حقق لبنان امس انجازا حضاريا بات من الممكن التأسيس عليه لحل كل الازمات المتراكمة والمتفاقمة التي يعاني منها، خاصة ما يتعلق بالشلل الذي يضرب المؤسسات الرسمية.
فبالتزامن تماما مع اسقاط الطائرة الروسية على الحدود التركية السورية من قبل طائرتين تركيتين، خرج علينا وزير السياحة في الحكومة اللبنانية ميشال فرعون ببشارة حل جنبت لبنان مأزقا حضاريا كان من الممكن ان يدخل البلد في ازمة جديدة، كان من الممكن لها لو تركت عالقة ان تضيف على ازمة على ازمات لبنان، وتربك الجهود التي يبذلها الفريق الوزاري لحل ازمة النفايات، وتعرقل ايضا المساعي الحثيثة التي تعمل الاطراف السياسية على بلورتها لحل ازمة الشغور الرئاسي، ناهيك عن تفعيل العمل الحكومي.
الازمة التي بشر وزير السياحة العتيد بحلها، تمحورت حول معضلة تمثيل لبنان في انتخابات ملكة جمال "الكون" التي ستقام في الولايات المتحدة الاميركية، ومَن مِنَ الوصيفتين الاوليين التي سيكون لها شرف هذا التمثيل في ظل تعادلهما في النقاط في حفل انتخاب ملكة جمال لبنان.
الوزير الذي اجترج مخرجا مع فريقه الوزاري ومستشاريه، توصل الى اتفاق بين الوصيفة الاولى سنتيا صامويل والوصيفة الاولى – الثانية- جوسلين مصلح وسجل لدى دوائر كاتب العدل الى اجراء قرعة بين المتنافستين، وان ترضى كليهما بالنتيجة التي تخرج من هذه القرعة ويكون للفائزة الحق بتمثيل لبنان في منافسات جمال الكون، في ظل انشغال الملكة الاصل فاليري ابي شقرا بتمثيل لبنان في مسابقات ملكة جمال "العالم" التي ستقام في الصين.
وحرصا منه على الشفافية التي باتت عملة نادرة في لبنان، دعا وزير السياحة الى حفل سحب القرعة في مكاتب الوزارة شاركت فيه ممثلات عن طبقة الجمال اللبناني وامام عدسات التصوير، حيث انتهى الحفل بسحب القرعة التي فازت بها صامويل.
الوزير الذي تمنى ان تكون النتيجة والمخرج الذي اعتمد لحل ازمة الاختيار بين صامويل ومصلح، مثالا للحل وان تكون "كل المشاكل مثل هذه المشكلة في عملية الاختيار بعد تعادل الوصيفتين لملكة جمال لبنان" مشيرا الى ان التعادل بين الوصيفتين "يحدث لاول مرة في انتخابات ملكة جمال لبنان".
وفي لفتة من الوزير يمكن اسقاطها على كل الازمات التي يعاني منها لبنان خاصة الشغور الرئاسي في ظل العقم السياسي الذي يعيش البلد، اضافة الى التهديدات التي تعيشها المنطقة وتداعيات التدخل الروسي في الازمة السورية، وعد فرعون بالعمل "على تعديل النظام المعمول به لانتخابات ملكة جمال لبنان وربما فتح امكانية مشاركة الجمهور".
موقف الوزير، يكشف مدى تأثره بالنقاشات الدائرة في الاوساط السياسية حول قانون الانتخابات البرلمانية وضرورة وضع قانون جديد يؤمن التمثيل الحقيقي لكل الاطراف، فحاول اسقاط التجربة المتعثرة في الحوار السياسي على الازمة "الجمالية في لبنان" لقطع الطريق على تحولها الى ازمة وطنية، لذا لم يستبعد الوزير اللجوء الى خيار الانتخاب "المختلط" بين لجنة التحكيم والمشاركة الشعبية المباشرة، فيما يشبه المساعي التي يمثلها الوزير سياسيا والداعية الى وضع قانون مختلط بين النسبية والاكثرية في الانتخابات البرلمانية، والموقف الذي يرفضه هذا الفريق من دعوة الانتخابات الرئاسية المباشرة من الشعب.
ولم ينس الوزير فرعون التمني للفائزة في القرعة، اي الوصيفة "صامويل" ان "تكون عند حسن الجميع في تمثيل لبنان في انتخابات ملكة جمال الكون" وحملها مهمة "نقل الصورة الجميلة عن لبنان والدفاع عن حضارة لبنان" وحتما بعيدا عن الصراع الدائر على حصص النفايات وتقاسم المواطنين.
لكن ما نسي الوزير توصية الوصيفة به هو التفتيش بين اكوام النفايات عن "مرقد العنزة" الذي كان الجميع من الاشقاء العرب يحلمون بان يكون لهممكان في لبنان بحجمه. خاصة وان الايام القادمة قد تحمل منافسا جديدا لصادرات لبنان من الجمال، اذا ما اقرت الحكومة قرار تصدير النفايات الى الخارج.
حفل القرعة الذي انتهى بفوز صامويل لم يكتمل الا بعد ان اعلنت الخاسرة " جوسلين مصلح" دعمها لصامويل في هذه الانتخابات وتمنت لها النجاح في "مهمة تمثيل لبنان خير تمثيل".
انها مجرد صرخة وسط ما يعانيه البلد، خاصة الازمات المصيرية التي تمر بها المنطقة، وليس الامر ضد ما قام به الوزير لكن وقفت على المفارقة بين الحدث الإقليمي وتداعياته الخطيرة وما يرافقه من أزمات داخلية وتحويل هذا الخبر عبر وسائل اعلام لبنان الى خبر احتل الصادرة في النشرات الصباحية حتى ما بعد الظهر، وان بعض المحطات ادرجته الى جانب خبر الطائرة الروسية.
"العربية نت"
من ألمانيا لإسبانيا .. رحلة تمثال فرعوني استقر بقبضة تاجر تحف
