القبيسي .. أمل الإمارات - عبد الله بن بجاد العتيبي

mainThumb

23-11-2015 10:23 AM

 انتخبت دولة الإمارات العربية المتحدة الأسبوع الماضي الدكتورة أمل القبيسي لتكون أول امرأة عربية تترأس المجلس الوطني الذي يمثل مجلس الشورى أو البرلمان الإماراتي، وفق الصيغة التي اختارتها الإمارات لحاضرها ومستقبلها. الدكتورة أمل مواطنة إماراتيةٌ جدّت واجتهدت ودرست وتميزّت، وتولت المناصب فأحسنت الإدارة وتحملت المسؤوليات، فحققت النتائج حتى وصلت أخيراً لتنضم لسجل طويل من الإنجاز للمرأة الإماراتية التي أصبحت مدنياً وعسكرياً عنصراً بالغ التأثير والفعالية في التنمية والتطور حتى أصبحت قائدة سرب عسكري وقاضية ومديرة ووزيرة ورئيسة برلمان.

 
نهضة المرأة الإماراتية لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة رؤية حضارية لدور المرأة توارثتها أجيال القيادة الإماراتية جيلاً بعد جيل، فالمرأة صنو الرجل، وهي الأم والأخت والزوجة والابنة، وهي كذلك الزميلة في المهنة والشريكة في الحياة والمواطنة كاملة الأهلية، والمشاركة في مواجهة التحديات وفي صناعة المستقبل. لقد مرّت المرأة في جميع الحضارات باضطهاد وتحقيرٍ متطاولين يختلف في درجته بين أمة وأمةٍ حتى نشوء الحضارة الغربية الحديثة التي منحتها حقوقها ودافعت عنها ونظرت إليها كإنسان قادر على العطاء والإنجاز، وكانت المساواة أحد أهم المفاهيم التي قامت عليها تلك الحضارة، حتى مثلها مثل الرجل، لها حقوقها وعليها مسؤولياتها.
 
عربياً، مرّت المرأة العربية بتحدياتٍ منذ قاسم أمين وكتابه عن تحرير المرأة وكتابه المرأة الجديدة وهي الكتب التي دعمها محمد عبده بعد تخليه عن السياسة ومثلتها العديد من النساء فيما بعد موزعة على العديد من الدول العربية، ولكن إنجاز الدكتورة أمل القبيسي ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة هو إنجاز تاريخي يستحق الإشادة والاحترام.
 
النموذج الإماراتي المعاصر تمت صناعته بعناية من قبل القادة المثقفين والواعين، ومرّ بالعديد من التجارب والاختبارات على مدى عقود حتى استوى على سوقه، وتقدّم بحسن الوعي والإدارة حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم، نموذج تنموي وحضاري تجاوز التحديات وصنع الرؤى والحلول وقدّم صيغة جديدة للعالم في مجالات متعددة.
 
وهو نموذج تشارك فيه القادة وتعاقبوا عليه، على العديد من المستويات التي كتب عنها كاتب هذه السطور في هذه المساحة سابقاً، ولكن في موضوع تمكين المرأة وهو مؤشر حضاري مهم، فهو مشترك بين صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، ولم يقصر فيه أبداً سمو الشيخ منصور بن زايد، وزير شؤون الرئاسة، ومن قبل الدعم الكبير الذي حظيت به المرأة من قبل «أم الإمارات» الشيخة فاطمة بنت مبارك، حتى استطاعت المرأة الإماراتية أن تسجل اسمها عالياً في العديد من المجالات المهمة في الدولة والمجتمع، ووصلت لأعلى المراتب في القضاء وفي الوزارات وفي المجلس الوطني الاتحادي، وهي خطوات تتبعها أخرى في كافة المجالات.
 
النموذج الذي تقدمه الإمارات لشعبها وللعالم العربي وللعالم أجمع، يكمن في التركيز على التنمية الشاملة وبناء الأجيال من خلال التعليم، والحرية الاقتصادية الكاملة والحرية الاجتماعية للمجتمع وللفرد، مع اعتماد «التطوير السياسي المتدرج» في موضوع الانتخابات وما شابهها ضمن رؤية متكاملة لطبيعة الدولة المستقرة التي ينبغي تثبيتها وتكريسها وتطوريها بشكل متوازن دون أي خلل قد يؤثر سلباً على تقدمها الحضاري ونهضتها في الحاضر والمستقبل.
 
وصول الدكتورة أمل القبيسي لرئاسة المجلس الوطني جاء بعد نموذج إماراتي خاص في إجراء الانتخابات بطريقة تضمن وصول الأكفأ والأجدر للمجلس الوطني، وضمن مراحل زمنية تسمح بتطوير المجلس بالتوازي مع نهوض الدولة وتطور المجتمع وحاجاته، وهو نموذج تم بناؤه من خلال قناعةٍ بأن نماذج الأمم في النهوض والتحضر تختلف وتتباين، ولا يمكن أن يحكمها سياق حضاري واحد أو نموذج موحد. أخيراً، مباركٌ للدكتورة أمل نجاحها ودعم قيادتها، ومباركٌ لدولة الإمارات العربية المتحدة النموذج الفريد الذي تقدمه للعالم.
 
"العربية نت"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد