قلق هولاند وسكينة أوباما - مشاري الذايدي

mainThumb

23-11-2015 10:29 AM

 الخوف هو سيد الموقف في العالم، خاصة في الدول الغربية الآن، بعد العرض العلني المروع للإرهاب الداعشي في شوارع ومسارح وملاعب باريس.

 

أوروبا تعيش ذعرا وهلعا غير مسبوقين، وصار ينطبق عليهم وصف المتنبي: وضاقت الأرض حتى كان هاربهم إذا رأى غير شيء ظنه رجلا!
 
مع الوقت ستهدأ المشاعر، وتعود الحياة لطبيعتها حتما، صحيح أن تغيرات ستحدث على القوانين والتنقل والمزيد من الترتيبات الأمنية، لكن نحن الآن في ذروة الصدمة، بعدها ستأخذ الأمور مجراها المعتاد.
 
حتى لو صارت عمليات إرهابية أخرى، فلن تكون الاستجابة النفسية لها بالدرجة ذاتها التي حدثت في باريس، ليلة «الثالث عشر من نوفمبر»، أو «11 سبتمبر الفرنسي».
هل يعني ذلك التقليل من خطر «داعش» والإرهاب المتأسلم؟
 
لا، ولكنه يعني أن هناك أمورا يجب أن تتوطن الدول والمجتمعات على التعامل معها، بوصفها جانبا من خطورة الحياة نفسها.. يجب العمل على توقيها، وفي أحسن الأحوال التقليل منها، أما القضاء عليها، فذلك غاية المنى، لو يحصل!
 
الرئيس الفرنسي هولاند أعلن للفرنسيين وللعالم أن فرنسا، وربما معها أوروبا كلها، في حالة حرب، وتم تطبيق قانون الطوارئ.
 
رئيس الغرب، إن صح التعبير، الرئيس الأميركي باراك أوباما قال من أقصى الجنوب الشرقي في كوالالمبور: «لسنا خائفين، ولن نعلي من شأنهم، ونشبع خيالهم بأنهم يفعلون شيئا مهما». بين طوارئ هولاند الفرنسي وسكينة أوباما الأميركي، ثمة طريقة أخرى للنجاة.
 
طمأنينة ودعة أوباما لا مسوغ لها، لأن خطر الإرهاب الداعشي القاعدي على العالم حقيقي وعميق، وله تداعيات خطيرة في إثارة التوتر والكراهية بين شعوب الأرض. لكن التوقع الذي قد يفهمه المرء من جملة الإجراءات الغربية، ومعها روسيا، بأن قصف معاقل «داعش» في سوريا والعراق وبعض الإجراءات الأمنية والاستخباراتية هي وصفة النصر، ليس بصواب.
 
هناك موضوعات سياسية وفكرية لم تتخذ بشأنها الخطوات الصحيحة بعد في الحملة العالمية ضد «داعش»، وقبلها «القاعدة» والدة «النصرة».
 
من ذلك كيفية التعامل مع مظالم الشعب السوري المهملة، لصالح وجهة نظر موسكو، أو الانحصار الغربي في رؤية الخطر السوري من ثقب «داعش». هذا الإهمال لن يزيد الأمر إلا خبالا.
ومن ذلك - وهذا يخص المسلمين - كيفية الوصول للجواب الشافي في التعافي من أمراض الانغلاق الديني، الذي هو حالة ذهنية وليس سلوكا أو زيّا أو مظهرا يتسم به عادة من ينضوي في كنف الجماعات الأصولية؛ المحارب منها والمسالم.
 
من دون طرق هذين البابين، فلن يدلف العالم لدار السلام.
 
صحيفة "الشرق الأوسط"


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد