المشاجرة المعجزة

mainThumb

07-10-2015 07:28 PM

 عجيب امر هذه المشاجرة المعجزة التي تحولت من عادية الى حملة مبالغ فيها، وحرب شعواء على كرامة الأردنيين، وبها اختصرت (بضم التاء وكسر الصاد) قضايا الوطن والأمة وتحولت الى قضية دولية.

 
      وبدل الدفاع عن مصالح الأردن ولقمة عيش شعبه وقضاياه ومعاناته وهمومه، فتحت ابواق الاعلام الداخلي والخارجي علينا نار الأذى والتجريم والجلد والتجريح، لتشويه صورتنا وكأننا مجموعات متوحشة ضالة ، يصغر امامها التوحش الهمجي من حولنا، وما بقي عليهم الا الطلب الينا ان نسير ركوعا وسجودا حفايا عرايا زرافات ووحدانا لطلب الغفران من ذنب ما اقترفناه، وان تزحف الأردن برمتها  للاعتذار عن جريمة البشرية الكبرى التي تصغر امامها قضية هابيل وقابيل وقتل وتشريد الملايين.
 
    هذه الحملة الظالمة علينا تبدو لكل ذي بصر وبصيرة انها سياسة ممنهجة ومدروسة بامتياز، تهدف للبرهنة الوهمية المتجنية للخارج والسفارات ان الأردني عبارة عن بلطجي همجي وان العشيرة الأردنية هي رمز التوحش والتخلف والعنجهية والفوقية والهمجية.
 
        وهم جميعا يعرفون اننا شعب وعشائر عريقة وعميقة وراقية وأننا رمز للكرامة والتكرم والمكارم ومنبع لها. وأننا استقبلنا الوافدين والمنكوبين من اخوتنا العرب والمسلمين على مر الزمن، وسمحنا لهم بمشاطرتنا لقمة عيشنا وعلى حسابنا تكرما منا، ولكن لا ان يتقدم الضيف على المضيف تحت أي ظرف مهما كان.
 
        من المحزن استغلال قضية مشاجرة عادية بل اقل من عادية بين أردني ووافد (وانا لا اعرف أي منهما)، هذا الأردني الذي ينتمي الى واحدة من كرام العشائر الأردنية قدمت عبر تاريخها التضحيات والشهداء والدماء دفاعا عن الأردن وهويته وامنه وشرعيته، لتضيع وتتلاشى وتتبخر كلها في ضجيج سوق الردح والتزمير والانتهازية، دون تحقق الرداحين وحملة المباخر والسحيجة والحملة المبالغ فيها من الأسباب الموجبة لهذه المشاجرة، ودون سماع الطرف الاردني في النزاع، بل ورفض رايه لأنه أردني ابن عشيرة؟ يا للأسف !!.
 
  هذه الحملة تطرح الأسئلة التالية : ترى من يقف وراء تأجيجها، وتحويلها الى قضية معجزة: قضية راي عام ثم قضية عربية ثم قضية دولية تصغر امامها المجازر وما يدور من حولنا من صراعات ونزاعات وتهجير وتطهير عرقي، وارض محروقة   وتجريف البيوت والمدن والمزارع وزوارق الموت ومعسكرات التعذيب والاعتقال والاعدامات ؟؟.
 
      وتصغر امامها قضايا الفساد والافساد ونهب المال العام وغياب الإصلاح، وتختصر فيها قضايا الوطن وأهله وتحولنا الى شعب عليه ان يشعر بعقدة الذنب عن مشاجرة فردية لم يقترفها الشعب الاردني.
 
      وهي بكل المعايير مجرد مشاجرة عادية لا تساوي شيئا امام جرائم يقترفها اخرون من خارج حدود الوطن من التعذيب والاعدامات الميدانية والبراميل المتفجرة وهدم البيوت على ساكنيها وترويعهم
 
    ان اعلى درجات الاجراء القانوني لمثل هذه المشاجرة هو التحقيق بها لدى الشرطة، وحيث ان المشتكي هو الحق العام، فانه يتم تحويل الطرفين مشتكى عليهما الى المدعي العام ليقوم   بتحويلها الى قاضي الصلح.
 
      وان مثلها مئات القضايا يوميا بين أردنيين ووافدين وبين أردنيين بعضهم ببعض او وافدين بعضهم ببعض، وبالتالي فهذه قضايا صلحية عادية يفصل فيها القضاء بغض النظر عمن يكون أطراف النزاع.
 
     كما ان قضايا المشاجرات تحدث في العالم كله من اليابان الى هاواي ومن القطب الشمالي الى راس الرجاء الصالح في جنوب افريقيا، ومن صحراء كلهاري الى ادغال افريقيا، وفي سائر المجتمعات عبر التاريخ والبرلمانات والمطاعم والمواخير والشوارع والمباريات وحفلات الزفاف، وبالتالي فان ما حدث ليس الا ضمن هذه المنظومة الحياتية، وليست اول ولن تكون اخر مشكلة تحدث في التاريخ.
 
         ولكن المحزن ان تقوم الدنيا فجأة ولم تقعد، وإذا بجهات رسمية تعلن بيانات استنكار والكل يبكي على العلاقة الأردنية بالأشقاء والكل متعاطف مع الاشقاء ويجلد الذات والابناء، وليس منهم من يبكي على الأردن وصرنا جميعا وكأننا مجرمون، وليس للأردن والاردنيين بواكي.
 
   وامام جريمة العصر المعجزة، صار علينا ان ننسى الاعتداء الصهيوني على المسجد الأقصى، وما تقوم به روسيا من قتل المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ؟ وقضايا التفجير والقتل والذبح والهدم، فضلا عن وضع حجة جديدة واهية اننا شعب لا يستحق الحياة ولا نستحق الديموقراطية والعدالة والحرية وحرية التعبير؟
 
    والسؤال أيضا: ترى لماذا لم نسمع لهؤلاء البكاة السحيجة حملة المباخر العازفين على المزامير صوتا في الدفاع عن الأردنيين عندما اعتدى عليهم وافدون بالطعن والقتل والاذى والنصب والاحتيال والاهانة في الداخل والخارج؟   
 
     ولماذا يقبل هؤلاء المهرجين والسحيجة ان ينظموا الى جوقة الهجوم والتهجم على الأردنيين، ونسمع لهؤلاء النوائح المستأجرة نواح في كل مأتم ضدنا وهم يشقون الجيوب ويلطمون الخدود ويدعون بدعوى الجاهلية تهجما علينا، ولا نسمع منهم صوتا ولا ركزا للدفاع عن الأردنيين؟
 
      ولماذا نسمع لهم النقر على الدف في كل زفة فيها إساءة للأردنيين ولا نسمع صوت هذا الدف ينقر للدفاع عن هذا الشعب والاقصى الشريف مسرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
 
  لماذا عندما تهان كرامة الأردني ويكون طرفا في اية قضية مع غير أردني ان الأردني في عرفهم هو المجرم الجاني حتى وهو الضحية المجني عليه. كفى تهريجا وبيانات ومقالات وهجوم ضد الأردن وابنائه وعشائره وهويته وشرعيته.  
 
     واما القضية المعجزة التي اتخذوها قميص عثمان فهي امام القضاء الأردني وعليهم ان يحترموا القضاء وإجراءاته وقراراته  .
 
       نقول لكم ان هذا التهريج والردح والعويل والتسحيج والبكاء والتبخير لإرضاء جهة هنا او جهة هناك على حسابنا لن يزيد الأردنيين الا غضبا وحنقا لأننا نشعر (كلما دق الكوز بالجرة) ان كرامتنا تتعرض للتجريح والاهانة ممن كان يعتقد الكثير انهم حماة هذه الكرامة.
 
     لذا نقول: كفى من هذه المهازل فقد تقززنا منها، ولا يجوز تجريح الشعب الأردني كاملا لمجرد مشاجرة فردية.
 
  لقد تشاجر طرفان فلماذا تشتمونا كفوا السنتكم عنا واتركوا الامر للقضاء. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد