بذر الأفكار - محمد المختار الفال

mainThumb

11-10-2015 10:02 AM

 يقرر خبراء الحرب النفسية أن الأفكار يمكن زراعتها في عقول الناس، بغض النظر عن صدقها أو كذبها، صوابها أو خطئها، أصالتها أو زيفها..

وهذه النظرية التي تؤيدها التجارب أصبحت مقررة لدى خبراء صناعة الرأي العام، تستغلها الأحزاب وتوظفها العصابات ويستثمرها زعماء المجموعات الإرهابية لاستدراج الأتباع والمؤيدين وتشويه سمعة وصورة الأعداء المستهدفين..
وما نشاهده هذه الأيام من تصرفات شاذة يقوم بها أفراد من صغار السن وقعوا ضحايا للخطاب الإرهابي والفكر المتشدد، يدعونا إلى الإلحاح على ضرورة ومراجعة وسائل التربية وأساليب مخاطبة الناشئة والطرق المتبعة في تحصين عقول أبنائنا وبناتنا ضد زراعة الأفكار المدمرة..
نحن في حرب مع الإرهاب، وحربنا معه ليست في ميدان القتال واستباق الأعمال الإجرامية وإبطال متفجراته وملاحقة أوكاره فقط – رغم ضرورة ذلك وأهميته – الحرب الأساسية مجالها عقول ومشاعر الناشئة، والمعركة الفاصلة هدفها محاصرة شروره وحماية تربة المجتمع من الذين يحملون بذور الشر والكراهية والحقد ومعاداة الاطمئنان والأمن..
ولتحقيق هذا الهدف لا أرى حرجا أو عيبا في الاعتراف بأن وسائل مخاطبتنا للشباب تحتاج إلى إعادة نظر، فهي تبدو غير جذابة وقد تشعرهم بأنها «متعالية» ونبرتها حادة تستثير العواطف أكثر من أن تحاور العقول، ورغم أهمية توظيف طاقة العواطف في التأثير على العقول إلا أن العاطفة الإيجابية هي التي تستند إلى خطاب يغذيه العقل ويستثمر قوة المنطق في الإنسان..
نحتاج إلى الاقتراب من الشباب لمعرفة كيف ينظرون إلى مخاطبتنا لهم وإلى لغتنا الحاملة لهذا المضمون ومدى تعبيره عن أفكارهم ومشاعرهم وقناعاتهم.
يحتاج الوعاظ والأئمة والخطباء والمتحدثون في البرامج التلفزيونية الموجهة إلى الشباب إلى «ضبط» طبقات أصواتهم وهم يتحدثون إلى الناس والبحث عن «مفاتيح» العقول المتأثرة بمعطيات الواقع حتى تبدو الأفكار التي يريدون إيصالها للناشئة منسجمة مع ألفاظها وأسلوبها ومعقوليتها.
ومن المفيد، ونحن نسعى لتحصين عقول أبنائنا وبناتنا وكشف عيوب وهشاشة أفكار التشدد والتطرف، أن نستخلص ما يريده الشباب، من خلال ورش عمل على امتداد الوطن تنتهي إلى خلاصات قابلة للتنفيذ في كل المواقع.
ولعل وزارة التعليم، بحكم المسؤولية، تقود هذا المشروع مع الجهات الأخرى إلى ما يسهم في تجسير المسافة بين عقول ومشاعر الشباب وبين صناع الرأي.
 
"صحيفة عكاظ"
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد