ابنُ شدقم ولفظة ( الترابين ) في كتابه ( تُحْفة الأزهار وزُلال الأنهار .. )

mainThumb

03-09-2015 12:19 PM

لقد قام أحدُ النُّكْرات بولوج علم الأنساب ، وهو كما أخبرني الثقاتُ : رقَّاصٌ ضرَّابٌ على آلةٍ تُسَمَّى : ( بالسمسمية ) من معازف أهل الموانيء ، ولكن رأى موجةَ علمِ الأنساب قائمٌ سوقُها ؛ فأراد أن يَدْخُلها ويشتري ويبتاع !

وما درى هذا الضَّرَّابُ على ( السمسميَّة ) أنه لا يُجيدُ العلومَ التي هي دون علم النسب بَلْه علمَ النسب !


لكنَّه زَمَنُ الشبكة العنكبوتية التي ظهر فيها البرغوثُ ، والنَّطيحُ والكسيرُ ... فإلى الله المُشْتَكى من هذه الزَّعانِف التي لا تُعْرَفُ في الأوَّل ولا في الآخر !

فقامَ هذا النُّكْرةُ الخاليةُ من ذكرِه وذكرِ عائلتِه كُتُبُ التاريخ ناهيك عن صدور الرُّواة ، بالتحدث عن نسب قبيلة الترابين ، فخاطَ الشَّرقَ بالغربِ ، وأوصل القردَ بالسَّبُعِ ، فخرجتْ كتاباتُه هزيلةً كهُزالِهِ ، بها القيحُ ينحدرُ من يراعِهِ !

قرأتُ بعضَ هُدَّانِهِ ؛ فرأيت أن أُعَلِّق تعليقةً سريعةً حتى لا يأخذَ من وقتنا إلا اليسيرَ والنَّزْرَ .

قام صاحبُ ( السمسمية ) ، بذكر كلمة ( الترابين ) في كتاب ( تحفة الأزهار ، وزلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار  ) لابن شدقم الذي كان حيَّا ( 1090 ) هجريا . وجاءت كلمة ( الترابين ) عرضا في كتاب ابن شدقم عند ذكر حادثةٍ رواها ، فظنَّ صاحبُ السمسمية أنه وقع ( تمرة الغراب ) ، وأنه بهذا النقل أثبتَ قُرَشِيَّةَ قبيلة الترابين الشامية الجذامية ، ولكنَّه الهوسُ وعدم النضوج في باب البحث العلمي ، لأن أصابعَهُ ما زالتْ تَظُنُّ القلم أوتار تلك الزَّمَّارة الدَّنيئة التي عاش معها ردحا على ذلك الشاطيء !

وقام الأخ أحمد أبو بكرة الترباني بالرد عليه دون ذِكْر اسمه لأنه أصاب في ذلك فأمثال هؤلاء يجب أن يبقى التصريح بأسمائهم في عالم الغيب ؛ لأنهم ليسوا أهلا أن تُعْرَفَ أسماؤهم .

وسوف نتعقَّبُ صاحبَ السمسمية ، وكذلك نتعقبُ ردَّ الأخ أحمد أبو بكرة الترباني ، فصاحبُ السمسمية ، زعم أن لفظة ( الترابين ) الواردة في تلك الحادثة دليلٌ قطعيٌّ على قرشية قبيلة الترابين الجذامية الشامية ، وهذا يكفي لسقوطه – وإن كان قاعدا طِيْلةَ حياته - ، فقام الأخُ أحمد أبو بكرة الترباني بردِّ هذه اللفظة إلى مهنة التراب كان يمارسها أؤلئك النفر المذكورون في كتاب ابن شدقم ، فأمّا ما يخصُّ صاحبَ السمسمية فلن نتعرض له ؛ لأن كل عاقلٍ يعلمُ مدى جهله وتجنِّيْه على هذا العلم الشريف ، وسيكون تعقبي الى ما ذهب له أحمد ابو بكرة الترباني في نسبة تلك الطائفة الى العمل في التراب حتى نُسِبُوا إليه .

إنَّ المتتبِّعَ لِمَن كان من أنصار علي – رضي الله عنه – في فترة ما كان يُطْلَقُ عليهم : ( التُّرابِيَّة ) نسبةً إلى كُنْيَة أبي تُراب التي كانت لعلي – رضي الله عنه – وقد ورد هذا اللفظ في بعض المصادر الإخبارية مثل كتاب الأغاني لأبي فرج الأصفهاني ، جاء فيه ( 5 / 18 ) :

( ... وضَحَّى بنو مروان بالكرمِ يومَ العَقْرِ ، ثم انتضحتْ عيناه باكيا ، فبلغ ذلك يزيد بن عبدالملك فدعا به ، فلما دخل عليه قال : عليك لعنةُ الله ! أَتُرابيَّةً وعصبيةً ! وجعل يضحك منه ) .

وجاء في المصدر نفسه ( 9 / 99 ) عند ذكر رسالة زياد إلى معاوية – رضي الله عنه - :
 
( أما بعدُ ؛ فإنَّ اللهَ قد أحسنَ عند أمير المؤمنين البلاءَ من عَدُوِّهِ ، وكفاه مؤونةَ مَنْ بَغَى عليه ، إنَّ طواغيتَ التُّرابِيَّةِ السابة رأسُهم حُجْرُ بن عدي ... ) .

وجاء في نفس المصدر ( 8 / 104 ) :

( فقال له : انطلق الى ابني عباس ؛ فقلْ لهما : أعمدتما إلى رايةٍ تُرابيَّةٍ قد وضعها اللهُ ؛ فنصبتماها ، بَدِّدا عني جمعَكما ).
 
وقد أرسل لي الأخ أحمد هذا النصَّ بعدما اطلع على مقالتي ، وأقتنع أن الترابيين نسبةً إلى موالاة علي – رضي الله عنه – وهو لفظٌ شاع قديما لمن ناصر أبا تراب – رضي الله عنه – والنصُّ هو :

جاء في ( مروج الذهب ) ( 432 ) :

( فلما علم من بقي من الترابيين أن لا طاقةَ لهم بمن بإزائهم من أهل الشام انحازوا عنهم ) .

ولأبي مخنف لوط بن يحيى – الكذاب – كتابٌ أسماه : ( أخبار الترابيين ) .

والمقصود بالترابيين هم أنصار علي – رضي الله عنه – لأن كنيتَه أبو تراب .

فكما نلاحظ أن ورود هذه اللفظة وما شاكلها من مشتقات ومتعلقات كنية ( أبي تراب ) التي كانت لعلي – رضي الله عنه – فلا دخل لها بقبيلة الترابين كما نَعَقَ ذلك المتعالم صاحب السمسمية ، وكذلك لا دخل لها بمهنة التراب كما خرَّجها الأخ أحمد أبو بكرة الترباني .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد