الانتفاضة الفلسطينية الثالثة .. قصي محمد العوفي

mainThumb

13-10-2015 10:53 PM

مسيرة السلام لم تلتزم بوعودها من قبل إسرائيل وغياب مستقبل سياسي تمثل بفشل كامب ديفد في تموز عام 2000، والاستياء من أسلوب وطرائق السلطة الفلسطينية كلها تفسر إرادة شبـابيـة ومقاتلي الضفة الغربية وقطاع غزة لمواجهة إسرائيل، فانتفاضة الأقصى ليست حركة تعبئة تعني المواطنين الفلسطينين باضافة الى ان السلطة والمضطرة أن تبقى شريكا في المفوضات الدولية في مواجهة مع مراحل عديدة وأنماط مختلفة من الأعمال التي يمكن رصدها، ففي الأيام الأولى من الأنتفاضة تترجم التمرد بشكل رئيسي الى تظاهرات، حيث يواجه الشباب والاطفال الفلسطينيين العدو الصهيوني برشقات الحجارة والسكاكين للتصدي الى هذا العدو الصهيوني الغاشم دفاعا على الأقصى المبارك .
 
أول ما يأخذنا في هذه الأنتفاضة هو الاصالة، والتكامل، والانتماء، والتضحية العضيمة، وأول ما يأخذنا في هذه الانتفاضة ايضا هو كونها ثورة عارمة تفجر بركانها بواسطة السكاكين والحجارة وهذا سر اعجازها..! والذي من علائمه المميزة هذه التضحية العضيمة، الجسمية من أطفالنا ومن ورائهم ابائهم وأمهاتهم الذين يدعمونهم، هذه التضحية التي تمليها اصالة شعب بكل مقوماته التاريخية والانسانية والبشرية والحضارية، هذه التضحية التي هي خلاصة كل فرد وحصيلة معاناة كل انسان عاش هذا الليل الطويل، ليل الأحتلال الرهيب..! انها انتفاضة الاصالة والابداع، وتاريخنا ووجودنا كله انما تحقق من خلال هذه الروحية العضيمة التي تتجدد بابداع هائل على هذه ارض ووطننا المقدس فلسطين هذه الأيام، وعلى هذا فقد تمكن شعبنا من اسقاط نظرية القبضة الحديدة والأمن المصطنع الاسرائيلي .
 
يعيش المجتمع الصهيوني الممزق داخليا من اندلاع انتفاضة الأقصى في أسوأ حالاته على الاطلاق، حيث تعم اليهود حالة هلع وارباك وخوف، فوسائل النقل العامة تعرضت للتعطيل بسبب عدم اقدام الركاب على استخدامها خشية على حياتهم التي أصبحت هدفا متحركا للفلسطينين، ويعتقد الاسرائيليون أن اسواقهم وأماكنهم العامة تعد هدفا رئيسا لمنفذي عمليات الطعن بالسكاكين فنجدها أماكن خالية تماما من روادها في كثير من الأوقات .
 
لقد تمكن هذا الشعب العظيم من اثبات حقيقة بديهية وبسيطة ولكنها كبيرة الواقع والقيمة: الا وهي أن الارادة اقوى من السلاح وان المعول الاساسي في النضال والمقاومة على الانسان الذي هو اقوى من الالة وان هذه الارادة عندما تريد تحقيق ذاتها تستخدم المتاح من الاسلحة، فعندما سئل احد اطفال الحجارة لماذا تستخدم الحجارة قال: اني استخدم الحجارة لأن هذا الذي اجده، ولو كان معي قنابل ورصاص لتغير الوضع.
 
*هذه هي الأنتفاضة فهي حركة شعب كامل، وليست حركة فئة واحدة منه او بلدة او مدينة او مخيم، فهي تمتد من أقصى الشرق الى اقصى الغرب من اريحا الى يافا ومن اقصى الشمال الى اقصى الجنوب من رأس النقب الى الناقورة الى رفح، انها أنتفاضة واعدة جاءت بفعل تراكم الظلم، جيلا وراء جيل، وحقبة وراء حقبة، كما تتراكم كتلة جليدية، تبدا صغيرة ثم تكبر وتكبر حتى تصبح جبلا جليديا كاسحا .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد