دور السفير والسفارة

mainThumb

22-03-2016 10:07 AM

للسفارة في أي بلد دورٌ مهمٌ جداً في توثيق العلاقة بين الدول، ولهذا جاءت جزءاً من وزارة ‏الخارجية.  ولنفس السبب جاء تعيين العديد من الملحقين فيها. ولا أعتقد أن دورها ‏‏(السفارة) يقتصر على التوقيع على الوثائق وتصديقها لأبنائها المقيمين هناك برسومٍ تزيد ‏أضعافاً مضاعفة عن رسوم نفس المعاملة للمقيم لرفد الخزينة.‏
 
‏ فللسفارات دورُ دبلوماسيٌ بروتوكوليٌ بين الدول يُؤطِّر للمواقف السياسية للدول ومحاولة ‏شرحها للدول المضيفة أو تقريب وجهات النظر أو تضيق جوانب الخلاف بين البلدين إن وجد. ‏
 
ورغم عمومية الدور إلا أن أهميته تكمن بأن العديد من الأدوار الأخرى ينضوي تحت هذا ‏المسمى.  فالسفارة الناجحة للبلد تسعى لتسويقه اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً وسياحياً ‏وصحياً وعمالياً وعسكرياً.  فالسفارة تحوي الأجوبة لأي سؤال من شعب الدولة المضيفة عن ‏كل هذه المجالات.  فأين يجب أن يذهب المستثمر مثلاً أو السائح ليحصل على المعلومات ‏التي يريد عن البلد.  ولمن يرجع الطلاب الراغبين بالدراسة في هذا البلد إن لم تكن السفارة ‏مرجعيته الأولى؟   ‏
 
 
كذلك وبالمقابل فهي مصدر معلومات لدولتها التي أرسلتها عن مناحي الحياة المختلفة في ‏الدولة المضيفة ولا يتعارض هذا مع أصول العمل الدبلوماسي بين الدول. والحديث طبعاً عن ‏طاقم سفارةٍ نشيطٍ يعرف كيف يحصل على ما يريد.  ولكل شيخ طريقة في هذا المجال.  ‏لكن ما أقام الدنيا ولم يقعدها هذه الأيام ومن قبلها هو أن نشاط السفارة المعنية كان علناً ‏وليس سراً، أو ربما مناكفة للدول المعنية التي تمثلها هذه السفارات.‏
 
 
لقد شغل السفير الأمريكي السابق الذي دبك على أنغام تيرشرش في إربد وتناول المنسف ‏برعاية ممثلي الشعب في مضارب العشائر  شمالاً وجنوباً؛ وجاءت السفيرة بعده لتكمل ‏المشوار وتغطي ما غفل عنه السفير السابق فلبست الثوب الفلسطيني و(برضه) بحضور ‏ممثلي الشعب وتابعتم من حدث. وكان هناك حديث عن تشكيل مجالس شبابية للتنسيق ‏بين  السفارة وبعض أطياف المجتمع.‏
 
 
‏ والآن الحديث عن السفارة الفرنسية التي دعت المواطنين لزيارتها للتعرف على منتجاتها ‏التي من ضمنها النبيذ الفرنسي.  و لا أسَوِقُ للفكرة طبعاً (تناول النبيذ) ولا أشجع على ‏تناوله ولكن تناول النبيذ الفرنسي ليس شرطاً  لدخول المعرض؛ فلا أتصور أن ساقي النبيذ ‏يقف على باب السفارة بقِربة نبيذ أو وعاء يشبه وعاء بياع التمر هندي يعزف على صحونه ‏ألحاناً جميلة ويلزم الداخل للسفارة بشربه. هو عرض من ضمن العروض؛ فمن شاء أن لا ‏يقرب ذاك الجناح فلا جناح عليه. ‏
 
وفي حدود معلوماتي أن هاتين السفارتين ليستا الوحيدتين اللتين تقوما بمثل هذا النشاط؛ ‏فمعظم سفارات العالم في الأردن لها دور معين تؤديه حسب رؤيتها ولو من بباب الدور ‏الاجتماعي ومن خلاله تحقق ما تريد؛ فهي ترعى جمعيات خريجي  تلك الدول أو المتزوجين ‏من نساء من تلك الدول، وتتواصل معهم، وتدعوهم لاحتفالات سفاراتها؛ ولا يرى الكثيرون ‏ضيراً في هذا الأمر.  ‏
 
وهنا أطرح أمنية على شكل تساؤل: هل سمعتم مثلاً بنادي أو جمعية الدارسين بالأردن ‏برعاية السفارات الأردنية في الخارج؟  عربياً لم أسمع بدور فاعل لسفارتها في الخارج إلا ‏سفارات الدول الثورية  إياها ولا داعي لذكرها وهي التي تسعى لتصدير ثوراتها إلى الدول ‏الآخرى؛ وكان لها مريدون طبعاً ولم نسمع باحتجاج شعبي حولها. ‏
 
الآن نوجه الحديث لجماعتنا وخاصة ممثلي الشعب في مجلس النواب الكريم: إذا لم ‏تستطيعوا تطوير عمل سفاراتنا الأردنية لتنمي دورها كما يجب بأن تكون واجهة فِعْلِية للأردن ‏فتفعل كما تفعل السفارات الأخرى في بلدنا.  وبدلاً من يكون جل همكم تعيين ابن المسؤول ‏الفلاني سفيراً والعلاني ملحقاً في سفارة كمغترب لمدة معينة مكافأة له بعد خدمة طويلة ‏قبل تقاعده، أو إكراماً لقريبه (الكبير أوي).  ليكن دوركم تطوير مهمة السفارات الأردنية لنراها ‏مِحجا لأبناء البلد المضيف للاستفسار عن الأردن  علميا وصحيا وسياحيا ..... الخ آخره .‏
 
كم تمنيت لو قامت السفارات الأردن بالخارج بمعرض لتسويق الأردن بالجوانب التي ذكرت ‏سابقاً في دارة السفارة نفسها ولتقدم الشنينة  كمشروب وطني بعد القهوة العربية ‏‏(السادة) طبعاً.  عندها هل كنا سنقبل أن يحتج علينا الآخرون بأن هذا المشروب يدوخهم ‏مثلاً وفيه شُبهة معينة.‏
 
ربما يقول قائل: السفير ضيف والضيف  له حدود؛ نعم هذه هي حدوده كما تنص عليه ‏البروتوكولات الدولية والأعراف بين الدول؛ ولو كان الأمر متعلقاً بالجانب الرسمي فقط لتم ‏الاكتفاء بمكتب صغير وكان الله بالسر عليماً.  ‏
فالسفارة الفاعلة لا يجب أن تبقى دائماً في العمارة. ‏


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد