القزم الامبريالي الروسي

mainThumb

08-10-2015 10:10 AM

عجيب أمر الذي لا يطلق على التدخل البري والجوي والبحري الروسي وتمسيح الجوخ لأمريكا وإسرائيل والتعاون التكتيكي معهما "إحتلالاً" أو "تدخلاً أجنبياً" وعوضا عن ذلك يسمونه "الحليف الروسي"؟
 
        المسألة ليس عمى ألوان، فنحن نخطئ ونصيب، ولكن أتوقع من مفكر نقي ووطني مثلك أن يخرج من إطار البراديم الفكري لما قبل 1989؛ روسيا اليوم دولة إمبريالية وأموال بوتن تعدت 200 مليار دولار، أغلبها تم نهبها من أرصدة الاتحاد السوفياتي وممتلكاته الصناعية والعقارية بأبخس الأسعار. وهي أموال الشعب الروسي وغيره من أجزاء الاتحاد السوفياتي سابقاً. 
 
وللرئيس بوتن عصابة من حوله مثل آداموف الذي سيطر على المشاريع النووية ونهبها وتمت محاكمته لاحقاً ولكنه أخلي سبيله، ورئيس مشاريع السكك الحديدية الروسية فلاديميير باكونن ورؤساء الطيران والملاحة وأصدقائه في الجيش والبنوك (يوري كوفالشك، مثلاً)، كلهم مافيا سيطرت على روسيا ونفوذها يزداد توسعاً.
 
        روسيا دولة إمبريالية بامتياز، لكنها إمبريالية قزمة غير ناجزة بعد، وتركيا قزم إمبريالي أيضاً تابع للناتو ولا يتمرجل الا على حزب العمال الكردستاني، أما القوى الغربية فإمبرياليات منفصلة ومترابطة معاً، ولكن الإمبريالي الروسي، أو ربما وسمها بالمافيا الروسية أفضل، قد سيطرت على السلطة بانقلاب أبيض وتناولت المقاعد مع ميدييف وشرّعت قوانين للحد من الحريات لا تعد ولا تحصى ودمجت السياسية والاقتصاد والأمن معاً في قبضة الرئيس.
 
        تدهورت أوضاع الحريات في روسيا منذ عام 2000 وانهارت بعد إعادة تنصيب القيصر الروسي عام 2012 عندما شرّعت القوانين عام 2014 للسيطرة على الإعلام والإنترنت وتفعيل قانون العملاء الغربيين الذي سمح بمراقبة مؤسسات المجتمع المدني اللذين غدوا لا يستطيعون الاعتراض حتى على مشاريع الطاقة النووية في روسيا نفسها. وتطور الأمر إلى إعدام المعارضين كما حدث مع بوريس نمستوف في شباط 2015، وكذلك مقتل الصحفية آنا بوليتكوفساكايا من قبله عام 2006، وبينهما قتلت ناتاليا استيميروفا عام 2009.
 
        ونضيف إلى ذلك، التضييق على الشعب في شمال القفقاز والاعتقالات والعقاب الجماعي والخطف على نحو يذكرنا بممارسات إسرائيل. فضلاً عن التعصب الديني وإعادة إحياء الأرثوذكسية للتستر خلفها ومحاكمة أصحاب المذاهب الأخرى كمحاكمة 18 شخصاً من المذهب البروتستاني على خلفية دينية واضطهاد المسلمين وما إلى ذلك.
 
        هذه هي روسيا الإمبريالية الوضيعة التي لا تعترف بوجود الجيش السوري الحر الذي يقف في مواجهتها الآن، ولا شك أنها سوف تتعرف جيداً عليه قريباً. نحن نرى أن وجود الروس في هذه الفوضى الخلاقة في سوريا اليوم قد يكون أحد طرق توحيد المقاومة السورية ضد الطغيان وضد التحالف الروسي السوري الإيراني والإسرائيلي والتنسيق الأمني بينهما لعدم الاشتباك وتقسيم مناطق النفوذ التي رسم خططها بوتن ونتيناهو في موسكو الشهر الماضي.
 
        هذه وجهة نظر علماني وتقدمي لم يلد سنيا أو شيعيا ولا ينتمي إلا إلى طائفة الوطن العربي، واعتقد أن الشعب السوري ليس بحاجة إلى أحد للدفاع عنه أو التنظير له، فلندعه يختار ولاءَاته وقواعد اشتباكه، بينما نأمل أن يتطور تفكيرنا المعاصر ليقع ضمن براديم جديد يأخذ كل المستجدات بعين الاعتبار، فكفانا دوغمائية وتخوينا لبعضنا البعض بينما الآخر، كائنا من كان، بات يفترسنا منذ سنوات.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد