‏أنا خيرٌ منه أصل التطرف ومنبع الإرهاب

mainThumb

24-03-2016 09:18 AM

 منذ أن سنَّ أبليس سُنّة " أنا خيرٌ منه"  في السماء وترجمها قابيل على الأرض بقتله أخيه ‏والعالم مشطورٌ إلى فسطاطين كما قال بن لادن. هناك من يرى نفسه خيراً من الآخر وبناء عليه ‏يبيح لنفسه استخدام كل السبل للقضاء على منافسه.  فكانت حيلة إبليس على سيدنا آدم ‏بقصة شجرة الخلد التي انتهت كما كان مقدراً لها بالنزول إلى الأرض؛ كذلك كانت قصة قابيل مع ‏أخيه هابيل للوصول إلى حق أخيه في زوجه. وكانت النهاية؛ فلا أبليس نال المجد ولا قابيل ‏حصل على الزوجة التي من أجلها قتل أخاه.  وبالمناسبة لا أدري إن كان قابيل وهابيل أنبياء ‏باعتبارهما الوارثين مباشرة لسيدنا آدم؛ كذلك لم أقرأ عن أن هناك أبناء آخرين لسيدنا آدم عليه ‏السلام أم لا.  ‏
 
وبما أن عنصر الخير والطبية المتمثل بهابيل  قد ذهب بذهابه لهذا من جاء بعد قابيل ربما كان هو ‏قدوتهم رغم أنه أصبح من النادمين لاحقاً؛ لكني أتحدث عن جينات. فجينات " أنا خيرٌ منه" تحولت ‏وتطورت حسب الظروف ولكنها كلها في مجملها كانت تحمل رفض الآخر بشتى السبل وتسعى ‏للاستيلاء عليه حتى لو بالقوة والقتل أو أي الأشكال الآخرى حسب الزمن. ‏
 
ثم كانت الفجوة الكبرى  بين الأمم  إلى أن وصلنا للرسالات السماوية من رب المخلوقات إلى ‏خلقه ولا نملك من تفاصيلها إلا ما جاء به القرآن. وما عرفناه أن أصحاب هذه الديانات (وليس ‏الديانات نفسها)  قد جعلوا أنفسهم لمجرد أنهم اتبعوها خيراً من غيرهم من إخوتهم من بني ‏البشر فكانت مقولة "شعب الله المختار" مثلاً عند اليهود التي أعطتهم الفرصة لحرق وإبادة كل ‏من خالفهم دينياً فاستولوا على بلدانهم.  ولا أريد أن أسهب أكثر بموضوع  الديانات حتى لا نقع ‏في المحظور. ‏
 
‏  لكن حتى يكون منظورنا  للأمور شاملاً لا بد من الإشارة إلى أن الأديان جميعاً دون استثناء ‏انقسمت على نفسها إلى مدارس ومذاهب وشِيَع،  وكل شيعة تعطي لنفسها الحق أن تكون ‏هي خيراً من غيرها حتى بين أتباع الدين الواحد فانتشر ما يسمى بالتكفير بين الدين الواحد ‏وانتشر مفهوم الفئة الناجية و الفئة الباغية مثلاً عند المسلمين؛ لا بل قد تجد بعض الفرق ترأف ‏بأتباع الديانات الأخرى وتستبيح دم أبناء من هم على دينها.  والشيء بالشيء يُذكر يجب التنويه ‏بأن عند الإخوة المسيحيين من يعتبر نفسه أكثر مسيحية من غيره. ‏
شهدت نهاية القرن  الماضي وبداية القرن الحديث ظهور التيارات  الدينية في هذه المنطقة ‏تحديداً وكلها تحمل في أحشائها أجنة إبليس وقابيل " أنا خيرٌ منه" والنتيجة هي ما نرى من قتل ‏وتشريد، ويفتخر أصحاب هذا الاتجاه بذلك ويتقربون إلى الله به.  ‏
وامتدت مقولة أنا خيرٌ منه إلى السياسية حيث تم تطويع مفهوم " أنا خير منه" عند السياسة ‏والسياسيين  منذ القدم أيضا لاحتلال الدول الأخرى والاستيلاء على مقدراتها وخيرات شعوبها، ‏فكانت موجات الاستعمار القديم الحديث لكل بلد فيه خير. باعتبار المستعمرين شعوباً مختارة ‏أعطت لنفسها الحق أن تأكل الآخرين وتستعبدهم وتبيدهم ثم تبني فوقهم دولاً تنادي بحرية ‏الانسان والديمقراطية والعدالة.‏
 
كذلك تجد هذه المقولة أيضاً  في الجوانب الاجتماعية في حياتنا فانقسم أبناء المنطقة الواحدة ‏الى أقسام وكلٌ منها ينظر للآخر على نظرية (أنا خيرٌ منه) ويتوجب عليه أن يخضع له؛ وإذا ‏بحثت في مجتمعات البشر وخاصة العربية منها  لوجدت هذا جلياً. ‏
و لا أبالغ كذلك إن قلت أنه الخيرية الفوقية هذه قد وصلت لمواقع التواصل الاجتماعي والثقافي ‏فهناك أيضا من يعتقد أنه خيرٌ من الآخرين.‏
 
أعرف طبعاً " إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، ولكن حديثي كان عن البشر؛ وبناء على ما سبق ‏فهناك إرهاب رجال دين وإرهاب سياسي واقتصادي عند من منحه الله المال وفكري وثقافي ‏واجتماعي وربما أُسري أيضاً.  فكل من لا يسعى للتكامل مع غيره  ويرفض التعامل معه يحمل ‏في جيناته " أنا خيرٌ منه". ‏
 
دمتم بخير.‏
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد