التطرف يُصنع في العقول أولا - عبد الله العلمي

mainThumb

08-10-2015 09:58 PM

اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي هذا الأسبوع على توحيد المناهج التعليمية وتنقيحها من أفكار التطرف والإرهاب، إن وجدت، مبادرة تبعث على الأمل. وبالمناسبة، “إن وُجدتْ” جاءت في البيان.
إذن هناك لجنة مختصة من وزراء التربية والتعليم في الدول الأعضاء تعكف، الآن، على دراسة هذا الملف الهام.
 
هذا التوجه النبيل ليس بجديد. في أكتوبر 1975 (أي منذ أربعين عاما)، صدر قرار عن المؤتمر الأول لوزراء التربية والتعليم في دول الخليج العربية الذي عقد في الرياض (قبل تأسيس مجلس التعاون) لتوحيد أهداف التعليم والأسس العامة للمناهج، وخاصة في التربية الإسلامية. تم إعداد وثيقة الأهداف وعرضها على المختصين في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ومنظمة اليونسكو وبعض الخبراء في مجال الأهداف التربوية.
 
التطرف يُصنع في العقول أولا، لذلك فإن للمناهج الدراسية دورا هاما في تنشئة الشباب. بدأ مكتب التربية العربي لدول الخليج العربية جهوده في توحيد المناهج وتطويرها ووضع الأهداف العامة للتعليم على اختلاف مستوياتها. أسند المكتب إلى المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج هذه المهمة معتمدا على مجموعة من الأسس الهامة.
 
من أهم هذه الأسس أن يكون توحيد المناهج شاملا لجميع المراحل والمجالات الدراسية “بالقدر الذي تسمح به ظروف كل دولة”، وأن يكون التطوير بعدا ملازما لعمليات التوحيد، وأن ترتبط برامج التوحيد والتطوير بمتابعة متصلة لتجارب التطبيق في الميدان لمراجعة خطوات العمل أولا بأول.
 
أتوقع أن المركز كان يهدف للاستفادة بخلاصة تجربة حركة التطوير التربوي. المهم طبعا هو تطبيق مختلف أساليب وأدوات التقويم على المناهج الموحدة بعد تعميمها، بما في ذلك تقويم نتاج التعليم وسلوك المتعلم ومكونات المناهج وعناصرها.
في العام 1983 بدأت الدراسة الجادة لتوحيد المناهج وتطويرها، وتم دعم المركز العربي للبحوث التربوية لدول الخليج للقيام بهذه المهمة.
 
هذا ليس كل شيء، بل تم اعتماد برامج المكتب وأجهزته ومن بينها وضع كتب موحدة في الرياضيات والعلوم للصفوف الأربعة الأولى من المرحلة الابتدائية، ودراسة شاملة لمادة التربية الإسلامية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وتطوير تدريس اللغة الإنكليزية بمراحل التعليم العام.
 
كذلك تُرِكَت “المرونة الكافية” للدول الأعضاء بما يتناسب وبناء المناهج في كل دولة.
 
صدرت التوصيات، ومنها العناية بالجانب التطبيقي لتتحول الثقافة الإسلامية ومفاهيمها إلى سلوك توجهه قيم الإسلام ومبادئه. هذا طبعاً شيء جيد لصناعة العقول السليمة. كذلك تم تأكيد صلة المتعلم بالقرآن الكريم والهدي النبوي الشريف ومواقف من حياة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم. هذا أيضاً مبدأ جيد إذا لم تتخلله التفسيرات الفردية لبعض المدرسين المجتهدين من ذوي الأجندات الأيديولوجية المتشددة.
 
كان الهدف هو تحديد قدر مناسب في تقدير الطالب للجانب السلوكي وتشجيع الطلبة على البحث في التراث الإسلامي، على أساس أن تكون قيم الإسلام ومبادئه وتوجيهاته علامة مميزة لسلوك الفرد المسلم وتوجهات المجتمع المسلم.
 
في ديسمبر 2002 أعاد المجلس الأعلى في الدوحة دراسة مشروع توحيد المناهج الدراسية، وأصدر قرارا بتطوير المناهج، والارتقاء بمستوى المعلم، والمواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات التنمية في دول مجلس التعاون.
 
ولكن للأسف لم تتحقق حتى بعض أهداف هذه المهمة النبيلة. الأسباب كثيرة؛ كل دولة في المجلس لديها من التشابه الشيء الكثير ولكن يبقى شيء من “الخصوصيات” التي تحرص على الحفاظ عليها. باختصار، لكل دولة خططها ومعطياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
 
علينا أن نعترف بشجاعة، أننا في دول المجلس حاولنا وسعينا إلى صقل العقول، ولكن النجاح لم يكن دائما حليفنا. - "العرب" اللندنية
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد