نصرة أميركا

mainThumb

05-09-2015 02:02 PM

 يقترح المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية ديفيد بيترايوس، الذي سبق له أن تولى قيادة القوات الاميركية في العراق، على إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما، التعاون مع عناصر من "جبهة النصرة" ليست على علاقة قوية بتنظيم "القاعدة"، لمحاربة تنظيم "داعش" والنظام السوري معاً. ومن الناحية الفعلية يتضمن الاقتراح إقراراً بفشل برنامج التدريب الاميركي لعناصر سورية "معتدلة" في تركيا والاردن ودول الخليج العربي بهدف ملء الفراغ الذي يمكن ان ينجم عن انسحاب "داعش" من بعض المناطق في سوريا تحت وطأة الغارات الجوية للائتلاف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ نحو سنة.

 
وأثار الاقتراح كل هذه الضجة لسبب مباشر يتمثل في كون بيترايوس هو صاحب فكرة انشاء "الصحوات" في العراق التي شكلت بعد عام 2007 رأس حربة في مقاتلة "القاعدة". وانطلق بيترايوس في خطته من أن محاربة الجهاديين السنّة في العراق ستكون أجدى لو تمت بمقاتلين سنّة من البيئة التي تشكل حاضنة لـ"القاعدة". لكن الوقائع على الارض اليوم تثبت فشل ما يعتبره بيترايوس وكثير من المسؤولين الاميركيين قصة نجاح في العراق بنى عليها الجنرال المتقاعد مجده وحملته لمنصب مدير "السي آي إي" قبل ان تطيحه نزوة عاطفية مع كاتبة سيرته اضطر بعدها الى الاستقالة.
 
ويتسلل بيترايوس الى الواجهة مجدداً من خلال الشقوق التي أصابت الاستراتيجية الاميركية حيال سوريا والتي كانت حصيلتها تمدّد "القاعدة" تحت مسمّيات مختلفة من "داعش" أو "جبهة النصرة" أو "احرار الشام الاسلامية" الى عشرات الفصائل الأخرى التي نبتت على الساحة السورية في ظل الفوضى الأمنية وتدمير مؤسسات الدولة تحت شعار إسقاط النظام "الذي فقد شرعيته" بقرار خليجي وتركي وأميركي وأوروبي، فكانت النتيجة سيادة المشروع الجهادي في العراق وسوريا ومأساة للشعب السوري لم يعرفها شعب منذ الحرب العالمية الثانية.
 
وعلى رغم ذلك لا تزال واشنطن وحلفاؤها ممن تسببوا بنكبة الشعب السوري عند المربع الاول للأزمة ويرددون لازمة رحيل الرئيس بشار الأسد شرطاً للقبول بجلوس المعارضة مع أركان آخرين من النظام.
وبما أن واشنطن تدرك أن فكرة محاربة "داعش" والأسد بـ"المعتدلين" غير عملية، فإنها تتّجه الى التصالح مع "النصرة" أو "أحرار الشام" لتحقق مرادها الأول المتمثّل في إسقاط النظام السوري، غير مكترثة باليوم التالي لهذا السقوط، هكذا فعلت في ليبيا واليمن والعراق من قبل وهذا ما يحصل في سوريا منذ أكثر من أربع سنوات.
 
* النهار


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد