روسيا من جديد على شفير الهاوية

mainThumb

06-10-2015 06:20 PM

هل هي السياسة التي تدفع بدولة عظمى مثل روسيا لتكون ورقة على طاولة تحترق عليها الأوراق النرجسية كل يوم؟...روسيا ومأزق الأفغان...ثم روسيا والمستنقع الشيشاني..! وأخيراً روسيا في مهد التاريخ وأقدم عاصمة معمورة في التاريخ..تريد أن تستنسخ تجارب الأقدمين، من الاسكندر المقدوني ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا...لم تتعلم روسيا من تجربتها في حرب المسلمين في قارتها وأقليمها، فجاءت اليوم تعيد تذوق العلقم المطعم بالحنظل الجبلي من قاسيون..ويكاد ذئب روسيا ومنقذها أن يتبختر بدعاية دينية وأخرى سياسية، حتى لا يوصم بالشيوعية، يريد كل ما يريد أن يرى أمجاداً نرجسية تلوكها نفسه ليكون قيصراً جديداً يعيد أمجاد قياصرته.
 
 وكأنه تناسى أن الرومان من قبل والمغول بل وكل جحافل الصليبية الحاقدة التي جاءت بصلبانها التي تكسرت على أبواب دوما والزبداني...ولنترك الحياد جانباً لنتكلم بلغة المشفق على  الدب الروسي الباحث عن العسل..وكأنه أشبه من يرتجي (الدبس في ....) فلم يعد من السياسة أن ترى العديد من الخيارات المطروحة على طاولة الحل السوري على أنها حلولاً، فأمريكا لا تبحث عن حلول، وكذا أوروبا...فقد وجدوا في أزمة سوريا صيداً ثميناً، فهي من جانب سوق رائحة للسلاح، وكذا للتخلص من أشخاص كانوا يرون فيهم خطراً على مجتمعاتهم...ونزهة بغيضة يستنزفون بها قدرات هذا الدب المارد الذي بدأ يقرع أجراس المساومة والمشاركة بل وتطاول على جارته العجوز أوروبا، بل عاد يمد يده كما السابق ليكون شريكا استراتيجياً في كل كعكات أمريكا اللذيذة بداية من النفط ومرواً بالغاز، ثم أمجاد الكنيسة العالمية التي يحبون أن تعلن انتصارها يوماً ما على الإسلام في المشرق.
 
 وأما شهية الصهاينة التي لا تنضب والتي تداوم على تحقيق حلمها المزعوم، وكذا خرمشة العالم أجمع لتبقى تل أبيب عاصمة السلام الصهيوني الأخير في الشرق الأوسط الكبير الذي نظَّر له الجمهوريون في البيت الأبيض على لسان كونداليزا رايس في العام 2006م، ونفذه الديمقراطيون بعدها على يد أوباما وهيلاري، والعرب الحزانى ينتظرون في كل أربع سنوات عجاف جديدة نتيجة الانتخابات الأمريكية بفارغ الصبر وكأن القادم عبر الأطلسي سيكون المهدي المنتظر... والعجيب في الأمر أن أغلبهم يتعاملون مع سوريا وكأنها حظيرة أغنامهم وأبقارهم الموروثة عبر الأجيال، لذا فهم يخططون وينفذون ويصرحون ويتراجعون، وجملة الساسة الذين تسللوا ليكونوا قادة المعارضة السياسة السورية يبيتون في الفنادق والقصور، لا يملكون غير التعبير عن أسفهم تجاه خذلانهم من قبل رعاة الحل في سوريا، بعد أن كانوا داعمي الثورة في سوريا ، بل لم يعد مصطلح (أصدقاء سوريا) نسمع به، في حين غابت لغة الحسم على الخطاب الأمريكي الذي بدا أنه مستريح لتمدد وحشية النظام القائم بفعل القدرات الدولية الداعمة لبقائه، وعلى الرغم من ارتفاع فاتورة الحرب ليس مالياً فحسب ولكن حضاريا وأخلاقياً، فمن يمنح وزير خارجية نظام دكتاتور مستبد وقتاً ليلقي كلمته في منصة الأمم المتحدة، ويتحدث في خلالها عن محاربة الإرهاب، ويقدم نفسه للعالم على أنه المنقذ الذي ضحى بكل هذه الخراف لأجل إطعام ضيفه الشره (الكرسي)؛ هو بلا شك ضالع في تدعيم أركان حكمه وأن (ما يفعله الحراث يطيب للمعلم). هذه هي الحكاية باختصار، لكن انتصار رغبة الشيفونية المارقة على حساب الآخرين، مع تناسي مناظر الدمار ومشاهد القتل المروع، وأنهار الدم التي تسيل في مقام محاربة الإرهاب الذي أصبح مجرد فزاعة من جانب وذريعة من جانب آخر يتمسحون بها لهزيمة أمة بأكملها، والأدهى أن أهلها يسيرون في نفس الجوقة وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً.
 
 روسيا باتت أشبه بمحاولة فاشستية لخنق ما تبقى من ضمير البشرية المشوه، وهي تجد في ذلك كله لذة قد تعكرها أو تلغي أثرها ضربات سياط المترددين الذين رأوا أنهم يقتتلون مع إخوانهم في اصطفافات متباينة أشبه بصفين جديدة مما دفعهم للاعتزال أو الانتظار. وبلا شك فإن هرولة روسيا باتجاههم ستجعل منهم حلقة مسكوكة بعناية يصعب قطعها أو خلع أحد جوانبها، لأن المثل القائل: (أنا وأخوي على ابن عمي..وأنا وابن عمي على الغريب) فما بالك بمن هو غريب في دينه وشكله وجنسه...بل وسيفه وسلاحه، وصواريخه، وكذا ثأره مع الشيشان والأفغان لم يبرد بعد، وإذا كانت أمريكا تحلم بتوريط روسيا أو زجها لتدفع عنها فاتورة مؤجلة فهي بلا شك خاسرة كذلك لأنها أمدت الصراع بدماء جديدة لا من قبل روسيا فحسب بل من قبل الفصائل التي ستنجح في استقطاب أضعافاً مضاعفة وبدون جهد في إقناعهم بالحرب المقدسة التي ستصبح مقدسة بالفعل ما دامت طبول الحرب الصليبية تدق في أمريكا يوماً وأوروبا وروسيا يوماً آخر...نحلم بالسلام لكن ليست كل الأحلام قابلة للتحقق بدون واقع تعيش عليه وتنمو...لذلك من يمنح السلام هو السلام. فهل تستمر روسيا لترى أفولها الأكيد وتسمع صوت ارتطامها بحضيض القاع، وخروجها من التاريخ الذي نجحت في المرة الأولى بعد انحلال اتحادها البلشفي في العقد الأخير من القرن المنصرم بالنهوض من سقطته لأن من أسقطها لم يجهز عليها، أم أنها ستراجع نفسها وتعلن أنها أخطأت قبل أن ينكسر رأسها وتسيل كرامتها عن قريب، فهل تكون روسيا هل ورقة التوت التي تكشف عورة السياسة الأمريكية الخطيرة على البشر من كل الأجناس، أم أن هناك أوراقاً أخرى لا زالت أمريكا تحتفظ بها في طرف كم ردائها الذي استطال أكثر من مرة دون أن يجد الترزي الحاذق ليجعل الكم بقدر المعصم!!!!.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد