قم للمعلم وفه التبجبلا !

mainThumb

01-12-2015 09:50 AM

ارتفعت وتيرة الاعتداءات على المعلمين في الأسابيع الماضية، إذ سجلت النقابة أكثر من 80 حالة اعتداء مثبتة، وعشرات الحالات غير المثبتة في مختلف مدارس المملكة، وهناك 60 قضية أخرى منظورة في المحاكم -حسب تصريح للنقابة- مما بات يشكّل ظاهرة تهدد أمن المعلمين وسلامتهم، ومستقبل أبنائنا الطلبة، وتهدد حاضر التعليم ومستقبله، مثلما تهدد السلم الاجتماعي لا سيما إذا ما أضفنا إليها الاعتداءات على الأطباء والممرضين...
 
  ليس الملفت تزايد حالات الاعتداء حسب، ولكن نوعيتها أيضا، فبعضها إصابات مميتة، أو يمكن أن تتسبب بعاهة دائمة، فمن ضرب يؤدي إلى ارتجاج بالدماغ لمعلمة إلى ضرب بالهراوة لرأس معلم، إلى اقتحام مدرسة اعتراضا على نتائج طلبة ... ومعلمون يُرجمون، وأولياء أمور يعتدون  بالضرب على معلمات في غرفة الصف، ومعلم يطلق النار على طلابه احترازا من اعتدائهم عليه...!
 
السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف حال التعليم في هكذا مدارس، وكيف للمعلمين أن يعملوا في ظل هذا الإرهاب، وكيف سيتم تقييم الطلبة العلمي في ظل الخوف والتهديد؟!
 
الجواب ببساطة: مزيد من الأمية، ومزيد من المدارس التي لم ينجح فيها أحد، وبالتالي غزارة النزيف من سمعة التعليم في الأردن، وتراجعه الى مستويات قياسية جديدة.
 
فماذا فعلنا إزاء هذه الظاهرة؟
 
الاكتفاء بالإدانة والتهديد لن يحل المشكلة، ولن يحمي المعلم !
 
والقول هذه أخلاق غريبة عن مجتمعنا، وتراجع منظومة القيم، ومقارنة مكانة المعلم في الماضي بماهي عليه اليوم، كله كلام لا جديد فيه، فكلنا نعرفه، ومن منا لم يتغيّر، بل لم ينكسر فيه شيء في السنوات القليلة الماضية؟!  وبدلا من ذلك علينا أن نشخص الظاهرة، ونضع لها الحلول لا أن نبكي على الماضي، وتغيّر الزمان...
 
والحلّ يكون باتجاهين الأول: مهننة التعليم، ويكون بتعليم المعلم وتدريبه على التعامل مع الطلبة، وإدارة غرفة الصف، وأساليب التقييم... مثله مثل صاحب أي مهنة أخرى، ومثلما تفعل دول العالم الناجحة في هذه المهنة،  ولا يجوز تعيين معلم إلا بعد قضائه سنة تدريب، ونجاحه في كل الامتحانات المطلوبة، والمقابلة الشخصية التي تؤهله لأخذ رخصة لمزاولة هذه المهنة، فلا يعقل أن يتخرج الطالب ثم يُعيّن مباشرة معلماَ، فالمعلومات التي يمتلكها لا تؤهله بالضرورة، والأهم يمكن أن يكون فاقدا لكل مهارات التواصل مع الآخر، ولعل  القصة الآتية يمكن أن تلّخص جزءا مما يحدث في مدارسنا:
 
 زارني أحد طلبتي بعد أيام من انتهاء الفصل، وكان من أشدهم مشاغبة وضعفا علميا...، ولكنه (مدعوم)! وفاجأني بقوله: أصبحت معلما، وأردف قائلا وكأنه قرأ ما يجول في خاطري: الله يعين الطلبة والتعليم!  فقلت له خيرا: ماذا فعلت؟! قال: أزعجني طالب كثير حركة، فششددته من أذنه، ولم أعلم أن  عملية خطيرة  أجريت له في رأسه، فتقطعت القطب... فأوقفت عن العمل، وأنا ملاحق من قبل أهله، فهربت لأختبىء عند زملائي ممن يسكنون حول الجامعة!
 
 قصة هذا (الطالب- الاستاذ) قصة تتكرر في مدارسنا، لاسيما أن عددا منهم لا يملكون ما يملكه بعض الطلبة من مهارات تكنولوجية، وقوة جسدية، ومالية...فيشعر المعلم أنه الحلقة الأضعف، ويغري  بعض طلبته بالتطاول عليه!
 
 ستنجح مهننة التعليم إذا أردنا لها ذلك، لكن ماذا سنفعل مع أولياء الأمور الذين يضربون المعلمات ويهاجمون المدارس، وأصحاب الهراواتُ منهم والمسدساتُ والمشاجراتُ التي دفعتهم ثقافة العنف إلى حرم المدارس، وماذا سنفعل بالمدعومين، وممن يجلسون في المساء يتغنون بالوطنية وينتقدون الفاسدين...، ويتحسرون على حال الأوطان والإنسان في الأقطار المجاورة وفي الصباح يعتدون على المعلمات والمعلمين؟!
 
والجواب: بوضع العقوبات الصارمة العاجلة التي لا تُقبل فيها واسطة، ولا فنجان قهوة،  أو إسقاط الحق الشخصي، فهو ليس للمعتدى عليه فحسب، وإنما للدولة أيضا التي تنزف من سمعتها المحلية والإقليمية لا سيما في مجال التعليم.
 
 إن سن التشريعات الرادعة لمعاقبة كل من يستخدم يده أو سلاحه أو لسانه في الاعتداء على المعلمين  أقلها إيداعه السجن، والتعويض المالي المجزي للمعتدى عليه، وللمدرسة التي هوجمت بات ملحا ولا ينتظر التأجيل.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد