حقيقة الموت والحياة .. ‎

mainThumb

02-10-2015 10:37 PM

 الإنسان الذي يقنع نفسه بأنه الزائر العابر وبأنه المسافر المغادر والغريب المغترب في هذه الحياة ، فلن يفاجئه دنو الموت ولا ساعة الرحيل 

...
             ولكن الذي يمني النفس بالآمال العريضة ، ويغرق في بحار الوهم المتلاطمة ، ويلتهي بالأماني المتجددة ويكرر التسويفات بعد التسويفات  ، ويهرول خلف سراب الحياة بلا وعي وبلا تدبر ، فسيأتيه الأجل المحتوم وهو غارق في الشهوات وفي الأهواء ...
 
            وظيفة الإنسان في دنياه ليست عبثية وحددها له خالقه وموحدة ، قال تعالى : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَـالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ )  ( صدق الله العظيم )  .... وتتلخص هذه الوظيفة بعمارة الأرض ، وبتطبيق شرع الله وبإقامة حدوده ... والإنسان العاقل لن ينسى  بأنه الغريب المغترب في هذه الحياة  ، وبأنه المهدد بالفناء وبالزوال في كل لحظة  ...  فإذا الهته الشهوات وغرته دنياه  الفانية ؛ فهو وفي هذه الحالة خائن لأمانته وعاص„ لربه ، وسيدفع بنفسه الى الذل والهوان والى عذاب الجحيم  ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ؛ إلا من أتى الله بقلب سليم  )  .
 
         راقبوا حياة المغتربين ...  إن فسخت عقود بعضهم في بداية الإغتراب فلن يلتفتوا كثيرا لما حصل  ، فالآمال  في بداية الإغتراب  محدودة .... والمفاجئه مرتبطة بضخامة الآمال المعقودة على الإغتراب ، فإن تعاظمت الآمال كانت المفاجئة أقوى  وأشد في حالة فسخ العقود ؛ وإن تضاءلت الآمال كانت المفاجئة محدودة  ...
 
       وفي العادة : تنحصر الآمال  في بدايات الإغتراب بتحصيل البيت الساتر وتحصيل السيارة الصغيرة   ...  ولكن الآمال تكبر وتتعاظم مع مرور الوقت ومع كل سنة إغتراب جديدة لتصل في نهاية الأمر إلى :  ( تشييد الفلل والقصور وبناء وتأجير العمارة ، وانشاء المصالح وتأسيس التجارة  ... إلخ )  وعندها ستكون مفاجأة فسخ العقود عظيمة جدا” على المغتربين المغرورين والمخدوعين بحياة الإغتراب ... عندما نسوا أنهم  : الغرباء والمغتربون و الطارئون والمغادرون والعايرون  ...
 
             الموت يخشاه المنافقون ويثبت أمامه المؤمنون ،  ويتجنبه المشركون ويطلبه المجاهدون ، ويفر منه الكافرون ويعشقه المخلثون والصالحون  ...  لكل ردة فعله اتجاه حقيقة الموت والحياة ، وهي ردة الفعل التي تتناسب مع قناعته ومع فهمه للحقيقين المتلازمتين وهما : الموت والحياة .
 
          إن الموت والحياة حقيقتان متلازمتان ومتعاقبتان ، ولكل بداية نهاية ، فإذا كانت البداية بالحياة فالموت هو النهاية  ، ومن عرف حقيقة الموت والحياة : استعد للموت وقابله برجولة وشجاعة وجرأة  ؛ ومن غاص في أوحال الدنيا : خشي  الموت وتعلق بخيوط الحياة ... قال تعالى : تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير ؛  الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ...
 يقول الإمام الشافعي :
 
  إني معزيكَ لا أنيِّ على ثقة„     مِنَ الخُلودِ   وَلكنْ سُنَّة ُ الدِّينِ .
 
فما المُعَزِّى بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ,    ولا المُعَزَّي وإنْ عاشَا إلى حَين .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد