الشعب يريد وزراء سعادة لا وزراء تشخيص

mainThumb

14-02-2016 01:19 PM

لا يوجد أحد مخلوق بشري على هذه البصيرة من اذا استدعي ليتولى منصب أي وزارة ما أن يرفضها الا من رحمه ربه خوفا من حيثياتها ونتائجها التي سيسئل وسيستجوب عنها يوما ما , سواء في الدنيا أوفي الآخرة , فالأغلبية العظمى في هذه الأيام يهرول ويعمل المستحيل ليصل الى هذا المنصب ليس حبا بخدمة هذا الوطن والمواطن فحسب , بل لتعبئة الجيب مما حلل وحرم , وشراء السيارات الفارهة , وبناء القصور , وتأمين أبنائهم في الدراسة في أرقى الجامعات وتعيينهم في أرقى المناصب . فكل واحد من هؤلاء يتمنى أن يكون وزيرا وهو لا يعلم أنها مسؤولية كبرى سيسئل عنها ان قصر لا سمح الله عاجلا أم آجلا , وهو لايحسن التمعن فيما يقوله الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز " وقفوهم انهم مسؤولون "  وما قاله الخليفة الراشد عمر بن الخطاب " والله لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله عنهالم لم تمهد لها الطريق يا عمر " , فقد كان الصحابة اذا ما طلب من أحدهم أن يتولى ولاية ما يرتعد خوفا من أن يخطئ في حكم ما فيحاسبه الله على عمله , وكثير منهم من كان يرفض الولاية والقضاء خوفا من الله .

 

ولكن هل سأل أحد من هؤلاء الذين يسارعون لتولي المناصب الوزارية نقسه هذا السؤال " لماذا أتمنى أن أصبح في يوم ما وزيرا ؟ هل لابراز شخصيتي واظهار تميزي عن بقية الشعب وحبي للجاه والسلطان , أم لاسعاد الآخرين من أبناء وطني وذلك بالخدمة المتواصلة والسهر الدؤوب على مصالحهم وتفقد أحوالهم لتحقيق مطالبهم وأمنياتهم , ورفع شأن هذا الوطن (الذي يعيش على أرضه ويأكل من خيراته ) بين الأمم , وتحسين مستوى معيشتهم في كل مجالات الحياة؟ ان غالب ما يدرج على ألسنة الناس وما يتداولونه في اجتماعاتهم ودواوينهم في هذه الأيام ذكر معالي الوزير وسعادة الوزير الذي لا يهمه سوى بقائه على كرسي الوزارة واعتلائه السلم الوظيفي الذي به ينال ما يتمناه له ولأهله وذويه من جمع للمال وبناء للقصور وشراء للأراضي وتأمين التعليم لأولادهم وحتى لأحفادهم في أرقى الجامعات على نفقة الدولة وتعيينهم في أرقى الوظائف سواء في القطاع الحكومي أو الخاص , كل ذلك بهدف خلق جو السعادة له ولذويه , والتعالي على المواطنين متنكرا لحقوقهم وصرف الذهن عنها الذين هم السبب الرئيس في توزيره اذ لولا وجودهم لما أصبح وزيرا " وعلى من سيصبح وزيرا ! " .

 

فما أحوجنا اليوم الى نزع الكشرة واظهار البسمة عل وجوهنا كما فعلت دولة الامارات العربية المتحدة بقيادة رئيس وزرائها حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حيث أعلن عبر حسابه الخاص في   "تويتر" أن بلاده قد استحدثت منصبا جديدا وأنشأت وزارة جديدة تسمى " وزارة السعادة " الذي يعتبر هذا الحدثفي نظر الناس جميعا حدثا جريئا وفريدا من نوعه قد كان له ردود فعل ايجابية واسعة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي والاعلام الدولي .

 

ان الأردن بقيادته الحكيمة الممثلة بسيد البلاد جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم وبحمد الله قد عوضها الله وأغناها عن هذه الوزارة لأنه يمثل السعادة كل السعادة لهذا الوطن , وها هو  يسعى جاهدا دون كلل أو ملل يواصل الليل والنهار بالعمل الجاد الذي يهدف أولا وأخيرا لخلق فرص عمل لمواطنية وجلب السعادة لهم حسب امكانياته وقدراته ,والتشديد والطلب الملح على كل حكومة تتولى شؤون الدولة بأن تجعل جل همها بتكريم المواطن وتحسين أحواله المعيشية ,  ولكن كما يقال المثل " يد واحدة لا تصفق " , بل تحتاج الى أيدي مساعدة أخرى لكي يتم التصفيق , وهذا لا يتأتى الا بوجود وزراء سعادة  "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " , ولا يهتمون بأنفسهم أكثر مما يهتمون بمواطنيهم .

 

فالأردن بلد هاشمي أصيل وأبناؤه جند لهذا الوطن , انهم أبناء الثورة العربية الكبرى الذين يؤمنون كل الايمان بما جاءت بها من قيم وأخلاقيات نفتخر ونعتز بها , وهم من أصحاب المؤهلات والهمم العالية الذين هم ليسوا بحاجة الى كم من الوزراء بمسمياتهم المتعددة الذين لايهمهم الا الوصولية للتعالي على البشر وجعلهم خدمة لهم , وأداة طيعة يأتمرون بأمرهم , بل هم بحاجة الى وزراء سعادة يهتمون بكيفية توفير وسائل العيش الكريم لمواطنيهم , وبالتخطيط الهادف البناء لخلق مشاريع اقتصادية تعود بالنفع عليهم , وتنفيذ سياسات واستراتيجيات بناءة وفاعلة تتوائم مع البرامج التي يعدونها مسبقا لتحقيق الأمن والأمان الوظيفي والحياة السعيدة لكل مواطن يعيش على هذا البلد المعطاء .

 

ان لمسمى هذه الوزارة " وزارة السعادة " التي يفترض بوجهة نظري أن لا تكون على أرض الوجود كوزارة منفردة دون أن نتلمس انجازات الوزارات الأخرى التي يكون هدفها الأول وعلى الدوام تحقيق السعادة والرفاهية لكل أفراد هذا الوطن , وان دلت على شيء فانما تدل غلى مدى حب الحاكم والمسؤول الذي يتولى شؤون الأمة لشعبه وقوة ترابطه معهم, وحب تعميم الخير لأبناء وطنه , واظهار الفرح والبسمة على شفاههم التي من شأنها تزيد من قدر الألفة والمحبة وتلاحم الشعب مع قيادته , انها في اعتقادي رمز للفخر ولقوة الثقة بالنفس والعدالة الاجتماعية التي يتغنى بها المسؤول وينشدها المواطن منذ أمد بعيد , انها رمز الاحساس بما يعاني به الناس واشعارهم بأن حقوقهم محفوظة لا تهضم , وأن حاجاتهم ستكون متوفرة وفي متناول الأيدي, فهي حقا تحقيقا لسعادة المجتمع بأكمله .

 

ان على كل وزير أن يقف وقفة جد وتأمل وتفكير في كيفية معالجة مكامن الضعف في وزارته , وما يترتب عليها من شقاء وتعاسة وضيق لمعيشة المواطنين بعيدا عن الأنانية وحب الذات , وكيفية تحقيق الرفاهية لهم عبر برامج مناسبة فعالة لها حضورها وواقعها على المجتمع برمته , ودراسات علمية وعملية تنعكس ايجابيا على حياتهم , وأظن أنها ستبقى في ذاكرة الأمة يسجلها التاريخ لكل منهم , وستكون مدعاة فخر يفتخر بها كل مواطن ينتمي لهذا البلد حق الانتماء , وسيكون كل وزير قد كان همه اسعاد شعبه علما ونجما ساطعا في الانتماء والمواطنة المسؤولة, وهم فعلا والحالة هذه يستحقون بجدارة أن يطلق عليهم كلمة صاحب المعالي والسعادة الذي سيعتز الشعب بهم ويجلهم ويثمن اخلاصهم وتفانيهم في خدمة الأمة .

 

انها حقا خطوة ايجابية حبذا لو أن كل وزير أخذ بأبدي مواطنيه نحو السعادة ,وجعل وزارته وزارة سعادة , وجعل السعادة دائما نصب عينيه  وفي حله وترحاله , وعلى رأس قائمة اهتماماته  وأولياته , فعندها سيكون كل منهم محط اهتمام الناس بهم ومصدر فخر واعتزاز لهم , وعندها لا يكون هذا البلد الهاشمي بحاجة الى انشاء وزارة سعادة خاصة لهم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد