أزعجني جدا أن أرى وأسمع أن ثورة 25 يناير لشعبنا في مصر العروبة كانت دمارا ومحاولة لإشعال الفتن وتقسيم البلد وقف خلفها أعداء مصر وعملائهم من المصريين .!!
والحقيقة أن مثل هذا الكلام المؤسف والجارح يعتبر هجوما وعدوانا على شعبنا في مصر الذي أعادته ثورة 25 يناير لواجهة الأحداث ، وفي طليعة اهتمام العالم ، وما حدث عكس تلك الافتراءات التي سمعناها بحق مصر والمصريين وللأسف من بعض المصريين من أيتام العهد البائد ، حيث أن ثورة 25 يناير هي خلاصة ما توصل إليه الشعب المصري بعد ظلم وقهر واستهانة بشخصية مصر التي وصفها المخلوع حسني مبارك بالخرابة حين سأله أحد أمراء الخليج عن حقيقة توريث ابنه ، أجابه المخلوع (عاوزيني أورث ابني خرابة) .
إن مبارك وقبله السادات كانوا كاذبين ، فهذا اللا مبارك أراد توريث ابنه من خلال برلمان أحمد عز الذي زوره بنسبة 100% لصالح الحزب الوثني وليس الوطني ليتم بعد ذلك ترشيح مبارك الابن بدون أي معارضة تذكر حيث سيجد الساحة خالية تماما من أمامه بعد حالة التصحر طيلة الأربعين عاما الماضية ، وبالتالي تصبح مصر وكأنها مزرعة لآل مبارك ، وكان ذلك ما افرز ردة الفعل الطبيعية واستخراج أعظم ما في مصر حيث ولدت ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام كاملا ، وأرسلت مبارك وأبناءه للسجون وبالتالي التقليل من انجاز تلك الثورة هو إساءة لمصر شعبنا وتاريخا وحضارة .
لقد تحمل شعبنا في مصر نظام الردة والخيانة الذي قاده السادات وأكمله مبارك وأعطى هذا الشعب العظيم النظام أكثر من إشارة كانت أقواها انتفاضة 18 و 19 يناير الأولى عام 1977م ، وللأسف النظام المصري ومبارك جزءا منه لم يأخذ الدروس والعبر وهذا مبارك الذي هو الوحيد من بقى لجانب السادات نائبا له منذ عام 1975م ، بتوصية من السفير الأمريكي بمصر في ذلك الوقت والمعروف أن السادات انقلب على كل رفاقه ومن عمل معه باستثناء حسني مبارك لأسباب ذكرها الكثير من الكتبة والمثقفين وأبرزهم الأستاذ الكبير محمد حسنين هيكل .
وثورة 25 يناير لم تأتي في سياق ما عرف بالربيع العربي المزعوم كما يقول البعض ولكن ثورة يناير كانت خلاصة كفاح شعب تحمل الكثير حتى وصل النظام بوقاحته السياسية لدرجة اللا معقول في استهانته بمشاعر شعبه وتاريخه وحضارته المدنية الممتدة عبر الآلاف السنين .
لقد كانت ثورة 25 يناير هي ثورة الشعب التي أيدها الجيش كما كانت أمها الطبيعية ثورة 23 يوليو ثورة الجيش التي أيدها الشعب ، وكانت يناير هي الابنة الشرعية لثورات أحمد عرابي عام 1882م ، وثورة 1919م ، وثورة 23 يوليو عام 1952 م، كما هي تكملة لثورة 18و19 يناير عام 1977 م ، وبالتالي التقليل من قيمة ثورة يناير بوجود أخطاء لم تتغير هو كلام إذا استخدمنا حسن النوايا نقل أنه غير دقيق ، فان ثورة يناير ورغم محاولات القمع والإرهاب لزبانية نظام السادات مبارك والمستفيدين من دكانه الحزب الوطني ، إلا أن الثوار وبعد النصر كانوا في غاية الوعي الوطني بعدم الانجرار لسفك الدماء رغم دماء الشعب التي سفكت ، ولكن هذه مصر وطبيعة شعبها وحبه للعدل والكرامة المستمد من روح القانون فهو الذي أحال كل شيء للقضاء ولم يكن يريد قتل أو سفك دماء كما حدث في بعض دول الجوار ، وكما كانت ثورة 23 يوليو سلمية التي أخرجت الملك فاروق بكل احترام ، وعندما أراد الكثير من الضباط الأحرار إعدامه رفض الزعيم جمال عبد الناصر وقال عبارته الشهيرة (أن الدم لا يجر إلا الدم ) .
وهكذا كانت ثورة 25 يناير سلمية رغم عنف النظام طيلة الأربعين عاما الماضية من عمره ، وتبقى ثورة 25 يناير علامة فارقة بالتاريخ ومحطة مشرقة تثبت وعي وقدرة شعبنا في مصر على التغير في الوقت الذي يحدده ، كما اثبت هذا الشعب لكل حاكم بعد السادات مبارك أن مصر ما بعد 25 يناير لن تكون كما كانت قبل ذلك ، ويبقى من تلك الثورة المجيدة العبرة أن الشعب قادرا على الفعل ومالكا لإرادته وقادرا على الإطاحة بأكثر الأنظمة قمعا ، وأن الشعب هو القائد والمعلم كما قال الزعيم جمال عبد الناصر .
وثورة 25 يناير بكل أحداثها كانت أيام مجد وعزة وكرامة لشعبنا المصري ودرس لكل حاكم ما بعد المخلوعين مبارك ومرسي .
تحيه لشعبنا في مصر في ذكرى ثورته المجيدة والمجد والخلود لأرواح الشهداء الأبرار ولا نامت أعين الجبناء .