جوده: ما يحدث بالقدس ينذر بحرب دينية ..

mainThumb

01-10-2015 12:49 PM

 عمان – السوسنة - اكد نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ناصر جوده، ان مسببات وبذور النزاعات في المنطقة، والتي تفاعلت وتفاقمت في إطار ما عرف وسمي بالربيع العربي، "ناتجة عن الحرمان في عديد من دول المنطقة، والتي بدأت في مراحل مختلفة إبان العقود الماضية، وتراكمت واستفحلت حتى مرحلة الانفجار".
 
جاء ذلك خلال مشاركة جوده، الأربعاء، في جلسة مجلس الأمن حول تسوية النزاعات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا والتصدي لخطر الارهاب ومحاربته في المنطقة.
 
وقال جودة، ان القاسم المشترك في كل دول المنطقة التي تشهد نزاعات اليوم، هو تراكمات هذا الحرمان إن كان سياسيا او اقتصاديا او اجتماعيا، وغياب الأفق السياسي لتصحيح المسار في هذه الدول، والابتعاد عن سياسات الإقصاء والتهميش، والتي بدورها مهدت لأرضية تقوم على مقاربات طائفية او مذهبية او قبلية على حساب دور الدولة الجامع والوحدة الوطنية بين مكونات النسيج الوطني لهذه الدول، والتي وفرت البيئة الخصبة للتنظيمات الإرهابية لاستغلالها وتعزيز تواجدها.
 
وأكد ان ما يحدث اليوم في القدس المحتلة وخاصة في المسجد الأقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف، واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية "يهدد باندلاع حرب دينية". وطالب جودة اسرائيل "بوقف هذه الانتهاكات فورا واحترام قدسية الأماكن المقدسة من منطلق وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني على المقدسات المسيحية والإسلامية في القدس الشريف، وتفاديا لتفاقم هذه الأزمة، وهذه النزعات في مختلف أنحاء العالم، ومما لا شك فيه، ان البذرة الاولى للحرمان في المنطقة كانت في حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في تحقيق طموحه الوطني والتاريخي بإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعلى مدار سبعة عقود، والتي شكلت البداية لعدم الاستقرار في المنطقة وتولد الاحتقان لدى كل شعوب في المنطقة والذي ترجم الى أشكال متعددة من التطرف في المنطقة وخارج حدود المنطقة على مدار السنوات والعقود حتى يومنا هذا".
 
وأشار الى ان الحل الوحيد هو حل الدولتين وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعلى التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية، ما يحقق الامن والسلام لكل دول وشعوب المنطقة، وهذا يشكل مصلحة أردنية عليا كون الاردن معنيا بشكل مباشر في مختلف قضايا الحل النهائي المطروحة للتفاوض الجاد.
 
وقال، ان أساس استعادة الأمن والاستقرار في المنطقة وحل النزاعات بشكل جذري ومستدام يستدعي البدء بعمليات سياسية جامعة، تعالج المسببات الجذرية للنزاعات في المنطقة، مؤكدا ان غياب الحل السياسي للأزمة السورية التي اوشكنا ان ندخل عامها السادس، والذي يفضي الى الانتقال السياسي ويلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري في الحرية ويعيد الأمن والامان للبلاد، ويضمن وحدتها، "يعزز عدم الاستقرار في المنطقة والعالم ويفاقم هذه الأزمة ويخدم التطرف والإرهاب".
 
واشار الى ان غياب عملية سياسية جامعة في العراق، وتراكمات سياسات الاقصاء والتهميش المذهبي، وفر فرصة لتنظيم داعش الإرهابي لبسط سيطرته على أراض شاسعة في البلاد، مؤكدا ان دحر هذا التنظيم الإرهابي لا يكتمل بدون تحقيق المصالحة السياسية الجارية حاليا، وتعزيز الوحدة الوطنية بين كافة مكونات الشعب العراقي.
 
وحول الوضع في ليبيا قال جوده، انه وبالرغم من الجهود الأممية الرامية لتحقيق حل سياسي بين الأطراف الليبية، فإن الانتقال نحو الدولة الحديثة، والذي يتطلب دعما دوليا للشرعية "كله مهدد بتوسع الإرهاب والتطرف، وتحديدا تنظيم "داعش" الإرهابي وغيره".
 
وبالنسبة لليمن اكد أنه لا بديل عن الحل السياسي للأزمة اليمنية، وعودة كافة الأطراف إلى الطريق السياسي الذي ارتضاه اليمنيون، والمتمثل بالمبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فضلاً عن أهمية الالتفاف حول الشرعية الدستورية التي يجسدها الرئيس عبد ربه منصور هادي، مشيرا الى انه "لولا الانقلاب على الشرعية الدولية ورفض الحل السياسي من قبل البعض فما كان اللجوء الى العمل العسكري الذي يهدف الى دعم الشرعية وعودة هذه الشرعية والعودة الى المسار السياسي".
 
وأشار الى ان النزاعات في العديد من دول المنطقة اخذت مناحي مذهبية، وتنذر بمواجهة سنية - شيعية، تهدد السلم الأهلي والنسيج المجتمعي للبلاد، وتهدد أمن المنطقة ككل، حيث "ان مذهبة النزاعات في المنطقة ساهم بتفاقمها من جانب، وعزز من دور وطروحات التنظيمات الإرهابية التي تسعى لمواجهة من هذا النوع".
 
واضاف جودة، ان الاردن أكد مرارا رفضه المطلق لطروحات الصراع المذهبي السني- الشيعي او بين المكونات الاخرى او حربا دينية او صراعات دينية في هذا الإطار وان تفادي الانجرار لمواجهة من هذا النوع يستدعي العودة إلى المسارات السياسية، والتعامل معها من منظور سياسي صرف، سواء على المستوى الاقليمي او بين فئات المجتمع المتنوعة.
 
واكد ان الأبعاد الإنسانية لهذه النزاعات المفتوحة آخذة في التفاقم، فها نحن نرى اليوم تدفق اللاجئين السوريين الى دول الجوار وقد أخذ يفيض خارج المنطقة، مشيرا الى ان "التداعيات الانسانية لغياب الحلول السياسية للأزمات في المنطقة غير قابل للاحتواء في منطقة او اقليم، فلا يوجد حل انساني لأزمة السورية الحل السياسي هو المطلوب لإنهاء هذه المعاناة الانسانية".
 
ولفت الى ان الاردن يستضيف اليوم بحدود 5ر1 مليون سوري، بالإضافة الى إعداد كبيرة من اللاجئين من دول اخرى، على الرغم من محدودية قدراته، وقد استنفد الاردن قدرته على استيعاب السوريين في ظل غياب الدعم الدولي المطلوب والمشاركة في تحمل الاعباء.
 
وقال، اننا ونحن نشاهد اليوم الصور المؤلمة لهذا الشعب العربي العريق وهو نازح داخل بلاده او مشرد خارجها فإنه يجب على المجتمع الدولي برمته ان يتحمل هذه المسؤولية، فلا تستطيع الدول وحدها ان تتحمل هذه المسؤولية نيابة عن المجتمع الدولي. واكد على ضرورة الامتثال والتطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، مؤكدا ان الاردن في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة الإرهاب، سواء على المستوى العسكري او الأمني او الأيديولوجي، وقد اكد جلالة الملك عبدالله الثاني ان هذه الحرب هي حربنا وحرب داخل الاسلام ضد خوارج العصر الذين يشوهون صورة ديننا الاسلامي الحنيف ورسالته السمحة النبيلة التي تستند بشكل أساسي الى قبول الآخر والانفتاح والحوار والسلم والسلام.
 
واشار جودة الى خطاب جلالته امام الجمعية العامة للأمم المتحدة بقوله "يجب أن نكون جميعا على يقين بأن الجبهة الأكثر أهمية في هذه الحرب تدور رحاها في ميادين الفكر، ومبتغاها كسب العقول والقلوب. وعلينا جميعا أن نوحد الصفوف كمجتمع إنساني في هذه الحرب".
 
واعاد التأكيد على ضرورة الامتثال و التطبيق الكامل لقرارات مجلس الامن ذات الصِّلة بمكافحة الاٍرهاب والتي من أهمها القرار 2170 حول الخطر الناجم عن تنظيمي داعش وجبهة النصرة، والقرار 2199 الذي يكافح تمويل الإرهاب، والقرار 2178 الذي يجابه ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب المنضمين للتنظيمات الإرهابية في مناطق النزاع من أكثر من 100 دولة، فهذه الظاهرة التي تلقي بعواقبها الوخيمة على دول المنشأ ودول العبور ودول الوصول، إضافة إلى الخطر الذي تفرزه تلك التنظيمات على دول جوار النزاعات، وطموحها المتصل في تنفيذ هجمات إرهابية في دول الجوار، الأمر الذي يترتب عنه أعباء أمنية جمة على تلك الدول، وتهديدها للأمن والسلم الدوليين.
 
وقال جوده ان نجاعة الجهود في محاربة الارهاب وآفة التطرف تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبتعد عن التجاذبات المذهبية، وتعالج المسببات الجذرية للأزمات، والمتمثلة في الحرمان او الاقصاء او التهميش، والتي كانت الداء الرئيسي في اضعاف الدولة ودورها وطابعها الوطني، وخلق الفراغ الذي استغلته التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف.
 
واضاف ان إحياء المسارات السياسية لمعالجة النزاعات في المنطقة، من شأنه توفير الارضية الصلبة التي ترفد الجهد العسكري والامني في مجابهة الإرهاب والتطرف، سواءً في المنطقة او خارجها، وتحديدا فيما يتعلق بالتمويل والمقاتلين الإرهابيين الاجانب، من خلال نزع غطاء الشرعية عن مبرراتهم ودوافعهم.
 
وقال اننا مطالبون في مجلس الامن وهو المكلف بالحفاظ على الامن والسلم الدوليين بأن نرقى الى مستوى طموحات وتطلعات الشعوب في كل أنحاء العالم، فنحن مطالبون بالنهوض بمسؤولياتنا في هذا الإطار. بترا
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد