روسيا على مفترق طرق‎

mainThumb

03-10-2015 09:23 PM

 لم تكد روسيا تتعافى من أزمة انهيار الاتحاد السوفييتي، وتراجع دورها كدولة عظمى، حتى أقحمها بوتين في أزمة تكاد تكون أكبر من أزمة الاتحاد السوفييتي، لأنها توغلت أعمق من افغانستان التي على حدودها، ودخلت أساطيلها المياه الدافئة حلمها الأزلي، على مرأى ومسمع اللاعبين الكبار تاريخيا في حوض المتوسط، والكل ينظر اليها ويتابع خطواتها بل يدفعها دفعا للمضي في مخططها، الذي قد لا ينقذ الأسد ولا يخرجها من الرمال المتحركة التي تبتلع كل متحرك فوقها.

 
روسيا تعلم من تحارب في بلاد الشام، ولكنها قد غاب عن ساستها مدى الخداع الذي يتمتع به خصمها، ومدى التنسيق بينهم وإن كانوا متنافرين أحيانا، فالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تآلفت ضده في ثمانينيات القرن الماضي عندما أطلق رونالد ريجن حرب النجوم، ومهد لها للدخول الى أفغانستان، وانتهى الأمر أن فقدت اتحادها السوفيتي وفقدت قواعدها المتقدمة في أوروبا الشرقية، وانكمشت سنوات قبل أن تعود باتحاد روسي يجمعها مع الجمهوريات الاسلامية في آسيا وبعض الجمهوريات الملتصقة بها..
 
الأزمة الروسية مع الغرب عميقة جدا ودقيقة، وكسب بعض الجولات على حدودها لا يعني كسب كامل المعركة، فالأزمة الأوكرانية على حدودها لم تحل، وما زالت دول الغرب تلعب بها، فكيف لها أن تكسب ورقة سوريا البعيدة عنها والتي تتطلب انفاقا كبيرا وتترك أوكرانيا المرشحة للخروج من الاتحاد الروسي، مسجلة انكماشا جديدا للمد الروسي نحو أوروبا وفقدان بعض دورها الدولي كقوة عظمى، وإن كانت تملك رؤوسا نووية زرها في يد بوتين.
 
أعتقد أن ما تسعى له دول الغرب وأميركا، أكبر من تخسير روسيا جمهورية أوكرانيا، أو اخراجها منهزمة من سوريا، فأميركا وأوروبا تنظران بشمولية للقضية الروسية، في حليفتها الصين التي أخذت تتمدد، وفي كوريا الشمالية، وحتى في كوبا التي مازال لها نفوذ بها، وفي جمهوريات أميركا الجنوبية، وأن تقليص الدور الروسي في هذه المناطق لا ينتهي الا بانتهاء روسيا كقوة عظمى لها نفوذ خارج حدودها..!!
 
فليس من المستبعد بعد هذا الفخ المنصوب والذي دخلته روسيا طوعا، أن تتوالى خساراتها  كأوكرانيا وغيرها من جمهوريات آسيا الاسلامية – والحملة الاعلامية الغربية التي تستخدم الدين وصور تقديس الجنود والطائرات والعتاد تشي بذلك- ، حتى تعود روسيا دولة صغيرة داخل حدودها كباقي الدول المنفرطة من الاتحاد السوفييتي، تنشغل بديونها ومشاكلها الداخلية مثلها مثل اسبانيا.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد