستراتيجيين فى المنطقة العربية بدأت بالقضاء على الجيش العراقي وتقسيم الدولة الى دويلات متناحرة على أسس دينية ومذهبية وطائفية، وهو السيناريو الذى تسعى إلى تكراره فى سورية ومصر حالياً، حتى تصل الى منطقة ممزقة تواجه كل دولة فيها مصيرها منفردة، بما يضمن عدم وجود أية تحالفات مستقبلية بينها مرة أخرى.
وفي موضوع مستوى العلاقة والتنسيق بين دمشق والقاهرة، خاصة بعد عزل محمد مرسي وإقصاء جماعة الإخوان المسلمين من الحياة السياسية المصرية وتوصفيها كمنظمة ارهابية، أكد الأسد حرص بلاده على إقامة أفضل العلاقات مع الشقيقة مصر، حتى خلال وجود الرئيس المخلوع محمد مرسي وكل إساءاته لسورية، مؤكداً أن سورية  لم تحاول أن تسيء لمصر، والتواصل بين البلدين لم ينقطع وبقيت اغلب المؤسسات المصرية تنسق مع مثيلاتها السورية بما يخدم مصلحة الشعبيين الشقيقين، لافتاً الى أننا نريد من مصر أن تلعب دور الدولة الهامة الفاعلة الشقيقة التي تساعد بقية الدول العربية إنطلاقاً من تاريخها العريق.
في إطار ذلك ما من شك إن كلا البلدين لهما وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية، إذ أكدت دروس التاريخ أنه كلما كانت سورية ومصر في خندق واحد، وموقع واحد متضامنتين فإن ذلك يحقق الأمن والاستقرار للإقليم العربي، وعلى النقيض من ذلك فإنه كلما فترت هذه العلاقة فإن المردود السلبي لن يقتصر على الشعبين السوري والمصري وإنما ليشمل دول المنطقة، وبالتالي فإن سورية ومصر هما الأكثر مسؤولية في إيقاظ الصحوة القومية المنشودة والحفاظ على ثوابتهما، وأنهما الأكثر قدرة وجرأة على جذب بل دفع الآخرين نحو هذا الطريق، بعد أن أثبت تاريخ العرب الطويل بأن محور القاهرة دمشق كان وما زال هو الفاعل المؤثر، ومن هذا المنطلق يقع على عاتق مصر اليوم أمام الوضع المؤلم في سورية أن تلعب دورها السياسي للتوصل الى حل حقيقي لحقن الدماء، لأنها المؤهلة للقيام بهذا الدور.
في سياق متصل إن مكافحة الإرهاب أصبح مسؤولية قومية عربية بعيداً عن أمريكا ومخططاتها، وأصبح لزاماً على مصر أن تعيد حساباتها وتحالفاتها الدولية والإقليمية وأن تشرع لإعادة علاقاتها مع سورية وقوى المقاومة في المنطقة لإعادة إستنهاض المنطقه للتصدي لكل محاولات إعادة ترسيم المنطقة بما يخدم أهداف المشروع الأمريكي الغربي ومحصلته تحقيق أمن اسرائيل، لذا لا بد من صحوة عربية تقود لعملية التغيير الإستراتيجي للوقوف في وجه الإرهاب الذي يستهدف الأمن القومي العربي وركيزته مصر وسورية.
 
وبإختصار شديد إني على ثقة تامة بتعزيز وتطوير العلاقات السورية المصرية وكذلك الإيرانية في أقرب وقت ممكن حتى يكتمل المثلث الممانع لخارطة الشرق الأوسط الجديد، لإنه إذا اكتمل هذا المثلث يمكننا إرساء شرق أوسط جديد يتماشى مع إستراتيجيات المنطقة العربية، وهذا سيعزز بدوره قدراً كبيراً من المصالح لكافة الأطراف، ويجنبهما الإنزلاق إلى مستنقع حروب الإستنزاف الطائفية والمذهبية، التي تسعى واشنطن وحلفاؤها إلى الزج بهما من أجل إستنفاذ قدراتهما في مواجهة التحديات التي تحيق بهما، لذلك لا بد من أن تنتقل مصر من موقع الإدانة للإرهاب فى سورية إلى العمل مع الدولة السورية على مقاومته وحصاره لأن البديل هو أن يتمدد فى مصر وينتقل إليها وقد بدأ فعلاً فى ذلك، وأكبر دليل على ذلك إنتقال داعش إلى سيناء مع أسلحتها وعقيدتها التدميرية، وأخيراً يمكنني القول إن العلاقة بين سورية ومصر هي التي تحقق التوازن على الساحة العربية والإقليمية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد