بين التل والنسور .. يا وطن لا تحزن !

mainThumb

05-12-2015 09:44 PM

من يطلع على السيرة الذاتية للسيد عبدالله النسور يعرف أن الرجل قد حظي بتعليم مرموق وهو صاحب ثقافة واسعة فضلا عن أنه تنقل في الكثير من مواقع المسئولية مما جعله على علم ووعي وادراك كيف تدار الأمور في الشأن الحكومي والمحلي ونفترض أيضا أنه يعي تماما أوضاع وظروف ومزاج الشعب الأردني بل يحسب له أنه في يوم من الأيام غادر المنصب الحكومي ليخوض الانتخابات ويفوز بها ليجلس بين نواب الشعب أي أن احساسه بمسئولياته تجاه شعبه مقدر ومن هنا فقد كان خلال وجوده في المجلس من اشرس المدافعين عن الشعب والمدينين-بضم الميم- للحكومات بل لم تمر حكومة أمامه دون أن يحجب عنها الثقة.
 
المهم وصل الامر الى تسلمه منصب رئاسة الحكومة منذ اكثر من 3سنوات وفي القياس الأردني تعتبر حكومته من أطول الحكومات عمرا وكنت شخصيا احلم بحكومة تعمر خمس سنوات على اقل تقدير كي يتاح لها الإنجاز والتأمل فيما تقوم به ولا تكون اهداف الروساء والوزراء في العقد النصف سنوي تحقيق الطموحات والأهداف الشخصية والأسرية فضلا عن التوقير والتقدير.
 
بعد تسلمه الرئاسة بدا الرجل وكأنه ينسل من جلده ويخلع على نفسه ثوبا جديدا وينقلب على كل سلوكياته السابقة وانا شخصيا قد التمس له عذرا بأن الشخص في السلطة بما يملكه من معلومات ويتحمله من مسئوليات ويقع عليه من ضغوطات داخلية وخارجية يختلف تماما عن جلوسه في صفوف الهيئة التشريعية التي غالبا ما توجه النقد دون التحقق مما تقول لعدم السعي الحثيث وراء التثبت من المعلومة الصحيحة أو لأنه أصلا توضع في وجهها العقبات للفشل.
 
منذ البداية لعمله في الرئاسة اخذ الرجل يتحدث عن الاستقلال الاقتصادي الذي يقود بدوره الى استقلال القرار السياسي وبالتالي وضع نصب عينيه تحقيق مكاسب للخزينة وخفض العجز وكذلك المديونية قدر المستطاع وكسب مؤسسات النقد الدولية لكن يعيب ذلك ما اختطه من سلوك طريق وحيد يقود الى جيب المواطن.
 
نعرف تماما أن النسور ليس اكثر من رئيس برتبة موظف يفتقر الى الأمن الوظيفي لكن ربما ما اثار اعجاب عقل الدولة الأردنية به أن تصدى لمسئوليات ربما اعتذر بعضهم عنها ولم يكونوا ليتحملوا وزرها وبالتالي كان الرجل على أتم الاستعداد لأن يحترق شعبيا مقابل أن يحوز الرضا من دوائر صنع القرار الضيقة ومن الخارج.
 
لم يترك حاجة من حاجات المواطن الأساسية الا وعبث بها ولم يترك شيئا الا رفع سعره فقد رفع سعر كل شيء تقريبا بل الاغرب أن هذه القرارات التي تستلزم شجاعة خاصة حدث معظمها في زمن الربيع العربي مما يعني أن الرجل كان يمتلك قلب الأسد الحقيقي او الجار كلاهما يجوز.
 
حسنا قد تكون للرجل نوايا حسنة وسعى وراء شفاء اقتصادنا العليل القائم على المساعدات الخارجية وتخفيض المديونية ومن ثم أراد تحرر قرارنا السياسي وحفظ حياد دولتنا التي تقبع بين حفر النار وبؤر الفتنة ولعمري أنها اهدافٌ سامية لكن من حقنا أيضا أن نسال السيد النسور عما حققه في هذا الشأن.
 
فهل تحقق لنا استقلال القرار السياسي أم اننا نبحر في الاتجاه المعاكس تماما؟
هل شفي اقتصادنا العليل بعد محاصرة المواطن المغلوب على امره أم أن هناك الكثير ينتظره؟ وكيف ؟بعد ان صار يعاني الذل والجوع والبردّ!
 
هل تخلينا عن المساعدات الخارجية ولم تعد تهمنا؟ بالمقابل هل يلمس المواطن قيمة هذه المساعدات على ارض الواقع؟
 
هل ارقام مديونيتنا تقل ام تزيد علما بأن المواطن لا يعرف أسبابها ولا يلمس على ارض الوطن مبررات انفلاتها؟
 
هل حارب الفساد؟ هل قبض على بعض الفاسدين ولو من قبيل ذر الرماد في العيون؟ أم ان السيد النسور سيقول لنا اننا نعيش في جزيرة منعزلة تخلو من الفساد في محيط ينخره الفساد؟
 
هل كان الابداع الوحيد والانجاز العظيم هو تحقيق الأهداف الكبيرة من خلال الوصول الى جيب المواطن فقط؟
 
أين مشاريع الإنجاز؟ أين الاستثمار الحقيقي الذي يوفر فرص العمل؟ أين ابداعات فريقكم الحكومي الذي يتفاخر فقط بشهادات اجنبية لكن لم يقدم في حياة المواطن ما يستحق الشكر؟
 
هل دعوتم مثلا الى مشاريع ترشيد الاستهلاك وكنت انت شخصيا وأسرتك ومن بعدك فريقك الحكومي قدوة للمواطن الذي تقهرونه كل يوم؟
 
هل سعيت مع فريقك الى حفظ كرامة المواطن وأمنه المعيشي علما بأننا كثيرا ما سمعنا عن رفاهية المواطن الأردني؟
 
هل حميت الهوية الأردنية ودافعت عنها ام أنها اليوم تعاني لعدم وجود شعور بالمسئولية تجاه الوطن والمواطن؟
 
هل الأمن والأمان الذي تتفاخرون به يحسب للشعب الأردني أم لحكومة تعبث بمقدرات الوطن ومعيشة المواطن من خلال الاستفزاز غير المسئول؟
 
ان السيد النسور اليوم قد يحظى بكلمات الاعجاب والاطراء بل قد يحصل على نياشين التكريم لكن ليتذكر أن التكريم الحقيقي هو ما سيذكره الشعب وتتذكره الناس وربما يجدر بنا أن نذكره بما يتحدث به الناس هذه الأيام عن الشهيد وصفي التل وكيف ما زالوا يحتفون به وكأنه ما زال بينهم ويذكرون له نظافة يده وحفظه لوطنه وكرامة مواطنه فوالله أن الوطن اليوم الى تلك الثلاث فقير. 
 
أما بخصوص "السلطة التشريعية"التي آملت يوما- ساذجا- أن يكون لها شأن وقد كتبت في ذلك فلا يسعني اليوم الا أن أقول للوطن والمواطن"عظم الله أجركم".
 
 
الدوحة - قطر


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد