زوال الدنيا أهون من قطرة دم مؤمن

mainThumb

12-02-2016 02:32 PM

ورد في الحديث الشريف عن إبن ماجه ، أن النبي محمد "صلى الله عليه وسلم  " قال:" ‏لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن  بغير  حق" ، صدق رسول الله  ‏، وصدق جبريل الأمين الذي  نقل الحديث إلى الرسول .‏
 
وورد في  مسند البزار :"أن زوال الدنيا جميعا ، أهون على الله  تبارك ‏وتعالى  ،  من سفك دم إمريء مسلم يسفك بغير وجه حق"، صدق ‏رسول الله وصدق جبريل الأمين .‏
 
وهناك حديث يروى   وهو : "لأهون على الله أن تنقض الكعبة حجرا ‏حجرا ، على أن تسفك نقطة دم إمريء بغير وجه وحق "، ومع أنه لم يتم ‏التحقق من هذا الحديث الأخير ، فإنه لا ضير من الإستشهاد به ، بالقياس  ‏مع الحديثين الأولين  ، لأنه يصب في نفس الهدف الذي ننشده ونسعى ‏إليه وهو العدالة والكرامة الإنسانية .  ‏
 
فها هو الله جلت قدرته  ، يكلف جبريل عليه السلام ، بإبلاغ النبي محمد ‏‏"صليه وسلمع        "  ،ب هذه الوثيقة الربانية  التي تكفل كرامة الإنسان ، وأن زوال  ‏الدنيا  بكل ما فيها  ،  أهون على الله من قتل مؤمن بغير  حق ، والإيمان ‏هنا ليس مقتصرا على اتباع دين معين  ، كما أن  النص جاء بصيغة ‏أخرى  في وثيقة ثانية   ، وهو أن زوال الدنيا جميعا أهون على الله من ‏سفك قطرة دم مسلم بغير حق ، وهنا زيادة في التوضيح   ، رغم أن ‏النص تحدث عن قطرة دم ، وهنا  تكمن  العزة الإلهية  في تكريم  البشر  ‏،  وجاء الحديث عن الدنيا جميعها وما اكبرها  ، مقابل قطرة دم مسلم ‏تسفك بغير وجه حق ، وما أصغر القطرة  ، لكنها حظيت بالإهتمام ‏الإلهي ، وفاقت في أهميتها   الدنيا جميعها .‏
 
أما في الحديث الثالث الذي لم يتم التحقق منه ،  فهو أن الله  سبحانه ‏وتعالى  فاضل بين بيته المحرم  وكعبته المشرفة ، وزوال الكعبة ‏ونقضها حجرا حجرا  ، بمعنى الزوال التام ، وبين  قطرة دم مسلم ، ‏وفضّل قطرة الدم التي لا توزن شيئا  ، على الكعبة المشرفة   ، التي ‏يزورها سنويا الملايين من المسلمين للطوفان حولها  والتبرك بها  ، مع ‏ان قطرة  الدم  عندما  تسفك ، تذهب هدرا ولا فائدة منها .‏
 
ما دعاني لفتح هذا الملف هو أن  الرئيس السوري بشار الأسد  ، تصرف ‏وكأنه لم يسمع بأي دين سماوي يحض على كرامة البشر ، ويؤكد أن ‏عزة المؤمن  ، تقترن بعزته وبعزة رسلة ،  الذين حملوا رسالاته إلى ‏بني البشر،  لنشر المحبة والسلام بينهم على الأرض ،  ويعدهم بحياة ‏خالدة في الآخرة .‏
 
هذا الرجل الذي درس طب العيون في بريطانيا  ، لم يستفد من  حقيقة ‏مفهوم الطب ، ولم يع  ما فيه من رحمة ، وان الطبيب ملزم بتقديم ‏العلاج  ، حتى لقاتل فلذة كبده ، كما أنه لم  يستفد من وجوده في ربوع ‏بريطانيا   ، حيث الحرية والديمقراطية والكرامة  وحقوق الإنسان ‏وتداول السلطة ، حتى أنه لم يقم بتخزين  مناقشات مجلس العموم ‏البريطاني ، والطريقة التي تدار بها النقاشات  ، ناهيك عن عدم إلتفاتته ‏إلى تداول السلطة بين  حزبي العمال والمحافظين في بريطانيا   ، من ‏خلال صناديق الإقتراع في الإنتخابات .‏
 
كل هذه الأمور لم يلتفت إليها الرئيس بشار الأسد ، ويبدو أنه  كان من ‏قيل فيهم "على قلوب أقفالها"،  وأن جينات أبيه حافظ الأسد ، قد غلبت ‏عليه ، فأبوه وكما هو معروف قام عام 1982 ،  بقصف مساجد حماه ‏فوق رؤوس المصلين فيها إبان خلافه معهم ، ولو كان  بشار غير ذلك ‏لعمل على تطويق المشكلة التي  إنفجرت  في إحدى مدارس  درعا  في ‏الأيام الولى للأزمة التي تحولت إلى مأساة ، أو على الأقل  مغادرة ‏السلطة بشرف ، بعد ان إكتشف أن مخابراته  تقوم بالتدليس عليه ، وهنا ‏لا بد من  إثارة قضية لا  يتم التطرق إليها في  الإقطاعيات العربية ،  ‏وهي محاسبة المسؤولين المخطئين ، والنظر إلى مستقبل البلاد والعباد ، ‏قبل النظر إلى "قراد الخيل " من المستفيدين من الحكم  ، الذين يزينون ‏للحاكم   كل قبيح في البلاد ، لأن جل همهم هو الكسب غير المشروع ‏طبعا ، فسوريانا التي تنهار امام أعيننا  كانت  بلدا  بمعنى الكلمة ، لكنها ‏وبعد أن  تمكنت منها عصابة  الأربعين حراميا ،  دخلت في خضم ‏الفساد والإفساد ، ولم تعد سوريا هي سوريا  ، لأن حال المواطن هو ‏المؤشر على الوضع ، تماما مثل ما يقال في علوم البيئة  أن وجود ‏الطيور في منطقة ما  ،  هو دلالة على  نظافتها بيئيا.‏
 
كل الظواهر التي كان يجب على الرئيس بشار أن يستفيد منها  ، ليس ‏لأنه كان الرئيس المقبل لسوريا  ،ل أنه لم يكن في هذا الوارد أصلا ، ‏لأن الذي كان معدا للحكم هو أخوه باسل الذي قتل ، ولم نعرف حتى ‏اللحظة سبب قتله ، ومن قتله رغم تعدد الروايات  وإقحام قضايا خيالية ‏فيها  ،  مثل  أنه قضى على يد المناضل الأممي الفنزويلي "ألييتش ‏راميرز سنشيز"وإسمه الحركي كارلوس ولقبته المخابرات العالمية ‏بكارلوس الثعلب  ، إنتقاما من خيانة حافظ الأسد له وغدره به .‏
 
ما أود قوله هو أن الله  جل في علاه  فاضل بين قطرة دم مسلم أو مؤمن ‏لا فرق ، وبين  الدنيا كلها  ، وبين قطرة الدم تلك وبين  كعبته المشرفة ‏، وفضل قطرة الدم  ووضع لسفكها شروطا ، وهو الله بكل ما تعني هذه ‏الكلمة من جلال وقدسية ، لكننا رأينا بشار الأسد يطبق شعار"الأسد أو ‏نحرق البلد " وها هو يحرقها بعد أن قتل جيشه الذي لم يعرف معنى ‏المواجهة مع مستدمرة إسرائيل ، نصف مليون سوري  ، وجرح مليوني ‏سوري  وأصيبوا بإصابات متعددة  ، جرى تشويه  العديد منهم  ، وفرز ‏عدد لا يستهان به  منهم  ، في  خانة المقعدين ،  وشرد أربعة ملايين ‏سوري يعيشون على صدقات  العالم  ، ومنهم من غامر بأطفاله  وهاجر ‏عبر البحر إلى أوروبا  ، فغرق من غرق منهم ، وها نحن نسمع عن  ‏ممارسات غربية لا إنسانية  بحق من وصل حيا  ، إلى درجة ان بعض ‏الدول الأوروبية التي تتشدق بحقوق الإنسان  جردت اللاجئين السوريين ‏من أموالهم ومصاغهم الذهب يوصادرتها لتصرف عليهم منها ، ناهيك ‏عن أنهار من الدم سالت  من الأطفال والنساء والشيوخ والرجال ‏السوريين .‏
 
ليس هناك مبررا واحدا لكل هذا العبث  ، فلو كان بشار الأسد سوريا ‏ويحب سوريا  ،  لما قبل أن يراها  تنهار أمام عينيه  ، ولا يقبل على ‏نفسه أن يخرج على شاسشات التلفاز ليقول للناس أن الوضع في سوريا ‏طبيعي ، فما دام الله  سبحانه وتعالى ، قد فضل قطرة الدم على الدنيا ‏كلها وعلى كعبته المشرفة ، فهل يجوز لبشار الأسد لو كان مسلما مؤمنا ‏موحدا  ، أن  يسفك الدماء ويهدم البلاد مقابل الحكم ، وسؤالي :أي حكم ‏هذا الذي سيكون على الأنقاض ومحميا مرهونا من قبل  روسيا  ، التي ‏إستدعيت للقضاء على الشعب السوري مقابل أن تنعم عصابة الأسد ‏بمواصلة نهب ما تبقى من سوريا ؟


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد